اليمن ومفترق الطرق.. لماذا يجب استغلال بادرة التحالف؟
يقف اليمن عند مفترق طرق سيُحدِّد الكثير من التداعيات فيما يتعلق بالحاضر والمستقبل، بعد إعلان التحالف العربي عن هدنة إنسانية، يُعوَّل عليها لوقف الحرب وفتح الطريق أمام الحل السياسي.
وكان المتحدث باسم قوات التحالف العربي العقيد الركن تركي المالكي قد أعلن وقف إطلاق نار شامل في اليمن لمدة أسبوعين اعتبارًا من نهار الخميس.
وقال المالكي، في بيان، إنّ وقف إطلاق النار، يهدف إلى تهيئة الظروف الملائمة، لتنفيذ دعوة المبعوث الخاص للأمم المتحدة لليمن مارتن جريفيث، لعقد اجتماع يجمع مختلف أطراف النزاع، واستئناف العملية السياسية.
وأرجع القرار إلى رغبة التحالف في تهيئة الظروف المناسبة لعقد وإنجاح جهود المبعوث الأممي لليمن والتخفيف من معاناة المواطنين، والعمل على مواجهة جائحة كورونا ومنعه من الانتشار.
ولفت إلى أن الفرصة مهيأة لتضافر كافة الجهود للتوصل إلى وقف شامل ودائم لإطلاق النار في اليمن، والتوافق على خطوات جدية وملموسة ومباشرة للتخفيف من معاناة الشعب.
واعتبر متحدث التحالف أن قرار وقف النار جاء للوقوف مع الشعب اليمني، وأعرب عن أمله في استجابة مليشيات الحوثي لوقف النار، وقال إن الحل السياسي هو الحل الأمثل للأزمة في اليمن.
وأشار إلى بدء إجراءات لمواجهة خطر تفشي فيروس كورونا في اليمن، وأكّد أنّ الجهد الإنساني للتحالف العربي، يفوق جهده العسكري في اليمن.
وفيما قوبلت هذه الخطوة بترحيب كبير من قِبل مختلف الأطراف، إلا أنّ التعويل الأكبر يتمثّل في أن تسهم الهدنة وإن كانت إلى الآن من طرف واحد في حلحلة سياسية، تتيح إنجاح مسار الحل السياسي، وهو أمرٌ لن يتحقق من دون إجبار المليشيات الحوثية على السير في هذا الطريق.
تتفق مع ذلك صحيفة الاتحاد الإماراتية التي عنونت اليوم الجمعة "فرصة للحل"، بشأن إعلان التحالف العربي وقف إطلاق النار في اليمن، من جانب واحد، لمدة أسبوعين.
وقالت الصحيفة إنّ القرار لاقى ترحيبًا أمميًّا ودوليًّا، وآمالاً أوسع، بأن يكون البداية لإنعاش طريق السلام، وأوضحت أن القرار دخل حيز التنفيذ من جانب التحالف، مشيرة إلى أن مليشيات الحوثي، المدعومة من إيران، اختارت الصمت بلا موافقة أو رفض، مع مواصلة الخروقات المستفزة على شتى الجبهات.
ولفتت "الاتحاد" إلى تأييد الإمارات قرار التحالف العربي، الحكيم والمسؤول والمهم، ودعوتها إلى البناء عليه إنسانياً وسياسياً في ظل المخاوف من أزمة فيروس كورونا غير المسبوقة.
وذكرت الصحيفة أن الفرصة الآن في ظل خطر كورونا، تسريع هذا الحل، والمضي نحو تسهيل الاجتماع الذي دعا إليه المبعوث الأممي مارتن جريفيث، بين ممثلي حكومة الشرعية والحوثيين وممثلين من التحالف، للعمل مع الأمم المتحدة على تنفيذ اتفاق شامل ودائم لوقف النار.
صحيفة "الرياض" السعودية وصفت قرار التحالف العربي بوقف إطلاق النار في اليمن لمدة أسبوعين بأنّه "فرصة تاريخية" نحو التوصل إلى حل سياسي للأزمة في اليمن.
وحذرت الصحيفة، اليوم الجمعة، من أنّ معرقلها سيعتبر مسؤولًا عن تفويت الفرصة، وعن أي تبعات صحية أو اقتصادية أو اجتماعية أو أمنية تحدث نتيجة "جائحة كورونا".
وأضافت أن مبادرة وقف إطلاق النار التي يقودها مبعوث الأمم المتحدة، مارتن جريفيث، تستهدف خفض الأعمال العدائية، وتركيز الجهود على توفير الإغاثة الإنسانية لمواجهة تفشي فيروس كورونا.
