خروقات الحوثي المتواصلة.. ألم يحن أوان تحرك أممي يدرع المليشيات؟
يثير الصمت الأممي على الانتهاكات والخروقات التي ترتكبها مليشيا الحوثي الانقلابية الكثير من السخط على التعاطي الدولي مع الأزمة في البلاد، بنحوٍ يساهم في إطالة أمدها.
ومنذ توقيع اتفاق السويد في ديسمبر الماضي، ارتبكت المليشيات ما يصل إلى 2000 خرق لوقف إطلاق النار، وهو ما يكشف توجّه رغبة الحوثيين نحو استمرار المواجهات وإجهاض أي محاولات لفرض الحل السياسي، وهو ما دعا إلى موقف دولية أكثر حزماً مع الانقلابيين المدعومين من إيران.
تقول صحيفة البيان الإماراتية، إنّه بات واضحاً للجميع الخطة الممنهجة لمليشيا الحوثي لتعطيل جهود السلام وإفشال اتفاق السويد، وهذا ما دعا الحكومة لمطالبة الأمم المتحدة والمجتمع الدولي باتخاذ مواقف صريحة وواضحة لإنهاء عبث الحوثيين وإصرارهم على تعطيل كل ما يتفق عليه من مراحل وخطوات تنفيذية لإجراءات بناء الثقة، واتخاذ موقف حازم تجاه سلوك المماطلة والتعنت للمليشيات الحوثية لإيقاف تلاعبها المكشوف على الأمم المتحدة والمجتمع الدولي.
تضيف الصحيفة: "انتهى (في) مطلع مارس الجاري، الموعد المفترض لإتمام المرحلة الأولى من خطة إعادة الانتشار، وكان من المفترض أن يضمن تنفيذ المرحلة الأولى من الخطة فتح وتأمين الطريق إلى مطاحن البحر الأحمر، لكن ترفض المليشيات الانقلابية الالتزام بالاتفاق سعياً لإفشال مساعي السلام والاستمرار في استثمار المأساة الإنسانية باليمن".
في هذا السياق، حذر وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية الدكتور أنور قرقاش من أنّ السكوت على التلاعب الحوثي يهدد اتفاق السويد ويعرض العملية السياسية برمتها للفشل، وأكَّد أنّ العدوان الحوثي على اليمن وشعبه يتعرّى أمام المجتمع الدولي، وأنه آن الأوان للرأي العام الدولي أن يضغط على المعطّل الحقيقي للحل السياسي.
وتؤكّد الصحيفة أنّ السكوت عن إعاقة المليشيات الحوثية لمساعي السلام بات أمراً في حد ذاته مثيراً للتساؤلات، وبخاصةً أن مبعوثي الأمم المتحدة يعترفون بوجود إعاقات لكنهم لا يقولون مَن وراءها.
واعتبرت الصحيفة أنّه على الأمم المتحدة والمجتمع الدولي اتخاذ مواقف صريحة وواضحة لإنهاء عبث الحوثيين وإصرارهم على إفشال مساعي السلام.
وتواجه الأمم المتحدة، الكثيرَ من الانتقادات بشأن الصمت على الخروقات التي ترتكبها المليشيات الحوثية منذ توقيع اتفاق السويد، وقاد ذلك إلى أن وصلت على ما يبدو العلاقات بين الرئيس عبد ربه منصور هادي والمبعوث الأممي مارتن جريفيث إلى طريق مسدود.
مصادر حكومية مطلعة كشفت مؤخراً، أنّ هادي رفض مقابلة جريفيث بينما كان "الأخير" يجري لقاءات كثيرة في محاولة يُقال إنّها الأخيرة لإنقاذ اتفاق السويد بعد مئات الخروقات التي ارتكبتها مليشيا الحوثي الانقلابية.
المصادر أوضحت في تصريحات لصحيفة "الشرق الأوسط"، أنّ هادي اعتذر عن عدم مقابلة جريفيث، وأوكل إلى نائبه علي محسن الأحمر لقاءه هذه المرة بحضور مدير مكتب هادي ووزير الخارجية خالد اليماني، وكان ذلك في العاصمة السعودية الرياض، الثلاثاء الماضي.
وفي الأيام الأخيرة، أعلنت الأمم المتحدة أنّ مبعوثها جريفيث يجري اتصالات مكثفة مع الأطراف اليمنية ضمن مساعيه لتنفيذ اتفاق استوكهولم ومحاولة إنعاش الأمل إزاء إعادة الانتشار في الحديدة وفتح الممرات الإنسانية.
