مليشيا الحوثي تكمل الشق الثاني من جريمة احتجاز أدوية السرطان
أكملت مليشيا الحوثي الشق الثاني من جريمة احتجاز الأدوية وحرمان آلاف المرضى منها، المتمثّل في عدم الاكتراث بالتقارير والتحذيرات الدولية، بعدما فضحت جرائم الانقلابيين في هذا الصدد.
في البداية، قالت مصادرٌ مطلعة إنَّ نقطةً تابعةً للمليشيات الحوثية على المدخل الشرقي لمدينة إب تحتجز أدوية مرضى السرطان وتطالب بدفع مبالغ كبيرة كجمارك على الأدوية والمساعدات الطبية مقابل السماح بدخولها.
المصادر أضافت أنّ شحنات الأدوية المقدمة من الإمداد الدوائي لوزارة الصحة في العاصمة عدن، معرضةٌ للتلف نتيجة احتجازها في ظروف غير مهيأة لأكثر من ثلاثة أسابيع.
ورداً على ذلك، اتهم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية "الأوتشا" المليشيات الحوثية بمنع واحتجاز عشرات الشاحنات المحملة بالمساعدات الإغاثية والطبية، وتعليق أكثر من 50 اتفاقية فرعية مع المنظمات الأممية والدولية غير الحكومية.
وقال بيان صادر عن "الأوتشا" إنّ المليشيات الحوثية قامت بمنع واحتجاز 71 شاحنة محملة بالمساعدات الإنسانية والطبية خلال شهر فبراير الماضي فقط، فضلاً عن إيقاف عشرات الشاحنات الأخرى التابع للأمم المتحدة والمنظمات الدولية غير الحكومية في إب خلال الأسابيع الأخيرة الماضية.
وأكّد البيان قيام المليشيات الحوثية بعرقلة جهود البرنامج الأممي في منطقة كشر بمحافظة حجة، وقال إنّ الانقلابيين منعوا أكثر من 41 شاحنة محملة بالمساعدات والتي تتضمَّن توفير المأوى والمواد غير الغذائية من دخول محافظة حجة؛ ما أدّى إلى إبطاء إيصال المساعدات الطارئة للأسر النازحة حديثاً، قبل أن يتم السماح أخيراً بدخولها.
وأوضح البيان أن المليشيات رفضت وصول منظمات الأمم المتحدة إلى مناطق المواجهة بكشر، سواءً لتقديم المساعدات أو لتقييم الأوضاع الإنسانية.
واتهم مكتب "الأوتشا" المليشيات في محافظة إب بأنّها قامت في 15 فبراير الماضي عبر مكتب الجمارك التابع لها باحتجاز 30 شاحنة تابعة للأمم المتحدة، كانت تحمل إمدادات طبية قابلة للتلف قادمة من عدن إلى محافظة الحديدة، إضافةً إلى احتجاز عشرات الشاحنات الأخرى التابعة للأمم المتحدة والمنظمات الدولية غير الحكومية خلال الأسابيع الأخيرة الماضية.
وذكر البيان أنَّ هناك سبع اتفاقيات فرعية للمشروعات الممولة من الصندوق الإنساني اليمني "YHF"، تهدف للوصول إلى 236 ألف شخص، في انتظار موافقة الحوثيين، في حين أفادت المنظمات غير الحكومية الدولية بأنَّ 45 اتفاقية فرعية معلقة منذ شهر مارس الماضي سيستفيد منها 430 ألف شخص.
في السياق نفسه، طالبت اللجنة اليمنية العليا للإغاثة، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة الطارئة، مارك لوكوك، ومنسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في اليمن، ليز جراندي، بالتدخُّل العاجل للإفراج عن شحنات الأدوية الخاصة بمرضى السرطان في محافظة إب، وضمان وصولها إلى مركز الأورام المتخصص في المحافظة.
كما طالبت اللجنة المسؤولين الدوليين بالضغط العاجل على المليشيات لوقف اعتداءاتها ومضايقاتها للمنظمات الإغاثية في اليمن، والتي كان آخرها الاعتداء وإطلاق النار على فريق منظمة «كير» في محافظة إب، والاستيلاء على 279 سلة غذائية.
وأكد بيان رسمي صادر عن اللجنة، أن احتجاز المليشيات لهذه الأدوية يهدد حياة ما يزيد على ثلاثة آلاف مريض بالسرطان في محافظة إب، وبخاصةً بعد نفاد ما يقارب من 5% من أدوية السرطان في المركز المتخصص لعلاج الأورام السرطانية في المحافظة.
