زملاء وذكريات الزمن الجميل
م . جمال باهرمز
- النازح المسيس قاتل مندس
- قبل ان تضيع .. الحفاظ على شوارع عدن مهمة الجميع
- ضرورة فك الارتباط ويكفي تفريط وافراط
- في ذكرى الاستقلال الوطني تكرار الأخطاء من الغباء
لكل منا ذكريات جميله يهرب إليها ليرتاح باله وأعصابه من ضغط الحياة الآنية.
وأجمل الذكريات عادتا تكون في أيام الصبا والشباب. وأجملها مع زملاء الدراسة.
وكل ذكرى جميلة كانت او مريرة الأكيد انها ترتبط بالأماكن والأشخاص.
في مراحل الدراسة الابتدائية والإعدادية والثانوية والجامعية.
نتذكر الزملاء باستمرار بمواقفهم الطريفة والحزينة والسعيدة وكثيرا منها لا زلنا نحتفظ بها في عقولنا.
وفي لحظات التذكر هذه نجد أنفسنا امام شريط سينمائي يمر ويمر ونحن نتفاعل معه دائما في خلواتنا فنبتسم او نحزن او نشرك بعض الأحيان أصدقائنا او أسرنا فنضحك ونبتسم او نحزن بحسب الموقف نفسه.
بجهود طيبة يشكر عليها يشكر عليها الزملاء عبد الله بأحاج وثروت جيزاني ومرشد علي مرشد وناصر العنتري وآخرون.
تمت إضافتنا في جروب واتس اب انا وبعض زملاء المراحل الدراسية الأساسية وبالذات المرحلة الثانوية في مدرسة باذيب كريتر عدن.
ومن ضمن أهداف تجمعنا في هذا الجروب السؤال عن أحوال الزملاء وتقريب المسافات بيننا واللقاءات في مقيل بعد كل فترة عند أحدنا وزيارة الزملاء المرضى وجمع مساهمات مالية رمزية قدر الإمكان والذي أساسه ان نقول لهم نحن نحس بكم ونسأل عنكم ولن نتخلى عنكم.
تمت إضافتي الى جروبات كثيرة وأبقى فيها مراعاة لمشاعر من أضافني. وادخلها لأمسح الكم الهائل من الرسائل حتى بدون قراءتها.
لكن هناك جروبات يفرض حبي لها ان اعيش وأداوم فيها. ومن هذه الجروبات جروب زملاء الدراسة (زملائي إخواني احبائي)
تعيش في هذا الجروب بوجدانك وكان من يعقب او يناقش متماثل إمامك بلبس المدرسة او لبس العصرية وبتسريحة شعره ومشيته وحركات وجهه ونبرة صوته مثلما تركته في ذلك الوقت.
كل تعقيب اتخيل صاحبه إمامي بنفس ما تركته ايام الدراسة.
حقيقة اشعر براحة كبيرة حين ادخل الجروب. وكأننا عدت الى زمن عدن الجميل بطيب وجمال وروعة ناسها وأناقتها ونظافتها وفنها وإبداعها ورقيها.
لان كل من فيه كانوا جزء من صناع وناس ذاك الزمن الجميل.
هاهو فهمي نعاش صاحب الصوت الشاحب والرجولي حين يعقب في الجروب. أتذكر حين يلتفت علينا بعض الأحيان ونحن خلفه في الصف الأخير ويقول ماله سكته خلوا نحنا نسمع الشرح. هذا عندما يهبط عليه الوحي ويريد ان يفهم درس أتعبه مع انه من ضمن شلتنا المشاغبة.
او مايسترو الخدع والمقالب عبد الحكيم طه المحبوب من الكل وكم سأذكر ما عمله بالزملاء من مقالب بيضاء مضحكة بنية الضحك وبكل حب وبراءة نجد من وقع عليه المقلب وحكيم وبقية الزملاء يلتموا من جديد ليتذكروا ما حصل في نفس اليوم لنضحك جميعا حتى نسقط على الأرض.
اما حكاية الطالب ولاعب المنتخب والتلال رائد طه. فهذه بصراحة عاشت معنا لحظه بلحظه طوال سنوات العمر.
تصوروا ان مدير تربية صيرة الحالي الرائع الأستاذ رائد طه والذي كل يوم يحرص على ممتلكات ومعدات مدارس المديرية انه حين كان طالب في الثانوية.
حصل انه مره طلب من أحد زملائنا ان يرفعه فوق أكتافه ليطوي الأذرع الثلاث لمروحة الصف ليشعر الأستاذ بالحمى والحر ويعطي للطلاب استراحة.
كانوا لدينا لاعبين موهوبين يلعبوا في الاندية وفي المنتخبات من امثال الكابتن الخلوق والانيق والرائع محمد علي الخلاقي وفهمي نعاش الطويل ورائد طه المهاجم والمشاكس القصير والوكيل جمال محمود هاشم النجم الذي كان يلهب حماستنا ورياض عبد الخالق وزين فدعق ومحمد عبد الملك وغيرهم الكثير.
