تكتل البحر الأحمر.. كيان جديد للحد من قرصنة إيران وتركيا
تشهد المنطقة العربية تطورات متسارعة تقودها المملكة العربية السعودية كبرى دول المنطقة اقتصاديا وسياسيا، وهي تطورات مفاجئة وحاسمة سوف تضع حدا يلجم كلّا من تركيا وإيران، وذلك من خلال رؤية استراتيجية تجمع الدول المطلة على البحر الأحمر وخليج عدن، لأن هذه المنطقة تعتبر من الأهداف المفضلة لدى الإيرانيين والأتراك. ونعرف أن الطرفين التركي والإيراني يتحركان في المنطقة وفق أجندة عسكرية وأخرى اقتصادية.
ووفقًا لصحيفة "العرب" والآن يتم قطع الطريق على أطماع إيران وتطفل تركيا في الآن ذاته، وكان هناك استغلال واضح للأوضاع الاقتصادية في دول القرن الأفريقي، وعبر هذا المحور تجري محاولات اختراق إيرانية وتركية، مما تطلب تحركا لوقف أي اختراقات مستقبلية لدول تقع على تماس مع أحد أهم المعابر المائية العالمية وهو البحر الأحمر. ولعل التداخل بين الجانبين الاقتصادي والأمني في دول حوض البحر الأحمر يضع التنسيق بشأن هذين المحورين في واجهة أهداف الكيان الإقليمي الجديد. ومن خلال تشجيع الاستثمار وحماية الاستقرار يتحقق وقف الاختراقات الإيرانية والتركية التي كانت تزحف باتجاه بعض دول المنطقة.
ترتكز تركيا في تطفلها على استثمار خيبتها الدائمة وانكسارها وفشلها المعتاد في الالتحاق بالاتحاد الأوروبي، عبر محاولة التسلل من جديد إلى العالم العربي لتعويض ذلك الفشل، مقابل إحياء التسلط العثماني القديم، ولكن بثوب جديد. بينما يشير الواقع إلى أن الحلم التركي صعب المنال ولن يجد الأرض العربية مفروشة أمامه بالورود، لأن ماضي الاحتلال العثماني للمنطقة العربية كان سيئا، ولا تزال الذاكرة تختزن أسوأ ما قام به الأتراك الذين فشلوا في خلق تجانس ثقافي مع العرب رغم المشترك الديني.
لكن قطر كانت الوحيدة التي فتحت ذراعيها للأتراك واستقبلت طلائع عسكرية تركية تحت ستار التعاون المغلف بأيديولوجيا إخوانية تتحكم بنهج وسياسة البلدين الداخلية والخارجية. وبهدف مناكفة جيرانها سلمت الدوحة سيادتها للاختراق التركي بكل سهولة. وهذا الأمر فتح الباب واسعا أمام دول الخليج الكبرى ممثلة بالإمارات والسعودية لكي تتخذ ما ينبغي اتخاذه من إجراءات، إضافة إلى بحث التصورات المستقبلية المطلوبة لحماية أمن المنطقة من العابثين والمتاجرين بالأمن القومي للخليج، وهو عبث يتم لصالح أيديولوجيا الإسلام السياسي الذي تتمحور أفكاره حول السيطرة على السلطة والثروة، بهدف دعم مشروع خلافة وهمية، وأن مشروع “داعش” في العراق أحد اختباراتها الفاشلة.
أما المحفزات التي تثير جنون إيران وتدفعها إلى تحريك أذرعها لتهديد أمن البحر الأحمر فقد تزايدت مؤخرا، وخصوصا بعد حزمة العقوبات الأميركية الجديدة التي أدت إلى تناقص حجم الصادرات النفطية الإيرانية، مما يدفع بطهران إلى البحث عن وسائل للانتقام والإعلان عن وجودها بأي طريقة، بما فيها إقلاق أمن البحر الأحمر والتلويح بتهديد منافذ الملاحة الدولية.
وحسب التحليلات التي تطرقت إلى آفاق الكيان الذي يجمع الدول المطلة على البحر الأحمر وخليج عدن، فإن الهدف من التنسيق بين الدول الأعضاء هو وضع حد لمختلف أشكال القرصنة في البحر الأحمر، والتي تتخذ أشكالا مختلفة، من الواضح أن بعضها يتم برعاية إيرانية مباشرة، أو باسم البحث عن نفوذ وحضور تركي على حساب دول حوض البحر الأحمر.
لا ننسى كذلك الأهمية الاقتصادية للملاحة عبر البحر الأحمر الذي تنقل عبره السفن التجارية بضائع تبلغ قيمتها ما يوازي 2.5 تريليون مليار دولار، وتمثل في مجملها حسب الإحصاءات ما يساوي 13 بالمئة من التجارة العالمية.
وفي المحصلة النهائية سوف يؤدي كيان دول البحر الأحمر إلى تبديد أحلام تركيا وطموحات رجب طيب أردوغان، لأن الكيان الجديد يجمع الدول المطلة على البحر الأحمر وخليج عدن ويوحدها ضد التهديدات التركية إلى جانب الأطماع الإيرانية التي تطل برأسها في كل فترة وتصنع لها عملاء ومجموعات مسلحة. ولا يمكن في الوقت ذاته استبعاد حاجة السعودية إلى إطلاق سياسة إقليمية جديدة تقوم صياغتها وتنفيذها لتحديد أسلوب التعاطي مع تركيا، لأن أنقرة لم تتوقف عن استفزاز السعودية.