وأوضحت أنه بالرغم من الجهود المستمرة التي تبذلها المملكة العربية السعودية للوصول إلى حل سياسي يحقق الاستقرار، واصلت المليشيا الحوثية، المدعومة من إيران، استهداف المدن السعودية بالصواريخ البالستية والطائرات دون طيار.
وفيما ترجع الهدنة إلى المخاوف من انتشار فيروس كورونا، فقد أصبح لزامًا استغلال هذه الفرصة لا سيّما أنّ اليمن يمر بأزمة إنسانية هي الأشد فداحةً على مستوى العالم أجمع، حسبما تُوثّق التقارير الدولية.
تكشف الإحصاءات المحلية والإقليمية والدولية عن حجم المآسي التي يعيشها ملايين المدنيين في ظل سيطرة الحوثيين على بعض المناطق، حيث أقدمت المليشيات على ارتكاب كافة صنوف الانتهاكات والجرائم على النحو الذي كبّد المواطنين أعباءً لا تُطاق.
ومؤخرًا،كشفت إحصائيات صادرة عن الأمم المتحدة عن حجم الكارثة الإنسانية المتفاقمة التي صنفتها الأسوأ عالمياً، حيث يواجه اليمن أكبر أزمة أمن غذائي في العالم، ويعيش حوالى 20 مليون شخص في ظل انعدام الأمن الغذائي ويكافحون لإطعام أنفسهم غير متأكدين من أين سيحصلون على وجبتهم التالية.
ومن بين هؤلاء، يعيش حوالى 10 ملايين شخص 70٪ منهم أطفال ونساء يعانون من انعدام شديد للأمن الغذائي أي على بعد خطوة من المجاعة، بحسب الأرقام الأممية.
وأشارت نتائج التقييم الطارى للأمن الغذائي والتغذية إلى تجاوز مؤشر سوء التغذية الحاد (الهزل) في محافظات الحديدة وحضرموت وحجة وأبين عتبة 25٪ حسب تصنيف منظمة الصحة العالمية، بينما بلغ سوء التغذية المزمن (التقزم) مستويات حرجة تجاوزت 60٪ في 14 محافظة من أصل 22 محافظة.
وكذلك، كشفت وثيقة الاحتياجات الإنسانية التي أعدتها المنسقية الإنسانية للأمم المتحدة "أوتشا" أنّ نحو مليوني طفل و1,5 مليون امرأة حامل أو مرضعة يعانون من سوء التغذية الحاد، كما تواجه حاليًّا 127 مديرية من أصل 333 مديريةً مخاطر متزايدة بالانزلاق إلى المجاعة تصل إلى أكثر من 60٪ من عدد السكان.
ومع ارتفاع سوء التغذية الحاد، تزداد مخاطر تعرض الأطفال للوفاة، كما يؤثر ذلك سلباً على نمو الأطفال وقدراتهم العقلية وبالتالي يسبب انخفاض إنتاجيتهم عند دخولهم سوق العمل في المستقبل، ولذلك بات سوء التغذية خطرًا محدقًا بحياة الأطفال اليمنيين.
وتكشف تقارير أممية أيضًا، أنّ ثلاثة من كل خمسة أطفال بعمر يتراوح بين 5 إلى 69 شهرًا سيعانون من سوء التغذية الحاد في العام الجاري، بينما 2,5 مليون امرأة حامل ومرضعة ومسؤولات عن رعاية أطفال دون الثانية من العمر يحتجن إلى استشارات ونصائح حول أساليب الطعام وتغذية المواليد وصغار السن بعمر يوم إلى 23 شهرًا.
كما أنّ هناك 1,8 مليون طفل دون الخامسة يعانون من سوء التغذية الحاد "المعتدل"، و500 ألف طفل دون الخامسة يعانون من سوء التغذية الحاد "الوخيم"، و1,5 مليون طفل دون الثانية من العمر يحتاجون إلى مكملات غذائية دقيقة، كما أنَّ عشرة ملايين امرأة مرضعة وحامل يعانين من سوء التغذية الحاد و5 ملايين طفل دون سن الخامسة بحاجة إلى مكملات فيتامين (أ).
في الوقت نفسه، كشفت منظمة الصحة العالمية أنّ سوء التغذية الحاد الكلي يكون مقبولاً عند أقل من 5٪ وضعيفًا، دون نسبة 10٪ وطارئًا عند أكثر من 15٪.