وأيضا كان لدينا طيف متنوع من الصفات والشخصيات المحببة او العصامية التي تجبرك على احترامها واحترام رأيها وخصوصياتها.
فمثلما كان لدينا عبد الناصر خضر الطالب البشوش والمتفائل دائما. ايضا كان هناك الجادين ونسميهم العقال مثل على حديج وجمال ديان (مدير عام المرور الحالي في عدن)
-كانت دفعتنا في اول ثانوي في بداية الثمانينات هي اول سنه اختلاط طلاب وطالبات بصف واحد بل وكان الزامي ان يجلس الطالب مع زميلته في كرسي أبو مقعدين.
وكنا نموذج لنجاح الاختلاط الالزامي حيث كنا جميعا نعتبر زميلاتنا الطالبات أخوات لنا ونحرص عليهن مثل حرصنا على شقيقاتنا نفرح لفرحهن ونحزن لحزنهن. لم تسجل أي قضية مخلة بالأدب في مدرستنا. او في كل مدارس عدن.
واذكر انه في سنه ثانية ثانوي في مدرسة باذيب بالصدفة جلست بجانبي زميلة اسمها زهرة جاءت من الصومال الشقيق بحكم عمل والدها في الخارجية.
كانت لا تجيد العربية الا قليلا. وكنا طلاب وطالبات نساعدها ونترجم لها ما استطعنا بالإنجليزية التي تجيدها ونحاول ان نشرح لها وفي سنه ثالثه كانت بصف اخر وكنا نسأل ونطمئن على تحصيلها العلمي. ونرى في عينيها الجميلتان العرفان والتقدير والسعادة ونسعد بسعادتها وابعاد الهم عنها.
وفعلا نجحت في الثانوية وبعد فتره غادرت مع اهلها الى الخارج واستمرت تسال علينا جميعا بواسطة الزميلات.
-كانت حياتنا مزيجا من اللعب والمزاح والانشغال بما يفيد. وكذلك بالمثابرة في الدراسة. وأتذكر اننا كنا نجتمع في المساء لنذاكر في منزل أحد الزملاء وهو الضابط عارف عبد الله انا والدكتور غازي الماس والأستاذ خالد شرماني. او نجتمع في منازل زملاء اخرين. وكل زملائنا مثلنا يذاكروا في تجمعات مع بعض. والأهالي يرحبوا ويسهلوا ذلك.
كانت الدراسة قوية. ولم نكن جيل كله نوابغ. بل كان جيلنا عادي مثل أي جيل فيه الأذكياء والمجتهدين وفيه المهملين. لكن كان جيلنا محظوظ وزمننا رائع. كانت المتابعة للطالب مترابطة من البيت للمدرسة. وكان جيل المعلمين والتربويين مهاب ومتفاني في عملة وامين في رسالته.
تخرج الكثير مننا وأيضا قبلنا وبعدنا. وأصبحوا وزراء وأطباء ومهندسين وتربويين وإداريين وقضاة ومحامين وكتاب وشعراء وادباء بفضل جيل عمالقة التربية والتعليم والذين جعلونا نتذكرهم دائما في مجالسنا ومع أولادنا ونضرب بهم المثل في النزاهة والأمانة والاستقامة. ولذلك باستمرار نترحم على من توفاه الله منهم وندعو لمن لازال على قيد الحياة بالأماني الطيبة.
نستعيد الذكريات مع هذا الجيل العملاق الذين أفنوا حياتهم لنصبح أشخاص لنا أهميتنا في مجتمعاتنا واسرنا.
نبتسم لأي موقف جعلناهم يبتسموا. ونشعر بتأنيب الضمير والحزن ونتمنى ان يعود بنا الزمان لنعتذر حين نتذكر مواقف جعلناهم غاضبين او حزينين.
من منا ينسى مربيي الأجيال الأساتذة العمراوي وسمير علي يحي وعلى باهرمز زوجته والجيزاني ومحمد باشرين وحامد امان وعبد الفتاح الحريري ومحمد سالم ومحمد القاسمي وهدى شاهر والسقاف وفاروق عبد الغفور والحمزي وفؤاد غانم وزوجته وفيصل عبده علي وحسن يوسف خان وخالد رجعي ونبيل زوقري ومريم سالمين وزهرة هبة الله وعزيزة ثابت وعيشة البدوي والقائمة تطول ولا تسعفنا الذاكرة حاليا بالحصر الكامل. رحم الله من رحل واطال الله في عمر من لازال بيننا.وجزاهم الله عنا خير الجزاء. لن نستطيع ان نوفيهم حتى القليل من حقهم مهما عملنا.
