دعوات نقابية وعمالية وإدارية لإعلان الدولة.. اصطفاف جنوبي وراء المسار التحرري
تمثل الحاضنة الكبيرة للفعاليات الشعبية التي يشهدها الجنوب العربي في هذه الآونة، دافعًا قويًّا لتوطيد مسار الجنوب من أجل نيل استقلاله وحريته، وتأكيدًا بأن هناك إرادة لا يمكن النيل منها.
ففي خضم فعاليات واعتصامات تلت انتصارات القوات المسلحة الجنوبية مؤخرًا للتأكيد على حق استعادة الدولة كاملة السيادة، صدر بيان مهم عن الاتحادات النقابية والعمالية والإدارية، ومنظمات المجتمع المدني في الجنوب.
البيان قال إن الاتحادات والنقابات العمالية والإدارية، ومنظمات المجتمع المدني في الجنوب، تتابع بمسؤولية وطنية ومهنية، ما تشهده الساحة الجنوبية من حراك شعبي واسع واعتصامات سلمية غير مسبوقة، عمّت كل ميادين وعواصم محافظات ومدن وقرى الجنوب، من المهرة حتى سقطرى وباب المندب، عبّر من خلالها الملايين من أبناء الشعب الجنوبي عن إرادتهم الحرة ومطلبهم الصريح باستعادة دولتهم، ومناشدتهم سيادة الرئيس القائد عيدروس قاسم الزُبيدي اتخاذ الخطوة التاريخية بإعلان دولة الجنوب العربي.
أضاف البيان أن هذا الحراك السلمي المنظّم يأتي في إطار ممارسة مشروعة للحقوق والحريات الأساسية المكفولة بموجب المواثيق الدولية، وفي مقدمتها الحق في التجمع السلمي وحرية الرأي والتعبير، وهو تعبير صادق عن وعي جمعي ناضج وإرادة شعبية راسخة تسعى لاستعادة الحقوق الوطنية المشروعة لشعب الجنوب، وفق قواعد القانون الدولي العام ومبادئ العدالة وحقوق الشعوب.
وبحسب البيان، جاءت هذه التطورات الشعبية متزامنة مع تحولات ميدانية فارقة، عقب النجاحات العسكرية النوعية التي حققتها القوات المسلحة الجنوبية في عدد من المحافظات، وفي مقدمتها حضرموت والمهرة، وأخرها عملية الحسم في محافظة أبين، والتي أسهمت في ترسيخ السيطرة الفعلية على الأرض، وتعزيز الأمن والاستقرار، وتحييد مصادر التهديد الإرهابي، بما ينسجم مع الالتزامات الدولية في مكافحة الإرهاب، وحماية المدنيين، وتأمين الممرات الدولية.
وتأكيدًا لحجم الاصطفاف، أكدت منظمات المجتمع المدني والاتحادات والنقابات الجنوبية أن التلازم بين الإرادة الشعبية والتقدم الميداني يشكّل لحظة تاريخية مفصلية في مسار استعادة السيادة الوطنية الجنوبية، وقالت إن استعادة القرار الجنوبي لم يُعد خيارًا سياسيًا فحسب، بل ضرورة وطنية حقوقية وأخلاقية تمليها مسؤولية حماية الإنسان الجنوبي وصون كرامته، وإنهاء عقود من الظلم والمعاناة والانتهاكات الجسيمة لحقوقه السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
البيان تضمن الإعلان عن مواقف ثابتة وراسخة، حيث أكدت الاتحادات والنقابات ومنظمات المجتمع المدني الجنوبية دعمها الكامل والثابت للقوات المسلحة الجنوبية، وتثمّن تضحياتها الوطنية في سبيل تعزيز الأمن والاستقرار والدفاع عن الأرض والإنسان، باعتبارها المؤسسة الوطنية الشرعية المعنية بحماية المدنيين، ومكافحة الإرهاب، وارساء الأمن والاستقرار وفقًا لمبادئ القانون الدولي الإنساني.
الاتحادات والنقابات ومنظمات المجتمع المدني عبرت عن تثمينها واعتزازها بالحشود الشعبية السلمية التي خرجت في مختلف محافظات وساحات وميادين الجنوب، وتؤكد أن هذا الحراك يمثل ممارسة حضارية ورسالة واضحة لا تقبل التأويل، مفادها أن إرادة شعب الجنوب لا يمكن تجاوزها أو الالتفاف عليها في أي ترتيبات سياسية قادمة.
