الجنوب العربي بين العدالة الإنسانية والشرعية القانونية
رأي المشهد العربي
تمر قضية شعب الجنوب العربي بمقاربة شاملة تتجاوز حدود الخطاب السياسي التقليدي، لتبني تعاطف سياسي وإنساني وقانوني واسع، يكون قادرًا على إقناع المجتمع الدولي بعدالة الحق الجنوبي في تقرير مصيره.
فهذه القضية لم تعد مجرد مطلب وطني لشعب يسعى لاستعادة دولته، بل باتت مسألة ترتبط ارتباطًا مباشرًا بمستقبل الاستقرار الإقليمي والأمن الدولي في منطقة شديدة الحساسية.
على الصعيد الإنساني، تحمل معاناة شعب الجنوب العربي بعدًا عميقًا يستدعي التفاتة جادة من الضمير العالمي.
فقد عاش الجنوبيون لسنوات طويلة في ظل أوضاع معيشية وأمنية صعبة، نتيجة غياب الحل العادل لقضيتهم، وما ترتب على ذلك من أزمات متراكمة أثقلت كاهل المجتمع، وحرمت أجيالًا كاملة من حقها في حياة كريمة ومستقرة.
كما أن بناء التعاطف الإنساني يبدأ من الاعتراف بهذه المعاناة، وفهم أن استعادة الدولة تمثل بالنسبة لشعب الجنوب بوابة الخلاص من دوامة الأزمات، وليست مجرد شعار سياسي.
أما سياسيًا، فإن دعم حق تقرير المصير لشعب الجنوب العربي ينسجم مع المبادئ التي طالما رفعها المجتمع الدولي، وفي مقدمتها احترام إرادة الشعوب وحقها في اختيار مستقبلها.
وأثبتت التجارب أن تجاهل الإرادة الشعبية لا يؤدي إلا إلى إطالة أمد الصراعات، بينما يشكل الإنصات لصوت الشعوب مدخلًا حقيقيًا لبناء سلام مستدام.
ويعزز البعد القانوني هذا المسار، إذ يستند حق شعب الجنوب العربي في تقرير مصيره إلى قواعد راسخة في القانون الدولي ومواثيق الأمم المتحدة، التي تكفل للشعوب الخاضعة لظروف غير عادلة حقها في تحديد وضعها السياسي بحرية.
ترسيخ هذا الفهم القانوني داخل الأوساط الدولية يسهم في نقل قضية الجنوب من خانة الجدل السياسي إلى إطار الحقوق المشروعة التي لا يجوز إنكارها.
ومن منظور إقليمي ودولي، تتبلور قناعة متنامية بأن استعادة دولة الجنوب العربي تمثل شرطًا أساسيًّا لتحقيق الاستقرار، فقيام دولة مستقلة ذات مؤسسات واضحة وقدرة على ضبط الأمن ومكافحة الإرهاب وتأمين الممرات الحيوية، سيشكل عامل توازن واستقرار في المنطقة. ودعم هذا المسار يعني معالجة جذور الأزمات بدل الاكتفاء بإدارة تداعياتها.
وبذلك، فإن بناء التعاطف السياسي والإنساني والقانوني مع قضية الجنوب العربي يمثل خطوة ضرورية نحو إقناع العالم بأن استعادة دولة الجنوب العربي ليست خيارًا عاطفيًا، بل ضرورة واقعية لضمان استقرار إقليمي دائم، قائم على العدالة واحترام إرادة الشعوب.