تجنيد الأطفال ومحارق الحوثي.. ودور السعودية في إنقاذ المستقبل
الاثنين 7 يناير 2019 19:59:29
رأي المشهد العربي
في ظل ما يشهده اليمن من حروب ووضع مأساوي، يبزغ من بين فوهات الرصاص أمل جديد، يتمثل في إعادة تأهيل الأطفال المجندين في الحرب، هدفه لملمة جراح الصبية وعودتهم إلى حياتهم الطبيعية، وإنقاذ مستقبل اليمن من طائفية وعنصرية ستحملها عقول الأطفال للمستقبل إن لم يتم إنقاذها من بين براثن الحوثي.
ويبقى للمملكة العربية السعودية الدور الأول في إعادة أطفال اليمن المجندين لحياتهم الطبيعية من جديد، وذلك من خلال مشروع إعادة تأهيل الأطفال وإعادتهم للحياة، الذي يعد أكثر المشاريع إنسانية، إذ اكتسب أهميته من حجم المأساة التي يعيشها أطفال الحرب في اليمن.
ووفقًا لمدير المشروع عبد الرحمن القباطي، فإن الانتهاكات التي تعرّض لها الأطفال في اليمن كانت متنوعة، وكان أولها التجنيد الذي حرمهم من طفولتهم، فكانت الحاجة الملحة إلى إعادة تأهيلهم، وهو ما وافق مهمة مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية ومؤسسة وثاق للتوجه المدني.
وأوضح القباطي أن المشروع -الذي انطلق في محافظة مأرب في أغسطس 2017- يستهدف إعادة تأهيل ألفي طفل يمني من متضرري الحرب، وقد تمكَّن حتى الآن من إعادة تأهيل 241 طفلًا، ويعمل حاليًا على تأهيل 80 آخرين.
وبيَّن أن المركز يحرص على تقديم برنامج مكثف طيلة شهر كامل، يتخلله إعداد نفسي واجتماعي ورياضي تحت إشراف مختصين، وتتم مراقبة كل حالة على حدة، والعمل على علاجها من الصدمات النفسية.
وتتبع مليشيات الحوثي الانقلابية طرقًا ملتوية لاستقطاب الأطفال، عبر وعود بالمال وتوزيع السلاح، والإجبار والاختطاف من المدارس، وإكراه عدد منهم على القتال مقابل إطلاق سراح أقربائهم من سجون المليشيات، بحسب وكالة (أسوشيتد برس) الأمريكية، التي أجرت لقاءً مع ١٨ طفلًا في مخيمات النازحين ومركز إعادة تأهيل الأطفال الذين كانت المليشيات الحوثية قد جندتهم في اليمن.
وكشفت تقارير عدة عن أن مليشيات الحوثي تقوم بتجنيد الأطفال وقتل براءتهم، كما ذكر تقرير لوكالة (أسوشيتد برس) أن مليشيات الحوثي -الموالية لإيران- جندت أكثر من ١٨ ألف طفل، تبلغ أعمار بعضهم ١٠ سنوات، وأرغمتهم على المشاركة في الحرب الدائرة في اليمن منذ نحو ٤ سنوات.
وأوضح تقرير الوكالة أن هؤلاء الأطفال تم إحضارهم من منازلهم بالقوة، ودفعهم للقتال في الصفوف الأمامية ضد القوات الحكومية، واستندت الوكالة في معلوماتها إلى مصادر داخل صفوف المليشيات وإلى مقابلات شخصية مع ١٨ طفلًا تم تجنيدهم في صفوف الحوثيين بالقوة.
ومن جانبه، أكد وزير الإعلام في حكومة عبد ربه منصور هادي أن التحقيق الصحفي الذي نشرته وكالة (أسوشيتد برس) الأمريكية كشف عن خفايا صادمة عن تجنيد الأطفال من قِبل المليشيات الحوثية الانقلابية.
