الحوثيون وكورونا.. كيف تُضحّي المليشيات بمرضى الجهاز التنفسي؟
واصلت المليشيات الحوثية جرائمها التي تستهدف القطاع الصحي، في وقتٍ كثرت فيه المخاوف من وصول فيروس كورونا المستجد الذي أرعب العالم أجمع.
مصادر طبية كشفت أنّ مليشيا الحوثي حظرت على كل مرضى الجهاز التنفسي دخول المستشفيات الحكومية والخاصة في كل مناطق سيطرتها الأمر الذي بعرض مئات المرضى لخطر الموت.
وقالت المصادر إنّ لجنة كورونا الحوثية عمّمت على كل المستشفيات عدم قبول أي مريض لديه مضاعفات في الجهاز التنفسي وذلك خشية نقل عدوى كورونا إلى جرحى المليشيات في المستشفيات.
وأكّد أطباء متخصصون في أمراض الجهاز التنفسي أنّ هذا الإجراء يعرض مئات من مرضى الربو وامراض تحسس الصدر والتهابات الرئتين لمخاطر الموت اختناقًا في منازلهم .
وحذَّر الأطباء من أنّ هناك حالات إصابة بفيروس إنفلونزا الخنازير H1HN وهذه الحالات تحتاج أجهزة تنفس وعناية طبية فائقة في المستشفيات وهي لا تختلف في خطورتها عن فيروس كورونا غير أنّ تعميم لجنة مكافحة كورونا الحوثية أغلقت المستشفيات في وجوههم.
وأشار أطباء إلى أنّهم حولوا حالات إسعافية إلى مستشفيات بأمانة محافظة صنعاء، وتم رفض دخولها من بوابات المستشفيات وآخرين رفضت أقسام الطوارئ استقبالهم بحجة احتمال إصابتهم بفيروس كورونا.
ولفتت المصادر إلى أنّ لجنة كورونا الحوثية تشترط إبلاغها بأي حالة يريد الأطباء تحويلها إلى أحد المستشفيات، وتقوم اللجنة بإرسال فريق طبي يقوم بفحص المريض والتأكد من خلوه من كورونا ومن ثم يرسل الفريق تقريرًا بالحالة إلى اللجنة التي تقرر قبوله في المستشفى من عدمه.
وأضافت أنّ الحالات غالبًا تكون إسعافية ولا تحتمل إجراءات لجنة كورونا التي قد يموت المريض واللجنة لم تمنحه تصريح دخول المستشفى إضافة إلى أن الفريق الطبي التابع للجنة كورونا يكون قراره فوق قرار استشاري أمراض الجهاز التنفسي وهذا تجاوز لمنطق التشخيص السليم وأخلاقيات العمل الطبي.
وتتواصل التحذيرات على صعيد واسع من وصول فيروس كورونا المستجد إلى اليمن، في بلدٍ لا يتحمَّل أزمة صحية تضاف إلى مأساته الراهنة.
مُنظمة "أوكسفام"، أصدرت بيانًا، وصفت فيه فيروس كورونا المستجد بأنَّه يُشكِّل تحديًّا جديدًا لليمن، وأشارت إلى إيقاف الرحلات الجوية مما حد من حركة بعض عُمال الإغاثة الذين يستجيبون للأزمة الإنسانية
وقالت المنظمة: "فقط 50٪ من المراكز الصحية في اليمن تعمل، وحتى المراكز المفتوحة تواجه نقصًا حادًا في الأدوية والمُعدات والموظفين"، ونبهت إلى عدم حصول حوالي 17 مليون شخص - أكثر من نصف السكان - على المياه النظيفة.
وحذرت من احتمالية تسبب موسم الأمطار المقبل في تفشي وباء الكوليرا، مشيرةً إلى أنّه سجل أكبر عدد من الحالات المُشتبه بإصابتها في أي بلد في عام واحد، في عامي 2017 و2019.
وتوقعت المُنظمة، مليون إصابة بمرض الكوليرا في اليمن خلال العام 2020.
ومع تفشي فيروس كورونا في الكثير من دول العالم، وتفاقم حالة الخوف والهلع بسبب هذا الوباء المرعب، فإنّ المخاوف كثرت بشدة من انتشار كورونا في اليمن، الذي يمر ببيئة صحية شديدة الترهل، لا يمكنّها أن تتحمّل مزيدًا من المآسي الصحية.
وكانت وكالة "أسوشيتد برس" الأمريكية قد نشرت تقريرًا عن احتمالية تفشي فيروس كورونا في اليمن، استطلعت فيه آراء خبراء منظمة الصحة العالمية وأطباء محليين.