في الوقت نفسه، دعا البيان سيادة الرئيس القائد عيدروس قاسم الزُبيدي رئيس المجلس الانتقالي، القائد الأعلى للقوات المسلحة الجنوبية، إلى الاستجابة لإرادة شعبه، واتخاذ القرار التاريخي بإعلان دولة الجنوب العربي بحدودها الدولية المعترف بها قبل عام 1990، بما يجسّد تطلعات الشعب الجنوبي، وتتويجًا لمسيرة نضالية طويلة قدّم فيها شعبنا تضحيات جسيمة في سبيل حريته وكرامته.
كما دعت الاتحادات والنقابات ومنظمات المجتمع المدني الجنوبية دول التحالف العربي، والمجتمع الدولي، والاتحادات والنقابات والمنظمات الإقليمية والدولية، إلى التعامل مع القضية الجنوبية باعتبارها قضية شعب وحقًا أصيلًا، ودعم حق شعبنا في إقامة دولته الحرة المستقلة، وفقًا لميثاق الأمم المتحدة ومبادئ القانون الدولي، بما يسهم في تعزيز الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي.
وثمنت الاتحادات والنقابات ومنظمات المجتمع المدني الجنوبية الدور الإيجابي والدعم الإنساني والسياسي والعسكري الذي قدّمته دول التحالف العربي، وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، والذي كان له أثر بالغ في حماية المدنيين، ودعم جهود مكافحة الإرهاب، وتمكين الجنوب من مواجهة التحديات الأمنية.
وطالبت بأن تكون الدولة الجنوبية المنشودة دولة قانون ومؤسسات، قائمة على العدالة الاجتماعية، واحترام حقوق الإنسان، وضامنة للحريات النقابية والمهنية، وملتزمة بالمواثيق والاتفاقيات الدولية، وشريكًا فاعلًا ومسؤولًا في ترسيخ الأمن والاستقرار للجنوب ولكافة شعوب المنطقة والعالم، وتعمل على بناء علاقات متوازنة قائمة على حسن الجوار، والاحترام المتبادل، وعدم التدخل في شؤون الآخرين.
بيان الاتحادات والنقابات ومنظمات المجتمع الجنوبي يحمل أهمية بالغة كونه يأتي في التأكيد على موقف جنوبي راسخ وهو يتضمن اصطفافًا وراء المجلس الانتقالي لإعلان دولة الجنوب العربي وتفويضًا للقيادة الجنوبية لمواصلة الطريق التحرري.
البيان يشكّل محطة سياسية واجتماعية بالغة الأهمية، عكس من خلالها موقفًا موحدًا داعمًا للفعاليات الشعبية التي جاءت عقب الانتصارات الميدانية التي حققتها القوات المسلحة الجنوبية في وادي حضرموت والمهرة وأبين، وعكس حالة من التلاحم بين المؤسسات المدنية والقوى الشعبية من جهة، والمؤسسة العسكرية الجنوبية من جهة أخرى، في لحظة مفصلية تمر بها قضية الجنوب.
وكان لافتًا التأكيد على أن هذه الانتصارات لم تكن مجرد نجاحات عسكرية، بل مثّلت استعادة لثقة المجتمع بقدرة أبنائه على حماية الأرض وصون القرار، وهو ما يسهم في رفع الروح المعنوية وتعزيز الالتفاف الشعبي حول المشروع الوطني الجنوبي.
كما حمل البيان دلالة سياسية واضحة من خلال دعوته الصريحة إلى إعلان دولة الجنوب العربي، باعتبار ذلك استحقاقًا تاريخيًا يلبي تطلعات الشعب ويترجم تضحياته الممتدة.
تكمن أهمية هذه الدعوة في أنها صادرة عن مكونات نقابية ومدنية تمثل شرائح واسعة من المجتمع الجنوبي، الأمر الذي يمنحها وزنًا معنويًا ويعزز الحاضنة الشعبية لقضية الجنوب العادلة . كما يعكس البيان وعيًا متقدمًا بدور المجتمع المدني في دعم المسار السياسي، وترسيخ الشراكة المجتمعية في بناء الدولة المنشودة على أسس العدالة والسيادة والاستقرار.