الحوثيون والصحفيون.. أقلامٌ تنتزع منها المليشيات حبر الحرية

الثلاثاء 28 يناير 2020 16:19:26
testus -US

لم تقتصر المليشيات الحوثية في جرائمها ضد الإعلام في التنكيل بالصحفيين، لكنها مارست تضييقًا مروِّعًا ضد المحامين الذين يتولون مهام الدفاع عن هؤلاء المعتقلين.

ففي محافظة صنعاء، أقدم قاضي المحكمة الجزائية المتخصصة محمد مفلح على طرد هيئة الدفاع عن الصحفيين العشرة المعتقلين لدى المليشيات من قاعة المحكمة، بعد تمسُّك الهيئة بطلب رده عن نظر القضية.

وقالت مصادر حقوقية إنّ تصرف القاضي يُمثّل إنكارًا للعدالة وواحدة من أشد طرق الظلم لكون القضية في أول درجات التقاضي، كاشفةً أنّ المحكمة تماطل في محاكمة الصحفيين الذين مضى على اعتقالهم من قِبل الحوثيين أربعة أعوام.

في الوقت نفسه، كشف الصحفيين عن تعرُّضهم للتعذيب والضرب داخل سجن الأمن السياسي الخاضعة لسيطرة المليشيات الحوثية الإرهابية.

وكانت المليشيات الحوثية قد بدأت في ديسمبر الماضي محاكمة الصحفيين العشرة بتهمة "التخابر مع دول التحالف العربي"، وهم عبد الخالق عمران، أكرم الوليدي، الحارث حميد، توفيق المنصوري، هشام طرموم، هيثم الشهاب، هشام اليوسفي، عصام بلغيث، حسن عناب وصلاح القاعدي.

وكانت مليشيا الحوثي قد اعتقلت في مطلع يونيو 2015، الصحفيين بتهم تبني أعمال مضادة للانقلابيين، بما فيها التخابر مع التحالف العربي.

الاعتداءات الحوثية على الصحفيين ومحاميهم تندرج ضمن جرائم عديدة ترتكب المليشيات ضد قطاع الإعلام، بغية إسكات أي أصوات معارضة تخرج ضدها.

المليشيات الحوثية منذ أن أشعلت الحرب، ارتكبت الكثير من الانتهاكات في مجال الإعلام؛ وذلك منعًا لظهور أي أصوات معارضة تفضح الإرهاب الذي يمارسه الانقلابيون.

وبيَّنت إحصائيات سابقة أنَّ نحو 1000 صحفي وإعلامي اضطروا إلى النزوح ومغادرة اليمن تفاديًّا لتعرضهم للاختطاف أو القتل، كما حجبت المليشيات أكثر من 280 موقعًا ووكالة وشبكة إخبارية محلية، مع استنساخ بعضها بمواقع بديلة تنفّذ من خلالها سياساتها وحملاتها التحريضية.

ومنذ إحكام سيطرة المليشيات على صنعاء على وجه التحديد، ارتكبت أبشع الجرائم والانتهاكات بحق الحريات الصحفية كالاعتداء والقتل والتهديد والاختطاف والنهب والفصل عن العمل.

كما برزت آلة إعلامية تدعم المليشيات، إلا أنّ هذه الاستراتيجية الإعلامية والدعائية للحوثيين حملت بصمات واضحة من "حزب الله" الذي احتضن الماكينة الإعلامية للحوثيين من قنوات "المسيرة" و"الساحات" التابعة لتيار يساري يمني مناصر للمليشيات، وغيرها من القنوات والمواقع الإخبارية.

ولا يكتفي حزب الله بتقديم الدعم اللوجستي من خبرات ومقاتلين ومدرّبين للمليشيات الحوثية، ‏بل حوّل معقله الحزبي في ضاحية بيروت الجنوبية إلى "حصن إعلامي" ومنصة لإدارة الماكينة الإعلامية للحوثيين لدعم محورهم في اليمن ومهاجمة التحالف العربي.

وتعتمد وسائل الإعلام الحوثية على الصبغة الدينية، ولا تكفّ عن الحديث عن "المؤامرات الأمريكية الإسرائيلية"، وما تُسميه "التواطؤ العربي".

وفي 2011، أنشأت مليشيا الحوثي قناة "المسيرة" كوسيلة إعلامية رسمية باسمها، تبثّ من الضاحية الجنوبية، وتضمّ طاقمًا إعلاميًّا وميدانيًّا معظمه لبناني، إلا أن المودعين أي المموّلين يمنيون، وتستفيد من القمر الصناعي الخاص بـ"تلفزيون المنار" التابع لـ"حزب الله" للبثّ.

وبعد عامين على إنشاء قناة "المسيرة"، أطلق الحوثيون في العام 2013 قناة "الساحات" الإخبارية،وتعاقب عدد من المديرين على القناة التي جرى إطلاقها رسميًّل من العاصمة اللبنانية في يوليو 2013، إلا أنهم استقالوا بسبب ملف الفساد الذي ظل يضرب القناة منذ انطلاقها.

ولا يقتصر دعم "حزب الله" على احتضان الشبكات الإعلامية التابعة للحوثيين، بل يمتد إلى تدريب العاملين في القطاع الإعلامي، لا سيما ما يُعرف بـ"الإعلام الحربي" من خلال إخضاعهم لدورات وتخريجهم لاحقًا.

و"الإعلام الحربي" تسمية إيرانية للإعلام العسكري، ظهر في بؤر الصراع التي تقودها إيران في العراق، سوريا، لبنان واليمن، تستعرض من خلاله صورًا وفيديوهات لعملياتها العسكرية بطريقة حماسية وتعبوية.