أخطاء متكررة
عبدالقوي الاشول
لا أدري ما ذا نسمي تلك الأخطاء عدا أنها حالة قصور في الحس الأمني والاستخباري، وثغرة تعطي عدوك القدرة على الاستفادة منها بصورة مثالية.
فمن الطبيعي أن يدرس الطرف الآخر كل أوضاعك، ويرصد تحركاتك ووسائله ممكنة ومتاحة على نطاق واسع، فهو بمقدوره أن يوعز لعناصره في أرضك وفي ميدانك إعطاء كافة التفاصيل، ثم بعد ذلك يجري البحث عن الثغرات لديك من قِبل متخصصين عسكريين، من هنا يستطيع الطرف المعادي استغلال نقاط الضعف؛ بل والتركيز على أهمها، وليس هناك ما هو أكثر أولوية لديه من إلحاق الأذى بتجمعاتك العسكرية وقيادتك، وهذا ما عمل عليه الحوثيين على مدى الفترة الماضية.
كانت البداية منصة احتفال العند، ولم تتم دراسة ما حدث بطريقة عسكرية استخبارية؛ لتمنع وقوع حوادث موجعة من نفس النوع، ثم تكرار الاحتفالات التي يفترض قبل إقامتها دراسة الوضع الأمني وتأمين ساحة العرض أو الاحتفال، فكان أن تم تنفيذ عملية نوعية أخرى أدت إلى استشهاد القائد أبو اليمامة وعدد كبير من حراسة وممن كانوا في ساحة العرض.
كل هذه الحوادث لم تخلق حساً أمنياً رفيعاً ولا استخباريا دقيقاً، الأمر الذي جعل الوضع ذاته يتكرر مؤخرا في الضالع ميدان الاحتفال في مرمى الحوثيين، وهنا يكمن عمق الخلل القائم على استهداف منصة احتفال تخرج دفعة عسكرية في الضالع يضع أسئلة كثيرة حول الحس الأمني والعسكري، وما في الوضع من حسابات لا يبين أنها موفقة.
أنتم في حالة حرب وعليكم توقع كل شيء في حين أن الطرف المعادي يبحث بنفسه عن مثل هذه الثغرات في ظل انكساراته المستمرة على الجهات.. فلماذا تقدمون له مثل هذه الفرص العجيبة، التي لا يمكن التقليل من آثارها مطلقاً.
المسألة لا يمكن أن تقف عند هذا الحد طالما ولدى الطرف الأخير أعين على الأرض وقدرات عسكرية تصل إلى عمقك، فلا تستبعد أن تختار أو ينتقي أهدافاً مهمة ومؤثرة إذا لم تحمِ عمقك فاعلم أنك تواجه خطرا ما حقا ولا يمكنك التقليل منه.
ثم ماذا يعني تكرار نفس الأخطاء وفق الإستراتيجيات العسكرية، علما بأن استهداف القيادات المهمة شكل منعطفاً في تاريخ الحروب.
فالإمبراطورية الفارسية تلقت شر هزيمة إثر استهداف الإمبراطور من قِبل دولة صغيرة لم تكن في الحسبان.