مناورة «الحوثي- لوليسغارد» تُنهي ما تبقى من اتفاق السويد

الثلاثاء 19 فبراير 2019 20:03:00
مناورة «الحوثي- لوليسغارد» تُنهي ما تبقى من اتفاق السويد

رأي المشهد العربي

بدا واضحا أن هناك مناورة بطلها مليشيا الحوثي بمشاركة رئيس فريق المراقبين الأمميين في اليمن، الجنرال، لوليسغارد، والتي تقضي بتسليم مدينة الحديدة إلى قوات أممية بدلا من تسلميها إلى أصحابها الأصليين والممثلين في السلطة المحلية بالمدينة الساحلية، وهو ما تسعى إليه المليشيات والذي عملت على مدار السنوات الماضية على إخراج الحديدة من المعادلة اليمنية.

وقصدت مليشيا الحوثي أن تضع ترسانة من الألغام والأسلحة داخل المدينة بحيث يصعب عودتها إلى سابق عهدها، إذ أنها تكتسب أهمية إستراتيجية بالنسبة لها كونها أحد المنافذ الرئيسية لليمن على البحر الأحمر، واستخدمت ميناءها نقطةَ انطلاق لشن هجمات بحرية ضد الملاحة الدولية وتهريب الأسلحة، ما يبرهن على أن خروجها على وقع اتفاقيات هشة في غياب الإرادة السياسية الدولية لإنهاء الصراع في اليمن يعد مستحيلا. 

الأمر الذي قد يدفع المليشيا الانقلابية المناورة من جديد عبر اتخاذها خطوات أحادية بشأن الانسحاب من الموانئ الثلاثة والمدينة على أن يدعم لوليسغارد تسليم المدينة إلى قوات حماية دولية، وهو ما يلقى موافقة من قبل الجانبين، وبالقطع يواجه رفضا من الحكومة اليمنية، إذ أن ذلك يعتبرا التفافا على جميع الاتفاقيات والقرارات الدولية السابقة والتي تدعم إنهاء الصراع السياسي وتسليم المناطق إلى السلطات المحلية التي كانت موجودة بها قبل السيطرة الحوثية عليها.

وتوصلت الحكومة اليمنية والمليشيا الحوثية لاتفاق جزئي في مدينة الحديدة يقضي بسحب قوات الطرفين من بعض مناطق خطوط المواجهات، وانسحاب جزئي من ميناء المدينة الرئيسي ومينائي راس عيسى والصليف، غير أن رئيس فريق المراقبين الأممين تجاهل القضية الرئيسية المتعلقة بانسحاب الحوثيين من الميناء والمدينة وتسليمها للسلطة المحلية الشرعية، وركز فقط على المرحلة الأولى من الاتفاق.

فيما أشارت مصادر مطلعة إلى أن رئيس المراقبين الأممين ينوي إخراج القوات من الموانئ الثلاثة والمدينة وتسليم الإدارة للسلطة الحوثية الحالية، فيما يتم تأجيل ترتيب ملف الأمن والسلطة المحلية.

وخلال الشهرين الماضيين، لم تتوصل الأمم المتحدة إلى أي تقدم في ملف الحديدة، وظل اتفاق وقف إطلاق النار بين الطرفين هشًا، رغم دخوله حيّز التنفيذ في 18 ديسمبر الماضي.

ورد خالد اليماني وزير الخارجية على تلك المناورات بتأكيده على أنه لن يذهب إلى أية جولة أخرى للمحادثات ما لم يتم الالتزام بتنفيذ اتفاق ستوكهولم، بعد أن انقضى شهران على الاتفاق ولم ينفذ منه شيء.

وأوضح أن نص الاتفاق على أن تسلم المدينة للسلطة المحلية حسب القانون اليمني، لافتا إلى أنه وفقاً للقانون الدولي، فإن القانون الوطني غير قابل للتجزئة، بمعنى أن من يمثل القانون اليمني لا يمكن أن تكون سلطتان، ولكن سلطة واحدة شرعية، ومعروف أن سلطة الرئيس هادي هي المعترف بها ممثلة لليمن في الهيئات والمؤسسات الدولية.

وهو أمر ترفضه مليشيا الحوثي ويدعهم فيه رئيس فريق المراقبين الجديد من دون أي استناد إلى أيه مواثيق أو قوانين دولية، فالمليشيا المسلحة تدرك تماما أن وجود قوات دولية يسمح لها بالتواجد في مناطق عدة ويضمن عدم خروجها نهائيا، وبالتالي خسارة أهم مواقع إستراتيجية تمدها بالوقود والمال والسلاح.

وذكر اليماني إن الخلاف ليس على نصوص الاتفاق، مؤكداً أن الخلاف مع الحوثيين يكمن في نيتهم عدم الانسحاب من الحديدة.

وتساءل اليماني "هل من ينوي الانسحاب من الحديدة يعمد إلى استقدام مقاتلين جدد بعد الاتفاق على الانسحاب، وهل يعمد إلى ملء المدينة بالخنادق والمصدات والسواتر، واستحداثات عسكرية وأمنية في المدينة، وعدم إظهار أية إشارة على نية الانسحاب من المدينة؟".

وقالت مصادر حكومية إن الاتفاق الذي تم التوصل إليه في الحديدة، أمس الأول الأحد، لم يحدد جدولاً زمنياً معيناً لكن الحديث جرى على انسحاب الحوثيين من ميناء الحديدة 5 كلم، وانسحاب القوات الحكومية كيلو متر واحد من كيلو سبعة لفتح الطريق إلى صنعاء، وأن هذا الاتفاق لن يكون كاملاً دون معرفة المرحلة الثانية والاتفاق عليها وطبيعة قوات الأمن التي ستكون مسؤولة عن تأمين المدينة والموانئ وكذلك السلطة المحلية التي ستديرها ومصير الإيرادات.

وقال الباحث السياسي اليمني، وضاح الجليل، إنه لا توجد ضمانات لتنفيذ اتفاق إعادة الانتشار بالحديدة، لافتا غلى أن الحوثيين يسعون إلى إهدار الوقت، ومن ثم الأمم المتحدة فقدت مصداقيتها وهيبتها، وطوال الشهرين الماضيين لم ينفد أي بند من بنود اتفاقات السويد.

وأضاف أن ما يتم الآن هو استمرار للعملية العبثية التي يمارسها الحوثيون، والأمم المتحدة الآن لا تملك أي ضمانات، كما أن الحوثيين لن يقدموا أي تنازلات حقيقية، لاسيما وأنه لا توجد قوة رادعة تجبرهم على تقديم التنازلات، وربما هي تتخذ من هذه الأمور فرصة لإضاعة الوقت والعبث وتعزيز مواقعها و نفوذها.