الثروة ليست مفتاحا للحلول

عبدالقوي الاشول

مثل غيري قرأت الكثير من التغريدات المنفلتة لشخصيات محسوبة سياسياً كقيادات لأحزاب ونحوها، جميعها تنطلق من مفهوم واحد.. هو أن يكون الجنوب تحت وطأتها وعليه أن يسلم بهذا الأمر الواقع.. ما لم فإن نبرة التهديدات تأخذ مدى أكثر عدائية، ناهيك عن التهديدات على الأرض التي تتغذى من نفس المفهوم.. ومن أجل ذلك جرى ما جرى للجنوب من احتياجات وحروف وأعمال عدائية إرهابية كل ذلك من وجهة نظر هؤلاء هو تدعيم لبناء الوحدة، بمعنى ألا مجال لديهم بالحديث عن الحق الجنوبي كما أنهم لا يعترفون بحقائق التاريخ بالنسبة للجنوب، لأن الغاية هو أن يبقى الجنوب تحت سيطرتهم وهذا هو مفتاح الحلول لديهم.. فماذا لو تحقق ذلك؟

ذلك يعني أن الجنوب سوف يعيش تحت واقع سطوة استبدادية لا حدود لها، وحالة اضطرابات مستمرة لا يمكن معها تحقيق الاستقرار في هذا الجزء من العالم، فالحل لا يفرض على الجنوب وفق تلك المفاهيم.

للأسف فكرة ربط الجنوب وثرواته بأنه الحياة للطرف الآخر وما دون ذلك لا يمكن القبول به وتوطيد تلك القناعات لدى الأجيال، وهذا ما تعمل عليه معظم القيادات والرموز في الشمال للأسف لا من منظور واقعي وعقلاني، ولكن من باب الاستغلال السياسي غير الحصيف لذلك، أو بهدف خلق هالة سياسية لهذا الحزب أو ذاك باتجاه الإحقاق في خلق حالة عداء جنوبي شمالي لا يمكن البناء عليه بأي حال كان، غير مدركين أن خلق الأمن والاستقرار وحل قضايا الواقع السياسي بصورة عامة هو الذي يمكن من تجاوز حالة الفوضى والخلط القائمة، وبالتالي قدرة كل طرف على توظيف قدراته وإمكانياته باتجاه خلق واقع سياسي اجتماعي يفي بمطالب الحياة ويطلق قدرة العقول على العطاء عوضاً عن حالة العدمية التي نعيشها في واقع ألا دولة واللا وحدة وحالة الحروب وكل ما يتصل بالوضع من عداوات سافرة لا يمكن أن تؤدي إلى ما هو أسوأ.

رخاء العالم وبلدانه لم يعد معقودا على ما في باطن الأرض من ثروات.. وفي مثل أوضاعنا مهما كانت الثروات وعائداتها فإنها لا تمثل شيئاً أمام واقع سياسي مهترئ وحالات حروب مستمرة وممارسات فساد على أوسع نطاق.. العالم غادر هذه المفاهيم، أعني ربط الاستقرار الرخاء بالثروة، فعطاء عقل بشري مبدع واحد يفوق عائدات مئات الآبار النفطية، وهذا ما أظهرته ثورة العصر الراهنة التي خلقت تحولاً هائلاً في عائدات بلدان صغيرة آمنة ومستقرة، وعلى العكس من ذلك تعيش أغنى البلدان بالثروات في آسيا وأفريقيا حالات عوز لا حدود لها، فهل نظل متمترسين خلف فكرة أن الثروات الباطنية للأرض هي مفتاح الحلول لكافة المشكلات، ونلقي ثقتنا بقدرات عقولنا على الإبداع والعطاء وتحقيق ذلك عبر مجتمعات آمنة ليس فيها هذا القدر من البغضاء وسفك الدماء على نحو ما نعيشه.​


مقالات الكاتب