كانت مدينتنا كريتر تعبر عن مجتمع عدني جميل ونقي وراقي ومتعاون، مثل كل مديريات عدن.
كان كل اب لأي زميل او جار يعتبر ابونا ومن حقه ان يتدخل في تأنيبنا وتربيتنا ان اخطانا. وكانت كل ام لزميل او جار امنا جميعا ولها الحق ان تنصح او ترسلك لتجلب لها ما تطلب من السوق او من الجيران. او تعصر اذنك ان رفضت.
كان هناك احترام وتبجيل للكبار وللمدرسين.
-كثيرا ما التقي بزملائي في مدينتي كريتر مثل الشخصية الاجتماعية علي عامر والمهندسين الافاضل عارف يماني وعايد صالح ورياض عبد الخالق والأساتذة محمد عبد الملك وعبده مسعد وزياد باسنيد وخالد عزعزي وخالد جابر ومحمد باخريبه وهاني كمال حيدر وماهر اسماعيل وقيس وعلى باهديلة وقاهر مصطفى وخالد ميسري وعبد الحكيم علوي ورشيد معمري وعبد السلام قباطي
ومن لم نلقاه. فتجمعنا مواقع التواصل الاجتماعي مثل العزيز فهد منقوش وعمر باعبيد وصلاح العنتري وفريد هاشم واشفاق ياسين ووليد غازي وخالد سيف وعارف عمار وجمال ناشر وعبد الله مقبل وحكيم مريسي وفضل حريبي ووهيب حسرت وغيرهم.
ومن رحل عنا من الزملاء نتذكره وندعو له بالرحمة والمغفرة الشهيد القاضي محسن علوان ووهيب حشيش ووليد بيرو وعادل حوراني وغيرهم.
وفي الفترة الأخيرة ونتاجا لتجمعنا في جروبنا المبارك. جمعنا القدير عبد الله بأحاج في منزله وسعدنا برؤية زملاء لم نراهم منذ الثانوية وبعضهم اغترب خارج البلد.
تغيرت ملامح بعضنا قليلا او كثيرا بفعل السنين ومتاعبها. لكن الأرواح هي نفسها لم تتغير. نفس النكهة والشخصية وطريقة النقاش واولويات التفكير بقت على حالها.
انه زمن عدن الجميل وهؤلاء الزملاء امتداده وذكرياته وروحه التي تعيش إمامنا لتعيدنا للحظات للسعادة التي عشناها.
بالصداقة والاخوة والمحبة الصادقة وعدم وجود التمايز الطبقي بين ابناء الأغنياء والفقراء فالكل عاش وتربى في وئام ومحبة وسلام.
عشنا في مدينتنا كريتر وكأننا أسرة واحدة فالذي في الخساف يعرف من يسكن الطويلة والعيدروس والقطيع وشعب العماصير وصيرة وحقات والرزميت والميدان وحارات الزعفران والقاضي والشريف والعجائز والبومس والبغدة والمنارة والعكس صحيح ايضا.
حين تدخل الجروب تعيش لحظات الغوص في أعماق الذاكرة. نجد أنفسنا امام شريط الذكريات الجميلة.
قبل ان نعود لواقعنا لنتحسر فيه على مدينتنا وما الم بها من عابث بتعليم طلابها وفاسد ينشر فساده في مؤسساتها وارهابي يختطف عقول صغارها وشبابها او يغسلها ليصبحوا بأيده وايد أسياده أحزمة ناسفة وجاهل يعبث بموروثها وتاريخها وناهب لمقدراتها وأراضيها.
حقيقة نحتاج في مدينتنا عدن لأحياء هذه التجمعات من أبناء الزمن الجميل في كل مديرية. لنشكل صوت جمعي يسمعه الجميع بان عدن وأهلها ترفض الظواهر الدخيلة التي تغلق أمنها وتهدد بشرخ في نسيجها الاجتماعي المتماسك وتحاول ان تغير من الأخلاق الحميدة لأجيالها.
نحتاج لهذه التجمعات من أبناء الزمن الجميل في كل ركن وشارع وحاره وزاوية ليتضاعف صوت الحق والنبل والأخلاق والعدل والعلم والإيمان.
ويخفت ويختفي شيئا فشيئا الصوت العالي للبلطجة والإجرام والإدمان على المخدرات والفساد والضياع مع العصابات.
(أحبك وانتي لي النظر/ وانتي الضياء والاشتهاء والقدر/ أحبك وكل الجنون دواء/ وكل حياتي بدونك هدر/ أحبك ومهما قلبي انتظر/ ومهما دروبي كانت خطر/ يزيد اشتعال الشوق اليك / فيرعد حنانك زخات مطر/ لتطفي نار الفراق العنيد / وتمسح ما بقي في من إثر / عدن يا ساكنه في الحشا / انينك مرارة وبعدك امر / عدن يا منارة للعاشقين / وعشق سيصبح قاتلي المنتظر)