هل تبدل الولاءات؟
عبدالقوي الاشول
الثابت وفق المعطيات من تجارب حركات سياسية وربما دينية مختلفة أن فكرة الغاية لديهم تبرر الوسيلة، مهما كان الحديث عن التبعية لجهة ما يظل فكر الأخذ بمبدأ ما يحقق الأهداف السياسية لتلك الحركات، التي غالباً ما تخلق طابعاً دينياً عقائدياً مذهبياً، لتدعيم حظوظها في جذب الموالين إليها ممن يتم تعاطيهم مع الأمر من منظور مذهبي عقائدي.
ففي ظل ما تعتمده الولايات المتحدة الأمريكية ومعها الدول الأوربية من تضييق على معظم تلك الجماعات أو الأحزاب وتصنيفها إرهابية بما يضعها في زاوية ضيقة على الأقل من حيث حركات الأموال والموارد التي تعتمد عليها، ناهيك عن الأثر السياسي لمثل هذا التصنيف على قوّتها الداخلية في نطاق حكومات تعاني وبشدة من حالة الخلط هذه التي تحدثها مشاركتهم في حكومات تلك البلدان، ولعل لبنان نموذجاً.
مما سلف هل نستشف قدرة الولايات المتحدة الأمريكية، عبر وسائلها العقابية تلك، على خلق تحول في ولاءات تلك الأحزاب والجماعات، أم أن أساس تلك الولاءات دينية عقائدية غير قابلة للتبدل؟
فلو أخذنا حركة الحوثيين في اليمن نموذجاً قد لا نجد في الأصل ذلك المنحنى العقائدي المتأصل في فكر الحوثيين الطامحين للسلطة بدرجة أساسية، وهو ما جعلهم يقدمون تضحيات جساما على مدى سنوات مضت، أو هي عقود خلت باتجاه تحقيق هذا المنحنى، أو الهاجس الذي سيطر على قيادات تلك الجماعات التي أخذت تعزز مع الوقت المنحنى المذهبي والتبعية المطلقة لإيران حتى باتت تصنف المواجهة التي تمضي بشدة وأولوية اهتمامات إيران باعتبارها من الأذرع شديدة الأهمية وفق الصراعات الدولية في المنطقة..
البعض ذهب باستناجاته من أن تلك التبعية قابلة لتغيير نهجها من منظور مصالحها، وهو ما جعل بعض الأطراف في المنطقة تشير إلى إمكانية اختراق إيران عبر مفصلية الحوثيين في حال تقاربهم مع دول الجوار، لما في ذلك من إستراتيجية سياسية شديدة الأهمية بالنسبة للحوثيين في تحقق تطلعاتهم والخروج من نطاق الحرب التي، لاشك، تكلفتها باهظة ونتائجها غير مضمونة، وهي مغامرة تستدعي الأخذ بما يحقق لتلك الجماعة ما تريد أو جزءا من ذلك عبر نهج تغيير الولاءات التي قد لا تخدمها من منظور ما تواجه من خسائر بشرية على وجه التحديد في استمرار المواجهات العسكرية.
ذلك ما يترجمه بعض المتابعين للوضع اليمني، في حين يتم استبعاد ذلك لدى آخرين ممن يعتبرون مثل هذه السلوكيات ما هي إلا لهدف استغلال الوقت وجعلها قادرة على التقاط الأنفاس، ومن ثم الاستمرار فيما عرفت به على مدى تاريخها.
ثم هل شكل مقتل القائد سليماني تحولاً أيضاً في واقع تلك الجماعات؟ خصوصاً بما أعقبته الولايات المتحدة الأمريكية من عقوبات على إيران مع تقارب أوربي مع إيران في المواقف، الحال الذي قد تختلف معه أولويات اللعبة في المنطقة عموماً.