وقالت الوكالة إنَّ معظم المرضى الذين يصابون بالفيروس التاجي الجديد يعانون من أعراض خفيفة فقط، ويتعافون بعد حوالي أسبوعين، مؤكدا أنه يمكن أن ينتشر من قبل أولئك الذين ليس لديهم أعراض واضحة.
وأضافت أن الأطباء في اليمن يعتقدون في كثير من الحالات أن الفيروس قد وصل ويخشون من أنّ الافتقار إلى أنظمة مراقبة المرض يسمح بتفشي الوباء.
وبحسب الوكالة، يخشى الأطباء في اليمن من أن الحرب المستعرة والأزمة الإنسانية ستفاقم من صعوبات تحديد سلاسل العدوى واحتواء الفيروس.
وأشارت إلى تحديد منظمة الصحة العالمية مرفقين لإجراء الحجر الصحي وتشخيص مرضى فيروس كورونا، الأول في صنعاء التي يسيطر عليها مليشيا الحوثي الإرهابية المدعومة من إيران، والثانية في العاصمة عدن.
ونقلت الوكالة عن مسؤول في وزارة الصحة قوله إن الناس خائفون لأنهم يعرفون أن حكومة الشرعية ليست مستعدة، مؤكدًا الحاجة إلى القفازات، والنظارات، وأجهزة التهوية، والأدوية والإمدادات الأخرى.
كما أشارت إلى تصريحات طبيب بأحد المستشفيات، بأنه: "لا يمكنني حتى التحدث عن استعدادنا للفيروس، لأننا لا نملك أي شيء".
ويعيش السكان في المناطق الخاضعة لسيطرة المليشيات الحوثية وسط مخاوف جمة بشأن وصول فيروس كورونا المستجد إلى مناطقهم في ظل بيئة صحية شديدة التردي.
ورصدت مصادر إعلامية عن حالة من التخوُّف انتابت السكان من وصول الوباء الخطير إلى مناطقهم، كونهم مروا بتجارب مريرة وأوضاع قاسية في ظل قبضة وحكم الميليشيات الحوثية التي لا تأبه لصحة وحياة السكان كما تدعي، بل تكرس جلّ جهدها وطاقتها لابتزازهم ونهب مدخراتهم لصالح المجهود الحربي.
وباء كورونا الذي أرعب العالم، أكَّدت قيادات المليشيات في حكومتها "غير المعترف بها" أنَّ تفشيه لا يعنيها، وقد تمّ التعبير عن ذلك على لسان رئيس حكومة المليشيات عبد العزيز بن حبتور: "العالم يهرب من التجمعات اليوم هربًا من فيروس كورونا، وشعبنا اليمني ليس لديه شيء يخسره، فقد متنا من الكوليرا والدفتيريا وفيروسات كثيرة، والعالم لم يتحدث عن هذا الأمر، ومن الطبيعي أن يموت هؤلاء اليمنيون".
حملت تصريحات "بن حبتور" اعترافًا حوثيًّا مفضوحًا بأنّ تفشي وباء كورونا أمرٌ لا يشغلها على الإطلاق، لكنّ الأهم في مقابل ذلك هو الحصول على دعم أكثر عددٍ من المدنيين للزج بهم إلى الجبهات.
كما أنّ الإجراءات التي اتخذتها المليشيات الحوثية على مضض للوقاية من تفشي كورونا هي عبارة عن إجراءات شكلية ليس لها أي أثر أو وجود على أرض الواقع.
وتحاول المليشيات أن تظهر للعالم عبر وسائل إعلامها وعبر بعض القرارات والخطوات التي اتخذتها، أنها تحرص على صحة وحياة السكان في مناطق سيطرتها، على الرغم من عملها على تفشي الكثير من الأمراض.
ومنذ أن أشعلت المليشيات حربها العبثية في صيف 2014، شهدت المناطق الخاضعة لقبضة المليشيات تفشيًّا مخيفًا لعددٍ من الأمراض المستعصية والأوبئة مثل الدفتيريا والكوليرا وحمى الضنك وإنفلونزا الخنازير.
في الوقت نفسه، تواصل المليشيات العمل على التدمير الممنهج من قبل الحوثيين للقطاع الصحي، ونهب المساعدات الإغاثية الطبية المقدمة من المنظمات الدولية.
وغرست المليشيات الموالية لإيران بذور بيئة خصبة لتفشي الأوبئة والأمراض القاتلة، كما عملت على استهداف المستشفيات وعرقلة عملها سواء بتعريض حياة كوادرها للخطر أو قصفها لإخراجها عن العمل، فضلًا عن سرقة الأدوية المخصصة لعلاج المرضى.