حصبة الحوثي.. المليشيات تنشر العدوى وتُشوِّه اللقاح
يومًا بعد يوم، يدفع اليمنيون أثماناً فادحة جرّاء الحرب العبثية التي أشعلتها مليشيا الحوثي الانقلابية في البلاد، بعدما تسبّبت في تفشي الكثير من الأمراض القاتلة.
أحدث التقارير في هذا القطاع، صدرت عن منظمة الصحة العالمية التي كشفت أنّ أكثر من 220 شخصاً توفوا العام الماضي في اليمن جرّاء إصابتهم بمرض "الحصبة".
وقالت المنظمة إنّ مرض الحصبة سجّل انتشاراً كبيراً في البلاد جرّاء تدهور الخدمات الصحية، مشيرةً إلى أنّه في العام 2018 توفي أكثر من 220 شخصاً فيما بلغ عدد حالات الإصابة أكثر من 24 ألف شخص.
و"الحصبة" مرض فيروسي شديد العدوى يمكن أن يسبب فقدان السمع واعتلالات دماغية لدى الأطفال وقد يؤدي للوفاة في الحالات الشديدة.
تزامن هذا التقرير العالمي مع الكشف عن حملة وُصفت بأنّها "شيطانية" قامت بها وزارة التربية والتعليم في حكومة الانقلابيين غير المعترف بها، أدّت إلى انهيار حملة التحصين التي قادتها منظمة الصحة العالمية ضد وباء الحصبة.
منظمة الصحة العالمية فوجئت أثناء التجهيز لإعطاء اللقاحات الخاصة بوباء الحصبة والحصبة الألمانية للطلاب والطالبات في مدارس صنعاء، برفض واسع من قِبل الأهالي، وذلك بعد إطلاق عددٍ المليشيات الإرهابية حملة تشويه وتحريض علنية ضد اللقاحات.
وتستهدف الحملة الدولية، 14 مليوناً و371 ألفاً و600 طفل ما بين ستة أشهر إلى 15 عاماً لحمايتهم من الأمراض الفتاكة التي تقتلهم في أغلب المناطق اليمنية، وتتعرّض لحملات تشويه وتجهيل من قبل المليشيات الحوثية مجدداً عبر التحريض ضدها وتخويف الناس منها عبر وسائل التواصل الاجتماعي وأطباء محسوبون على المليشيات يعملون في وزارة الصحة العامة والسكان.
في سياق متصل، اعترفت مليشيا الحوثي بأنّ وباء إنفلونزا الخنازير انتشر بحالة كبيرة في صنعاء، في وقتٍ تشهد فيه المناطق الخاضعة للمليشيات الموالية لإيران تفشياً مخيفاً في الأوبئة.
وزارة الصحة في حكومة الانقلابيين غير المعترف بها تحدّثت عن وجود 132 حالة إصابة بهذا المرض لتحتل صنعاء المرتبة الأولى تليها "عمران" ثم إب، كما ذكرت أنّ هذا الوباء لا يزال يُسجّل توسعاً مرعباً، كما تضمّن الاعتراف الحوثي بأنّ هذا المرض الخطير أصبح جائحاً تهدّد حياة الجميع.
الاعتراف الحوثي لم يكن الأول من نوعه عن انتشار هذا الوباء في مناطق سيطرة الانقلابيين وتحديداً في صنعاء، فالخميس الماضي أفادت مصادر طبية بأنّ أمانة صنعاء سجّلت نسبة وفيات كبيرة بإنفلونزا الخنازير، وأرجعت المصادر سبب انتشار المرض إلى تدنى مستوى النظافة العامة وتكدس النفايات.
وفي محافظة إب التي تأتى فى المرتبة الثالثة بانتشار الوباء بعد صنعاء وعمران، سجلت حالة وفاة الأربعاء الماضي وفق مصادر طبية، كما شهدت عشر مديريات فى صنعاء ارتفاعا فى نسبة تفشى هذه الإنفلونزا، بينها مديرية بنى حشيش، وخولان، والحيمة الخارجية، وخولان الطيال وشعوب وبنى الحارث.