وفي تغريدات عبر حسابه على موقع التدوينات المصغرة (تويتر)، قال الإرياني إن التحقيق احتوى على قصص وشهادات مرعبة لأطفال بعُمر الزهور، ألقت بهم المليشيات في محرقة الموت، وتم إرغامهم على القتال بشكل قسري في صفوفها.
وفي وقت سابق من الأسبوع الماضي، كشف فيلم وثائقي جديد عن جريمة تقوم بها مليشيات الحوثي بتجنيد الأطفال لحمل السلاح في ساحات القتال، وقد يتحول الأطفال الذين يجرى تجنيدهم إلى قنبلة موقوتة في المستقبل، إذا تُرِكوا بين أيدي المليشيات التي تشحنهم بالعنف وتحرضهم على المزيد من القتال وتلطخ أيديهم بالدماء.
ووثَّق الفيلم الوثائقي -الذي يحمل عنوان "دون السن"- شهادات حية وصادمة لأطفال بشأن تجربة تجنيدهم من قِبل المليشيات الانقلابية.
ووفقًا لإحصاءات صحفية عدة بشأن اغتيال براءة الأطفال، فقد اغتالت المليشيات الإرهابية براءة الكثير من الأطفال في اليمن حين اقتادتهم -وهم لا يزالون في سن مبكرة- إلى ساحة الحرب، بعدما غسلت عقولهم بأيديولوجية متطرفة ودربتهم عسكريًا، حيث يُشَكِّل الزج بالأطفال الصغار في معارك عبثية انتهاكًا للأعراف والمواثيق الدولية، وسط دعوات متزايدة لمنظمات حقوق الإنسان إلى الدخول على الخط وفضح التجاوزات.
ونبَّه تقرير سابق لمنظمة سياج الحقوقية في اليمن إلى أن نسبة تجنيد الأطفال في صفوف الحوثيين ناهزت 50%.
ويضطلع الأطفال بأدوار أساسية في القتال، مثل حراسة نقاط التفتيش، وحمل السلاح، بحسب تقرير لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، ويتضح هول ما يحدث أكثر مع رقم بلغ ٨٤٨ طفلًا دون سن العاشرة جندهم الحوثيون خلال عام واحد فقط، ولا يُعرف تحديدًا كم منهم قضى نحبه في القتال.
وطبقًا للإحصاءات، فإن قرابة ٦ آلاف طفل يمني تعرضوا للقتل أو الإصابة أو الإعاقة أو التشريد، فيما بات آخرون أيتامًا أو منقطعين عن الدراسة.
لذلك فإن الموقف السعودي بإعادة تأهيل الأطفال اليمنيين كان بمثابة طوق نجاة للشعب المكلوم، الذي عصفت به أزماته وأحزانه، وبات مستقبله مهددًا بالطائفية والدماء مع استمرار هؤلاء الأطفال في صفوف المليشيات.
ومن ناحيته، قال مدير مركز إعادة تأهيل الأطفال إن المليشيات أثرت تأثيرًا مباشرًا وكبيرًا على الأطفال، من خلال عملية الاستقطاب الممنهج، إذ استغلت الأطفال وعملت على تجنيدهم طائفيًا، وفتحت المحاضن الفكرية لاستقبالهم، إضافة إلى استخدام الأناشيد والزوامل التي عملت على استثارة الأطفال، وجعلهم ينقادون معها إلى المواقع والمتارس.
ويؤكد القباطي أن المؤسسة تسعى إلى التوسع في المشروع وفتح مراكز قريبة من الحديدة أو حجة أو عدن، لاستقبال العدد الأكبر من الأطفال، إضافة إلى مراكز خاصة بإعادة تأهيل الفتيات.
أما مرتكزات التأهيل -حسب القباطي- فتتمثل في الدعم النفسي والاجتماعي والمساعدة الفردية، من خلال تشجيع الطفل المجند على أن يتحدث عن تجربته، وأحيانًا يتم إدخاله في مناقشة جماعية مع غيره من الأطفال ممن تشاركوا معاناته، إضافة إلى المساندة المستمرة التي تتمثل في متابعة الأطفال المجندين والمتأثرين بعد عودتهم إلى منازلهم ومدارسهم.