لماذا تجاهل مارتن غريفيث استغاثة باتريك كاميرت للمرة الثانية؟
السبت 16 فبراير 2019 19:58:00
رأي المشهد العربي
تتوالى الأحداث في اليمن لتكشف عن خيوط جديدة تجلب في طياتها اليأس ليخيم على آمال الشعب اليمني ويزيده من الجراح التي لم تندمل بعد والتي كان آخرها تصريحات الجنرال الهولتدي باتريك كاميرت، رئيس اللجنة الأممية لإعادة الانتشار في الحديدة السابق، وحديثه عن أن 20% من مخزون الحبوب بمطاحن البحر الأحمر في مدينة الحديدة دمره الحوثيون.
تلك التصريحات جاءت بعد أسبوعين من تسلم الضابط الدنماركي السابق مايكل لوليسغارد ليحلّ مكان رئيس بعثة المراقبين الأمميين في اليمن الجنرال الهولندي باتريك كاميرت، وكذلك بعد تمرد الهولندي على المبعوث الأممي لدى اليمن مارتن غريفيث لتضع الأمم المتحدة في ورطة أمام المجتمع الدولي وتطرح سؤالا حول جدية واشنطن في حل الأزمة وإنهاء الصراع في اليمن.
الاستغاثة الأولى
استغاث باتريك كاميرت في السابق بالأمم المتحدة لكي تنقذه من بطش المليشيات الانقلابية، بعد الاعتداء على فريقه الأممي في الحديدة وإطلاق النار على جميع المرافقين له بعد فضحه لمخططات الانقلابيين في الحديدة، لترد عليه الأمم المتحدة بقرار الإطاحة به وتنتصر لمارتن غريفيث المتهم بالتواطؤ مع الحوثيين على حساب الجنرال الهولندي كاميرت.
فعلى مدار تواجده كرئيس لجنة تنسيق إعادة الانتشار في الحديدة، واجه الجنرال الهولندي باتريك كاميرت، تعنتا حوثيا، وصل إلى حد الرفض الكامل للتعاطي مع جهوده ومحاولة الاعتداء عليه وسط تخادل الأمم المتحدة لموقفه والانحياز إلى الامليشيات الانقلابية وبقاء الوضع كما هو عليه في اليمن وأصبح اتفاق السويد بين طرفي «الحكومة والمليشيات» حبرا على ورق.
إلا أنه بدا من الواضح جيدا أنه أي شخص سيتمسك بتطبيق اتفاق السويد سيلقى نفس مصير الجنرال الهولندي السابق باتريك كاميرت، وسيمنح المليشيات الانقلابية مزيدا من الوقت لانتهاك كافة المواثيق الدولية وحقوق الإنسان، وستعطي بذلك الأمم المتحدة المليشيات الانقلابية فرصة كافية لمناصبة العداء للشخص الذي يحلم بإنهاء الأزمة في اليمن.
وحاولت المليشيات الحوثية منذ تسلم الجنرال الهولندي مهام عمله، بالالتفاف على اتفاق تسليم الحديدة وموانئها، فعملت المليشيات على خدعة ممنهجة وألبست عناصرها زي الشرطة، وهي الحيلة التي رفضها كاميرت مطالبا بتنفيذ فعلي لاتفاق السويد الذي نص على تسليم الحديدة ومينائها الاستراتيجي.
الاستغاثة الثانية
تجاهلت الأمم المتحدة ومبعوثها لدى اليمن مارتن غريفيث، تصريحات الجنرال الهولندي السابق باتريك كاميرت، والتي أكد فيها، أن 20% من مخزون الحبوب بمطاحن البحر الأحمر في مدينة الحديدة دمره الحوثيون وهذا ليس بجديد لكن اللافت في الأمر هو أن «غريفيث» والضابط الدنماركي السابق مايكل لوليسغارد رئيس بعثة المراقبين الأمميين في اليمن، يعقدون اجتماعا يضم ممثلين عن الحكومة الشرعية والمتمردين الحوثيين في الحديدة وكأنهما يبعثون برسالة لكاميرت مفادها «ليس من شأنك الحديث».
وتمادت المليشيات في استهداف جهود السلام، وصولا إلى إطلاق أعيرة الرصاص على سيارات الأمم المتحدة في الحديدة، كما تعمد الحوثيون في 17 يناير استهداف الجنرال الهولندي بقصف مدفعي مركز طال المبنى الذي كان يعقد فيه أحد اجتماعاته مع الوفد الحكومي في لجنته، لينجو بأعجوبة.
ويعقد مجلس الأمن الدولي، بعد غد الاثنين، جلسة خاصة باليمن ينتظر أن تكرّس لمناقشة العراقيل التي تمارسها مليشيا الحوثي في طريق تنفيذ اتفاق إعادة الانتشار في الحُديدة.
وكانت مليشيات الحوثي الانقلابية ضربت بقرار مجلس الأمن الدولي الخاص بنشر 75 مراقبًا دوليًا في الحديدة عرض الحائط ولم تنتظر 24 ساعة حتى انقلبت عليه ومنعت الجنرال الهولندي باتريك كاميرت رئيس لجنة إعادة الانتشار السابق من لقاء وفد الحكومة، بل الأدهى من ذلك أنها أطلقت عليه النار فور علمها بتفقده للمناطق التي قصفتها مليشيات إيران في الحديدة.
خلاصة التطورات التي شهدتها الساحة اليمنية، منذ تسلم باتريك كاميرت مهام منصبه كشفت بين ثناياها عن وجود انقسامات وعدم رضا من قبل المسؤول الأممي خصوصا بعد شعوره بتخاذل المجتمع الدولي والأمم المتحدة مع مليشيات الحوثي الانقلابية والمدعومة من إيران، رغم محاولة مارتن غريفيث المبعوث الدولي لدى اليمن الذي يحاول تجميل المشهد للرأي العام وهذا ليس بصحيح ويخشى إعلان فشل الأمم المتحدة في الضغط على المليشيات وإنهاء معاناة الشعب اليمني.