استقرار الإقليم يبدأ من الجنوب العربي.. ركيزة الأمن ومعادلة الاستقرار
حقيقة دامغة ترسخت في معادلات المنطقة مفادها أن الاستقرار الإقليمي لا يمكن أن يتحقق دون استقرار الجنوب العربي وتمكينه سياسيًا وأمنيًا واقتصاديًا.
فالجنوب العربي، بحكم موقعه الجغرافي الحيوي وثقله الأمني، لم يعد مجرد ساحة للأحداث، بل تحوّل إلى عامل توازن أساسي في محيط يعج بالتوترات والصراعات المفتوحة.
من هذا المنطلق، فإن أي مقاربة جادة لأمن المنطقة لا بد أن تنطلق من الاعتراف بدور الجنوب العربي وحقه في إدارة شؤونه وصناعة مستقبله.
وأثبتت التجربة أن الجنوب العربي، حين امتلك قراره وفرض معادلاته الأمنية، استطاع أن يحدّ من تمدد الفوضى ويكبح جماح التنظيمات الإرهابية، ويؤسس لواقع مختلف قائم على الاستقرار والانضباط المؤسسي.
ولم يكن ذلك وليد الصدفة، بل نتيجة تضحيات كبيرة قدمها أبناء الجنوب، رسّخت قناعة راسخة بأن هذا المسار هو الخيار الوحيد الممكن لحماية الأرض والإنسان معًا.
فالتضحيات التي قُدِّمت في سبيل أمن الجنوب لم تصنع انتصارات عسكرية فحسب، بل صنعت مسارًا وطنيًا متكاملًا لا يمكن كسره أو الالتفاف عليه. فدماء الشهداء، وصمود المقاتلين، وتماسك المجتمع الجنوبي كلها عوامل جعلت التراجع خيارًا مستحيلًا، لأن أي محاولة للعودة إلى الوراء تعني فتح أبواب الفوضى مجددًا، وإعادة إنتاج بيئة خصبة للتطرف والإرهاب، وهي معادلة جربها الجميع وأثبتت فشلها الذريع.
ويدرك الجنوب العربي أن الاستقرار لا يُمنح، بل يُنتزع عبر الإرادة والتنظيم وبناء المؤسسات. ومن هنا، فإن تمكين الجنوب ليس مطلبًا محليًا فحسب، بل ضرورة إقليمية ودولية، لما يمثله من خط دفاع أول في مواجهة التهديدات العابرة للحدود، وحماية خطوط الملاحة والمصالح المشتركة في المنطقة.
وفي هذا الإطار، يبعث الجنوب العربي، برسالة واضحة مفادها أن الاستقرار خيار استراتيجي لا رجعة عنه، وأن أي عبث بالواقع القائم لن يؤدي إلا إلى زعزعة الأمن وإعادة إنتاج الفوضى التي دفعت المنطقة ثمنها باهظًا.
وعليه، فإن الجنوب العربي ماضٍ في مساره بثبات، مستندًا إلى تضحياته وإرادة شعبه، ومؤكدًا أن الاستقرار الإقليمي يبدأ من جنوبٍ آمن، ممكّن، وقادر على حماية نفسه والإسهام في أمن محيطه.