وقبل أيام، صرح عضو وفد الحكومة اليمنية في مفاوضات السويد عسكر أحمد زعيل - وهو أيضاً سكرتير محسن الأحمر: "ما بدى واضحاً لنا أنّ الأمم المتحدة بمبعوثها مارتن (جريفيث) ورئيس فريق إعادة الانتشار مايكل لوليسجارد تهدف إلى وقف الحرب وفتح الموانئ وإخراج ما في المطاحن ثمّ الدعوة إلى جولة مشاورات جديدة تحدد من سيحكم المدينة.. مارتن يسعى للشرعنة للحوثي على حساب اتفاق استوكهولم".
منذ هذا الاتفاق الموقع في 13 ديسمبر الماضي، ارتكبت المليشيات الحوثية نحو 2000 خرق لبنود وقف إطلاق، فيما لم تتحرك الأمم المتحدة, ولو بإصدار تحذيرات ضد الانقلابيين، للضغط عليها وإجبارها على الالتزام بالاتفاقات الدولية.
وزير الخارجية خالد اليماني، طالب الأمم المتحدة باتخاذ موقف حازم تجاه مماطلة مليشيا الحوثي في تنفيذ اتفاق ستوكهولم، موضحاً أنّه على جريفيث ولوليسجار، اتخاذ موقف حازم تجاه سلوك المماطلة والتعنت للمليشيات الحوثية؛ لإيقاف تلاعبها المكشوف على الأمم المتحدة والمجتمع الدولي.
وقال: "على الأمم المتحدة أن ترفع صوتها، وتحدد بصورة عاجلة الطرف الذي يرفض ويمنع تنفيذ اتفاق ستوكهولم (..) الموعد المفترض لإتمام المرحلة الأولى من خطة إعادة الانتشار انتهى (الخميس قبل الماضي)، وما زالت المليشيات الحوثية ترفض الانسحاب من مينائي الصليف ورأس عيسى".
وأضاف أنّ وفدي الحكومة اليمنية والمليشيات الحوثية سبق أن اتفقا - برعاية الجنرال مايكل لوليسجارد - على انسحابها من مينائي الصليف ورأس عيسى ولـ5 كيلومترات، مقابل انسحاب قوات الجيش لكيلو متر واحد، مع إزالة المليشيات للألغام التي زرعتها في المنطقة كافة، كمرحلة أولى باتجاه التنفيذ الكامل لاتفاق السويد، على أن يتم تنفيذ ذلك خلال أربعة أيام في فبراير الماضي، لكنّ ذلك باء بالفشل.
كما طلبت الحكومة، من الأمم المتحدة بإعلان الطرف الذي يعرقل تنفيذ اتفاق السويد الخاص بالحديدة، محملة في الوقت ذاته مليشيا الحوثي مسؤولية فشل الاتفاق والانتكاسة الجديدة، وبخاصةً في الجانب الإنساني.
وتجسّد الصمت الأممي جلياً عندما قصفت المليشيات قبل أيام، مواقع القوات المشتركة في الحديدة وذلك بالتزامن مع مرور موكب الفريق الأممي الذي زار مخازن القمح في مطاحن البحر الأحمر للإطلاع على انتهاكات الحوثيين.
وأفاد مصدر عسكري بأنّ مليشيا الحوثي قصفت بالأسلحة الرشاشة مواقع القوات الحكومية في مستشفى "22 مايو" الذي كان يوجد فيه الوفد الأممي، مشيراً إلى أنَّ الموكب الأممي اضطر للتوقف أثناء القصف قبل أن يواصل مسيرته إلى مقر إقامته داخل مدينة الحديدة.
ضمّ الوفد الأممي الذي زار مطاحن البحر الأحمر وذلك للمرة الأولى منذ سبتمبر الماضي، رئيس لجنة إعادة انتشار القوات في مدينة الحديدة، وممثل من برنامج الأغذية العالمي، وبرفقته فريق أممي متخصص في نزع الألغام والعبوات الناسفة، بجانب فريق ثانٍ متخصص لبحث مدى صلاحية القمح المتبقي للتوزيع.
لم يكن هذا الهجوم عادياً أو شبيهاً لقائمة الانتهاكات الحوثية التي تتكرر بشكل يومي، لكنّه حمل فيما يبدو رسالة إلى المجتمع الدولي - ممثلاً في الأمم المتحدة - أنّ أصوات البنادق لن تتوقف، وأنّ المليشيات مستمرةٌ في كل دون رادع أو وازع، وهو ما يعيد تساؤلات ملّ الكثيرون من تكرارها إزاء الصمت الأممي تجاه هذه الجرائم.
ورغم أنّ لوليسجارد كان شاهداً بـ"أم عينيه" (كما يقولون) عن هذا الجُرم الحوثي، لكنّ آمالاً كثيرة لا يجب أن تُعلَّق على تحرُّك حاسم ضد المليشيات، لا سيّما أنّ السوابق في هذا الصدد غير إيجابية بأي حالٍ من الأحوال.