خيار شمشون!

يمكنكم استرجاع سنوات الحرب بآلامها وأحزانها وتلك المعاناة البالغة التي مازلنا نعيشها.. أحزان سنوات الحرب تركت آثارا عميقة في النفوس ودعنا فيها خيرة الرجال من أبنائنا..

وقد واجه أبناء الجنوب تلك المشاريع التي رسمت للمنطقة عبر نقطة الجنوب المحورية.. مشاريع أفشلها أبناء الجنوب إلى جانب بسالة أبطال التحالف الحربي وبجهود وتضحيات جسام، ولم يكن يخطر في بالنا إطلاقا أن نواجه المخاطر من جديد أو أن لا يتم المحافظة على ما تحقق من انتصار على هذا الصعيد.

فما نعيشه في هذه اللحظات هي حالة من الضبابية التي لا يمكن معها تحديد الألوان.. والخطر الداهم، إن جاز التعبير، لا يصيب الجنوب وحده بقدر ما تمتد تأثيراته العميقة جدا إلى بلدان المنطقة المستهدفة أصلا من تلك المشاريع والامتدادات التي يجري السعي لتجسيدها في هذه المنطقة الهامة من العالم، فالتهاونوعدم التعاطي مع ما يجري لا يمكن أن نجد له مبررا مطلقا، عدى أننا إزاء وضع مغاير تماما لما رسم التحالف من أهداف وخارج نطاق الإرادة الجنوبية.

مثل هذا التفريط بالانتصار الذي تحقق كارثي دون ريب يضع المنطقة برمتها في مرمى ما تعتمل من مشاريع يجرى تمويلها من قبل تلك الأطراف التي لا تخفي طموحاتها في تحقيق نمط نوعي من الاختراق يضع الجزيرة العربية برمتها أمام تحديات يصعب التكهن بإزاحة كابوسها الذي سيعيد ترتيب الأمور بصورة مغايرة تماما ّ ع خلال السنوات المنصرفة من لواقع نسيجها الاجتماعي والعقائدي، ولعل بوادر ذلك ماثلة فيما حقق التشي اختراقات على هذا الصعيد ربما كانت ستبعده من حسابات البعض بحكم التصور الواضح في قراءة الواقع، فهل كان يعتقد يوما أن تخرج تلك الآلاف من البشر في شوارع صنعاء تكريسا للتشييع واحتفالا بعاشورا؟!

وهنا يبرز السؤال المنطقي.. ماذا لو لم يتم التعاطي بحسن مع ما تواجهه عاصمة الجنوب عدن من محاولات دائبة لإعادة غزوها عبر تلك الجهات التي يراودها حلم تحقيق ذلك مستغلة الأوضاع المتراخية في مواجهتها؟ مثل هذه الصدمة لو واجهت أبناء الجنوب بعد كل ما قدموا من تضحيات سوف تكون تبعياتها جدا مؤسفة ومغايرة لكافة التوقعات، الأمر الذي يكرس نفس المشاريع التي من أجلها قامت عاصفة الحزم ويخلق شرخا عميقا في الذات الجنوبية التي ستفقد ثقتها الكلية بالأطراف التي تحالفت معها، وهذا ما نأمل أن لا يكون، لأنه حتمًا سوف يكون المدخل الحقيقي لإحداث الخلل العميق جدا في كامل المنطقة، والذي تمتد تأثيراته الواسعة إلى البلدان العربية بصورة عامة فاتحا الباب على مصراعيه لتلك التدخلات الإقليمية الساخرة. فهل مازال يمثل خيار "شمشون" سبيلا لدى بعض الأطراف التي تغامر بمستقبل المنطقة، أم أن هناك خلل يمكن تجاوزه بدون تأخير أو مهادنة حتى لا نقع في المحظور القاتل