أرقامٌ من هول الفاجعة.. حربٌ حوثية وحشية على الآثار
لم تترك مليشيا الحوثي الانقلابية، يابساً ولا أخضر، إلا وأقدمت على حرقه، ضمن حربها العبثية التي أشعلتها في صيف 2014، كاشفةً عن وجهها الإرهابي وسياساتها المتطرفة تنفيذاً لأجندات إيران العدائية.
المليشيات الحوثية شنّت حرباً وحشية استهدفت من خلالها كل مواقع ومعالم اليمن الأثرية والتاريخية، تارةً بالنهب والتهريب والبيع، وأخرى بالتفجير والقصف والتحويل لمخازن أسلحة وثكنات عسكرية.
في هذا السياق، تنقل صحيفة الشرق الأوسط عن مسؤول في الهيئة العامة للحفاظ على المدن التاريخية بصنعاء (الخاضعة لسيطرة الانقلابيين) أنّ المليشيات استهدفت أكثر من 150 مَعْلَماً وموقعاً أثرياً وتاريخياً بالتدمير والنهب والقصف والتحويل لثكنات عسكرية منذ انقلابها على السلطة أواخر عام 2014.
وأضاف أنّ آلة التدمير والتفجير الحوثية ظهرت بشكل علني وواضح ضد الموروث اليمني، عقب الانقلاب، وأشار إلى وقوف إيران وراء ذلك، وقال: "بصماتها واضحة، وهي مَن تقف خلف تلك الجرائم المرتكَبة بحق ذاكرة المجتمع اليمني والعربي على حد سواء".
وكشف عن اختفاء أكثر من 13 ألف قطعة أثرية من متحف ذمار، إلى جانب اختفاء 16 ألف وثيقة تاريخية وقطع أثرية متنوعة وسلاح قديم من المتحف الحربي بصنعاء.
ويقدر المسؤول وجود أكثر من 120 ألف قطعة أثرية مختلفة الأشكال والأحجام في المتحف الوطني بصنعاء، قبل انقلاب الحوثيين، ويعود تاريخها إلى عصور يمنية سحيقة، ويكشف عن أن نحو 60% من تلك القطع لم تعد اليوم موجودة في باحات أروقة وحجرات المتحف الذي كان يُسمى في السابق البنك المركزي اليمني للآثار.
وأوضح المصدر أنّ جزءاً من المواقع طالها عبث وتفجير المليشيات منذ بدء انقلابها، وهي تتمثل في قلعة القاهرة الأثرية في مدينة تعز، ودار الحجر بهمدان، وجرف أسعد الكامل بإب، وسد مأرب بمأرب، وسرداب تاريخي بالبيضاء، وحي القاسمي بصنعاء القديمة، و7 مدن تاريخية إلى جانب براقش وقرناو بالجوف، ومساجد ومعالم زبيد وحيس ومنارة (عك) بتهامة بالحديدة، وموقع صبرالأثري بلحج ،وصيرة بعدن قبل تطهيرهما من براثن الميليشيات.
وبالتوازي مع حملات الحوثيين الممنهجة ضد التاريخ والحضارة، نفذت المليشيات حملات نهب وتشويه واسعة ضد عدد من المتاحف، (أبرزها المتحفان الوطني والحربي بصنعاء، وهما من أقدم المتاحف على مستوى اليمن والجزيرة العربية).
وبحسب أحد العاملين في المتحف الحربي بصنعاء، فإنّ المليشيات الحوثية وفي إطار حملتها الممنهجة، نزعت مقتنيات وصور رؤساء ورموز الثورات اليمنية ضد الإمامة على مدى 100 عام من داخل المتحف، ونهبت وثائق تاريخية وعسكرية نادرة ونقوشاً وقطعاً ومقتنيات وأسلحة قديمة.
وأشار إلى نقل قيادات حوثية لعدد كبير من القطع الأثرية من المتاحف إلى أماكن تقيم فيها، وبعلم وإشراف ومتابعة من مسؤولين في هيئة الآثار والمتاحف.
وكان تقريرٌ صادر عن منظمة مواطنة لحقوق الإنسان في نوفمبر الماضي، وهي منظمة قريبة من الحوثيين أنفسهم، كشفت عن جزء من الانتهاكات والاعتداءات التي نفذتها المليشيات ضد المواقع والمعالم التاريخية والأثرية.
ويبرز التقرير الميداني للمنظمة، الذي شمل تسع محافظات، اهتمام الحوثيين بالسيطرة على القلاع والقصور التاريخية لما لها من أهمية استراتيجية في المعارك العسكرية، وكشف عن استخدام الميليشيات للمعالم الأثرية كحصون عسكرية لشن هجماتهم، وعرض التقرير عدداً من الأدلة بينها هجوم الحوثيين على موقع القفل بصعدة، وقصر دار الحجر بلحج، وقلعة القاهرة بتعز، وغيرها.
ولم يكن تشويه صنعاء هو الانتهاك الأول أو الأخير للمليشيات الكهنوتية ضد تاريخ وحضارة اليمن، بل سبق للمليشيات أن استهدفت على مدى أربع سنوات من الانقلاب عدداً من المواقع والمعالم الأثرية بالصواريخ وقذائف المدفعية وأعمال النهب والسلب.