وتزامن تفشي الوباء مع طفح كبير للمجاري في صنعاء، بأحياء عدة فى وقت تتعامل فيه المليشيات الحوثية مع هذه التداعيات بعدم اكتراث ومن دون أى تحرك لوضع حد للكارثة البيئية.
وأكّدت مصادر طبية يمنية أنّ المليشيات مستمرةٌ في نهب المساعدات الطبية الدولية وتتاجر بها فى السوق المحلية، فيما تمنع الفرق الطبية التابعة للمنظمات الصحية من تنفيذ حملات تطعيم ضد الأوبئة فى مناطق سيطرتها.
ومنذ أن أشعلت المليشيات الحرب في البلاد، نال القطاع الصحي قسطاً كبيراً من الانتهاكات ضد الشعب، وبحسب تقارير دولية فإنّ المليشيات الحوثية تسبّبت في تفشي الوفاة بالاختناق "الدفتيريا"، وذلك بعد رفض أذرعهم الأمنية دخول جرعات اللقاح، ومن ثم إعادتها إلى البلد المنشأ إضافةً إلى حملة ممنهجة ضد "التلقيح".
وضمن حربها على هذا القطاع الحيوي، احتجزت المليشيات الحوثية في مطلع يناير الماضي، خمس شاحنات أدوية تابعة لمنظمة الهجرة الدولية، كانت فى طريقها إلى محافظة الحديدة.
كانت هذه الشاحنات التابعة لمنظمة الهجرة الدولية قادمة من عدن إلى الحديدة عن طريق محافظة إب، حيث احتجزتها المليشيات الإرهابية فى نقطة التحسين بمدخل محافظة إب، وكانت تحتوي على كمية من الأدوية لعلاج الملاريا والكوليرا وكمية من المغذيات.
قبل ذلك، وتحديداً في نوفمبر الماضي، كشف مسؤولون حكوميون عودة وباء الكوليرا للتفشي في المناطق التي يسيطر عليها الانقلابيون الحوثيون، وبخاصةً في صنعاء. وخلال الأسبوع الأول من نوفمبر الماضي، تمّ تسجيل 31 ألفًا و832 حالة اشتباه في صنعاء وعدد من المحافظات، كما تسبّب تفشي وباء الكوليرا من قِبل المليشيات الحوثية - بحسب منظمة الصحة العالمية - في وفاة أكثر من 1800 شخص وإصابة 356 ألف آخرين. لم تكتفِ المليشيات بالتسبّب في تفشي الأمراض، لكنّها كثيراً ما رفضت السماح لمنظمة الصحة العالمية بالقيام بحملة تطعيم ضد الأوبئة. كما تنتشر الأمراض والأوبئة في السجون التي تسيطر عليها ملشيات الحوثي الانقلابية المدعومة من إيران وهو ما أكدته إدارة الرصد الوبائي. يقول التقرير إنّ انتشار الحشرات وعدم نظافة الأثاث داخل السجون التي تقع في أماكن سيطرة المليشيات ما أدى إلى تفشي الأمراض والأوبئة مثل الكوليرا والحساسية وغيرهم.
ويعاني نزلاء سجون الحربي والمعلمي والثورة وعلاية والحتارش البالغ عددهم أكثر من 960 سجيناً - وفق التقرير الصادر منتصف يناير الماضي - من عدة أمراض، ويحتاجون إلى رعاية صحية، وتوفير الأدوية للعيادات الطبية في السجون.
كما أنّ 95% من نزلاء سجن علاية الاحتياطي، البالغ عددهم 520 سجيناً، يعانون من أمراض مختلفة، أغلبها الجرب، وبعضهم مصاب بالسكري والسل، وجميعهم بحاجة إلى تدخل طبي عاجل، بحسب اللجان التي نزلت لمتابعة أوضاع السجناء.