العبث الإيراني - الحوثي.. إرهابٌ لوّث سماء حسناء شبه الجزيرة
الأحد 10 فبراير 2019 19:51:00
رأي المشهد العربي
في الأعراف العسكرية، منطقيٌّ أن يملك جيش دولة ما طائرات متنوعة يؤمن بها استقراره وأمنه من خطرٍ محدق، لكنّ عندما تملكها المليشيات فإنّها تكشف النقاب على وجهها القذر والآثم الذي تشعل من خلاله حربًا يدفع ثمنها ملايين اليمنيين.. يحدث ذلك في اليمن.
منذ الحرب التي أشعلتها مليشيا الحوثي الانقلابية في اليمن وهي لا تتوقف على ممارسة أبشع الانتهاكات ومنها هجمات يشنها الانقلابيون بطائرات مسيرة من دون طيار.
تخصّص الميزانيات في المفهوم الاعتيادي للدول والجيوش جزءًا لشراء طائرات من هذا النوع، لكنّ أن يصل هذا النوع من الطائرات إلى قبضة المليشيات يشير إلى مؤامرة مكتملة الأركان تُحاك ضد اليمن والمنطقة.
وفي جهوده الرامية نحو بسط الأمن في البلاد، شنّ التحالف أمس السبت غارات على مراكز القدرات الجوية التي يستخدمها الحوثيون في شن هجمات إرهابية عبر طائرات مسيرة، وهي خطوةٌ تشل القدرات النوعية لدى المليشيات الموالية لإيران، وذلك بغية حماية أرواح المدنيين من هجمات عشوائية يشنها الإرهابيون الحوثيون تنفيذًا لأجندة طهران في المنطقة.
وقال المتحدث الرسمي باسم قوات التحالف العقيد الركن تركي المالكي إنّ قيادة القوات المشتركة للتحالف نفذت عملية عسكرية لتدمير هدف عسكري مشروع، موضحًا أنّ الهدف العسكري المستهدف عبارة عن موقع تستخدمه المليشيات الحوثية لتخزين الطائرات بدون طيار وتجهيز إطلاقها للعمليات الإرهابية في صنعاء.
عملية الاستهداف هذه كانت امتدادًا للعمليتين العسكرية اللتين أطلقتا في 19 و31 من يناير الماضي، حسبما صرّح المتحدث باسم التحالف.
وجرى تنفيذ عملية الاستهداف من قيادة القوات المشتركة للتحالف، ما أدّى إلى تدمير شبكة متكاملة لقدرات ومرافق لوجستية للطائرات بدون طيار تتبع للمليشيات الإرهابية وأماكن تواجد الخبراء الأجانب، فيما أكّد "المتحدث" التزام قيادة القوات المشتركة للتحالف بمنع وصول واستخدام المليشيات وكذلك التنظيمات الإرهابية الأخرى لمثل هذه القدرات النوعية، واتخاذ كافة الإجراءات الكفيلة بحماية المدنيين والمناطق الحيوية من تهديد العمليات الإرهابية للطائرات بدون طيار.
وكان الجيش قد تمكّن في مطلع يناير الماضي من إسقاط ست طائرات بدون طيار تابعة لمليشيا الحوثي الانقلابية، وتبيّن أنّها إيرانية الصنع وتحمل كميات كبيرة من المتفجرات.
في تلك الفترة أيضًا، شنّت المليشيات هجوم بطائرة مسيرة إيرانية على عرض عسكري بقاعدة العند في محافظة لحج، أسقط عدد من الشهداء بينهم قيادات بارزة في الجيش، وهو هجوم دلّل على استمرار الإيرانيين في تسليح المليشيات الانقلابية وزعزعة استقرار البلاد.
في تفاصيل هذا الهجوم، وصلت الطائرة الحوثية من نوع "قاصف K2" إلى ارتفاع 20 مترًا فوق القيادة العسكرية الموجودة في منصة الاحتفالات، ثمّ انفجرت لتتفرق شظايا القنابل على الجنود والقادة العسكريين، وهذا النموذج من الطائرات هي تطوير لـ"قاصف-1" الحوثية التي أكد تقرير للأمم المتحدة أنها تشبه نظيرتها الإيرانية من نوع "أبابيل".
اللافت أنّه بعد ساعات من استهداف قاعدة العند الجوية، تحدّثت المليشيات الحوثية عن استهداف مواقع عسكرية سعودية بنفس الطائرة دون طيار في عسير.
