المليشيات توصد الأبواب الفاضحة.. حربٌ على منظمات المجتمع المدني
"باب يجي منه الريح سده واستريح".. تطبق مليشيا الحوثي هذا المثل الدارج عربيًّا، ففي الوقت الذي تكشف فيه منظمات المجتمع المدني جرائم الانقلابيين، اختاروا هم الحل الأسهل والمعتاد، وهم رفع شعار القمع والترهيب.
في أحدث تحرُّك ضمن هذا السياق، منعت المليشيات الإرهابية تسجيل أو تجديد الترخيص للمنظمات والنقابات في صنعاء والمناطق التي لا زالت خاضعه لسيطرتها.
ووجّه رئيس حكومة الانقلابيين الحوثيين "غير المعترف بها دوليًّا" عبد العزيز بن حبتور، بمنع وتوقيف منح وتجديد أي تراخيص تخص المنظمات.
يُمثل هذا الإجراء تصرفاً غير شرعى ويُقيِّد عمل الحريات النقابية، تضاف إلى سلسلة الإجراءات التى اتخذتها السلطات الانقلابية فى صنعاء المخالفة لكافة القوانين.
هذه ليست المرة الأولى التي تستهدف فيها المليشيات منظمات المجتمع المدني، ففي نوفمبر الماضي أوقف الانقلابيون كل الأنشطة الإنسانية المحلية التي تتبناها منظمات المجتمع المدني غير التابعة للمليشيات في من أجل احتكار هذه الأنشطة وتسخيرها لأهدافها الطائفية.
آنذاك، أصدر أحمد حامد القيادي في المليشيات الموالية لإيران المُعيَّن من قبل الإرهابيين مديراً لمكتب رئيس مجلس حكمها الانقلابي مهدي المشاط، توجيهاً إلى وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل الخاضعة للجماعة في صنعاء يقضي بمنع منح أي تصريح جديد للعمل الطوعي الإنساني باستثناء المنظمات التابعة للجماعة.
توجيهات المليشيات حصرت الاستثناءات في السماح بالعمل الطوعي للمنظمات التابعة للأشخاص الموالين لها، على أن يتم منح الترخيص مباشرةً من قبل "حامد"، بتفويضٍ من المشاط.
كما تعمّدت المليشيات خلال السنوات الماضية إنشاء العشرات من المنظمات المحلية تحت لافتة العمل الإنساني، وأوكلت إليها السطو على أغلب المساعدات الإنسانية الدولية وتسخيرها لاستقطاب المجندين وخدمة الأهداف الطائفية للجماعة.
ودفع الكثير من النشطاء، رجالًا ونساءً، أثمانًا باهظة جرّاء عملهم على الكشف عن الجرائم التي ترتكبها المليشيات الحوثية في مناطق سيطرتهم، والتي تصل إلى حد الاختطاف والتعذيب وصولاً إلى القتل.
وفي مطلع فبراير الجاري، اختطفت المليشيات، الناشطة أوفي النعامي المدير التنفيذي لمنظمة "سيفرورلد" الدولية في اليمن وزميلها الحسن القوطري، ووجّهت اتهامًا غريبًا لـ"أوفى" يتعلق بتنفيذ برامج لبناء السلام وتمكين المرأة.
المليشيات الحوثية اعتبرت الترويج للسلام في ظل الحرب بأنّه تنفيذ لأجندة غربية وصهيونية, من خلال حث الناس عن التقاعس على القتال، كما وجّه الحوثيون، للناشطة بالعمالة والخيانة والتجسس وكذا لـ"زميلها", وتمّ إيداعها سجن الأمن القومي, فيما رفضوا الإفصاح عن أي معلومات عنها.
اللافت أنّ المليشيات تعتبر الدعوة للسلام جريمةً، في وقتٍ تملأ العالم ضجيجًا بأنّها تسعى لتحقيق السلام في اليمن ودعم الجهود الأممية الرامية في هذا الصدد، بيد أنّ جرائمها التي تتكشف يومًا بعد يوم، توضح زيف الحوثيين وتفضح سعيهم نحو استمرار الحرب وإغراق البلاد في أتون حربٍ لا تنتهي.
مثل هذه المنظمات الحقوقية تكشف الجرائم التي ترتكبها المليشيات الحوثية أمام العالم، فمثلاً وثّق التحالف اليمني لرصد انتهاكات حقوق الإنسان باليمن في نوفمبر الماضي، 129 جريمة قتل لنساء، وإصابة 122 أخريات جراء قصف ميليشيات الحوثي والألغام التي زرعتها، علاوة على اختطاف 23 امرأة.
التحالف وصف ممارسات الحوثيين بـ"أبشع أنواع الانتهاكات"، وتشمل التشويه والتحرش الجسدي واللفظي واستغلال المرأة في الأعمال الأمنية وغيرها، وحرمانها من التعليم والعمل وإجبارها على الزواج المبكر.
المنظمة اليمنية لمكافحة الاتجار بالبشر كشفت هي الأخرى، أنّ ميليشيا الحوثي الموالية لإيران ترتكب انتهاكات خطيرة بحق النساء في صنعاء، وتختطف العشرات منهن.
وأكّدت المنظمة أنّ الحوثيين يمارسون وبشكل غير مسبوق في تاريخ البلاد، أبشع أنواع التعذيب بحق النساء المختطفات.
كذلك، تعد الألغام المضادة التي يزرعها الحوثيون من أهم الوسائل التي تحصد أرواح النساء كما غيرهم من الشعب اليمني، كما تعرّضت نساء كثيرات لإعاقات دائمة جرّاء ذلك.
منظمة "رايتس رادار" الحقوقية أصدرت تقريراً هي الأخرى، كشفت فيه أنّ سيدات تعرضن من قِبل مليشيا الحوثي لحالات عنف وتحرش لفظي وجنسي وانتهاكات جسدية وصلت حد الاغتصاب والقتل وحالات زواج قاصرات، بالإضافة إلى حالات إصابات واحتجاز غير قانوني، وكذا الحرمان من التظاهر والوقفات الاحتجاجية، وإعاقة المرأة عن الحصول على حقوقها في التعليم والرعاية الصحية.
وبيّن التقرير ارتكاب نحو 20 ألف انتهاك ضد اليمنيات ارتكبتها مليشيا الحوثي بعد ثلاث سنوات من الانقلاب، وتضمّن ذلك عمليات قمع مروعة، وهدرًا لكرامة المرأة اليمنية، وحرمانها من أبسط الحقوق.
كما فرضت المليشيات - وفق المنظمة - الإقامة الجبرية على مئات الناشطات والقيادات النسائية، وتهديدهن بالقتل في حال مخالفتهن لذلك، حيث يختطف الحوثيون، النساء ويُجبرون أسرهن على تزويجهن بالقوة لمقاتليهم، كما يتم استغلال النساء وغالبيتهن من الأرامل والزج بهن في أنشطة عسكرية تخالف تقاليد اليمنيين وأعرافهم.