واتهم البيان المليشيات بأنّها احتجزت الشهر الماضي أكثر من 25 شاحنة وقاطرة تابعة لبرنامج الغذاء العالمي كانت تحمل مساعدات إغاثية ومشتقات نفطية خاصة بالمستشفيات في محافظة إب.
واعتبر هذه التصرفات الحوثية "جرائم إرهابية تستهدف المجتمع بشكل عام وتخالف القوانين الدولية وتنذر بانهيار للقطاع الصحي في المحافظة، والوضع الإنساني بشكل عام".
ونال القطاع الصحي قسطاً كبيراً من الانتهاكات التي ترتكبها المليشيات ضد اليمنيين، وقد تسبَّب الانقلابيون في تفشي الكثير من الأمراض، وعمدوا على نشر التلوّث، كما سرقوا الأدوية ومنعوا توزيعها على المرضى.
وضمن حربها على هذا القطاع الحيوي، احتجزت المليشيات الحوثية في مطلع يناير الماضي، خمس شاحنات أدوية تابعة لمنظمة الهجرة الدولية، كانت فى طريقها إلى محافظة الحديدة.
كانت هذه الشاحنات التابعة لمنظمة الهجرة الدولية قادمة من عدن إلى الحديدة عن طريق محافظة إب، حيث احتجزتها المليشيات الإرهابية فى نقطة التحسين بمدخل المحافظة، وكانت تحتوي على كمية من الأدوية لعلاج الملاريا والكوليرا وكمية من المغذيات.
وقبل أيام، حذّرت منظمة "أوكسفام" غير الحكومية من عودة تفشي مرض الكوليرا على نطاق واسع في اليمن، مع ارتفاع عدد الحالات المشتبه بها هذا العام إلى نحو 200 ألف.
ونبّهت المنظمة من مغبة عودة ارتفاع ما هو بالفعل أسوأ تفشٍ للكوليرا بالعالم"، مشيرةً الى أنّه يُشتبه في إصابة نحو 195 ألف شخص بهذا المرض هذا العام.
وذكرت "أوكسفام" أنّ نهاية مارس الماضي، تمّ الإبلاغ عن ما يقرب من 2500 حالة مشتبه بها يوميًّا، وذلك يعد ارتفاعًا ملحوظاً عن الحالات المبلغ عنها في فبراير من هذا العام والتي وصلت الى ألف حالة يوميًّا.
وبحسب بيان المنظمة، فإنّ هذا يزيد بأكثر من عشرة أضعاف عن عدد الحالات المبلغ عنها والوفيات المرتبطة بها خلال نفس الفترة من عام 2018.
وحسب المعلومات الطبية لوزارة الصحة، فإنّ مرض الكوليرا وصل إلى أغلب بيوت صنعاء، فلا تجد بيتًا إلا وفيه شخص تعرض للمرض، وكانت مليشيا الحوثي سببًا رئيسيًّا في انتشار وباء الكوليرا بعد أن أهملت القطاع الصحي واستهدفت كوادره وتاجرت بالأدوية التي توفِّرها المنظمات الدولية، وتسببت في انعدام الأمن الذي جعل من منظمة الصحة العالمية توقف حملات التطعيم أكثر من مرة.
وتكمن خطورة الوباء أنّه يقضي على المريض سريعًا إذا لم يتم تداركه بالعناية والإسعاف إلى المستشفيات، وهو الأمر الذي عجز عنه كثير من المرضى، إمّا لأسباب مادية وإمّا لضعف قدرة المستشفيات على استيعاب الحالات المتزايدة يومًا وراء آخر.
ويقول تقريرٌ صدر حديثًا عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، إنّ وباء الكوليرا يتركّز في المحافظات الواقعة تحت سلطة الحوثي وهي "أمانة صنعاء، والحديدة، وصنعاء، وإب، وعمران، وذمار".
ووفقًا للمعطيات التي تم جمعها من الميدان فإن أحد أسباب تفشي هذا المرض هو التدمير الذي أحدثه الحوثيون في القطاع الصحي، والتلاعب الذي حل بالتوظيف في الوظائف الصحية، وحجز المستشفيات الحكومية لصالح علاج جرحى الميليشيا، وحرمان المرضى من العلاج فيها؛ كونها أقل تكلفة من المستشفيات الخاصة التي لا يستطيع التداوي فيها إلا من كان ميسور الحال، في ظل ارتفاع رقعة الفقر والبطالة وغياب الأعمال، وانقطاع رواتب الموظفين منذ عامين بسبب ممانعة الحوثي من دفعها وتوريد عائدات الدولة إلى البنك المركزي في عدن.