وإزاء كل ذلك، تظل التساؤلات محلقةً في سربٍ من الحيرة، عن سبب عدم الردع الدولي لهذه المليشيات والنظام الإيراني للتوقف عن هذا العبث القاتل والمروّع.
في فبراير 2017، زعم قائد المليشيات الحوثية عبد الملك الحوثي أنّهم بدأوا صناعة طائرات بدون طيار، وقال إنّ هناك مسارات تصنيع للمدفعية والقذائف، لكنّ ذلك لم يكن مقعناً لكثيرين، وسرعان ما وجّهت أصابع الاتهام إلى طهران، حيث أكّد التحالف أنّها صناعة إيرانية، ما يكشف عن هذا الوجه القذر تجاه العبث بأمن البلاد وتعريض حياة المدنيين للموت عن طريق الإرهاب الحوثي.
وهناك أدلة كثيرة على التسليح الإيراني للحوثيين، بينها ما عرضته الولايات المتحدة قبل أشهر من بقايا أسلحة إيرانية زودت طهران المليشيات، لتؤكد بأنها دليل حاسم على أن إيران تنتهك القرارات الصادرة عن الأمم المتحدة، في إطار مشروعها القائم على ضرب استقرار دول المنطقة عبر أذرعها الطائفية.
وشملت تلك الأدلة بقايا متفحمة، وأكدت وزارة الدفاع الأمريكية أنّها من صواريخ باليستية قصيرة المدى إيرانية الصنع أطلقت من اليمن في الرابع من نوفمبر 2017 على مطار الملك خالد الدولي خارج العاصمة السعودية الرياض، إضافة إلى طائرة بدون طيار وذخيرة مضادة للدبابات.
وآنذاك، عبّرت السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة نيكي هيلي، عن ثقتها في أن طهران تتحمل مسؤولية نقل تلك الأسلحة للحوثيين في اليمن، وقالت - في مؤتمر صحفي في قاعدة عسكرية على مشارف واشنطن: "هذه الأسلحة إيرانية الصنع.. وأرسلتها إيران.. ومنحتها إيران".
كما عرضت الوزارة شرحًا مفصلًا بكل الأسباب التي دفعتها للاعتقاد بقدوم الأسلحة من إيران، لافتةً إلى علامات تجارية إيرانية على أجزاء أسلحة والطبيعة المميزة لتصميم الأسلحة الإيرانية، وشمل ذلك تصميمات صواريخ "قيام" البالستية قصيرة المدى، حيث حصلت على أجزاء لصاروخين من هذا الطراز أطلق أحدهما يوم الرابع من نوفمبر على المطار وأطلق الآخر يوم 22 يوليو، مستشهدةً بوجود علامات تجارية قالت إنها مطابقة لعلامات شركات دفاع إيرانية على أجزاء تستخدم في توجيه محركات الصواريخ وعلى لوحة دوائر كهربائية تستخدم في نظام توجيهها.
وفي مسار آخر، تحدّثت مجلة "جاينز" البريطانية عن تقارير أمنية في محافظة مأرب، أشارت إلى ضبط طائرات بدون طيار كانت في طريقها إلى الحوثيين يتم تخزينها بشكل جيد في مواد حساسة إلكترونية وغيرها، وأفادت مصادر عسكرية بأنّ الحوثيين يحصلون على الطائرات كقطع غيار ثمَّ يعاد تركيبها داخل الأراضي اليمنية.
وذكر تقريرٌ صدر عن لجنة خبراء الأمم المتحدة أنّ الطائرات بدون طيار تمّ تجميعها من مكونات مصدرها خارجي (طهران) وتم شحنها إلى اليمن، وأنّ طراز "قاصف" أو "المهاجم" متطابق تقريبًا في التصميم والأبعاد والقدرات التي تتمتع بها أبابيل-T ، التي تصنعها شركة إيران لصناعة الطائرات.
وفي دليل آخر على التورط الإيراني، كشفت مجموعة "أبحاث التسلح في الصراع"، بعد فحص طائرات بدون طيار استخدمها الحوثيون وحلفاؤهم لتحطيم بطاريات صواريخ باتريوت في المملكة العربية السعودية، أنّ أحد الأرقام ينتمي لطائرة مماثلة تملكها الميليشيات الإيرانية في العراق.
تفضح هذه الجرائم عديد الانتهاكات التي ترتكبها المليشيات الحوثية الإيرانية وهو ما يستدعي تدخلًا دوليًّا عاجلًا، يردع ما بات يُوصف بالعبث الانقلابي في البلاد.