دعم الإخوان.. اختبار حقيقي لحجم جدية تركيا في التقارب مع السعودية والإمارات
برزت على الساحة في الفترة الأخيرة، بوادر تغيير كبيرة في السياسات التركية تجاه دول الخليج، ما يفرض تساؤلات عن العلاقة المستقبلية لأنقرة مع تنظيم الإخوان وفرعه اليمني حزب الإصلاح.
زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى الإمارات مثّلت إشارة واضحة من أنقرة برغبتها في فتح صفحة جديدة في العلاقات مع دول الخليج، ثم توِّج هذا التوجه بإقدام تركيا على تسليم ملف قضية مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي إلى السلطات القضائية إلى المملكة بمثابة إشارة أخرى من تركيا.
أنقرة قالت اليوم الجمعة، إنّ قرار إحالة قضية محاكمة 26 متهما بقضية مقتل خاشقجي إلى السلطات القضائية السعودية يتوافق مع القانون.
وغرّد وزير العدل التركي بكر بوزداج، عبر حسابه بموقع التدوين المصغر "تويتر": "في قضية جمال خاشقجي، فإن قرار المحكمة بوقف ونقل المحاكمة يتوافق مع القانون، وليس نقلا للاختصاص، ولا رفضا للقضية، وعلى الرغم من معرفة هذه الحقيقة، فإن تصريحات بعض السياسيين هو تفسير مشوه نابع من حسابات سياسية".
وكانت المحكمة الجنائية الـ11 بإسطنبول، قد قررت في السابع من أبريل الجاري، إحالة قضية محاكمة متهمين بجريمة مقتل "خاشقجي" إلى السلطات القضائية السعودية.
وصدر القرار من المحكمة المسؤولة عن النظر في قضية مقتل خاشقجي، في جلسة تغيب عنها المتهمون الـ 26.
ونهاية مارس الماضي، طالبت النيابة العامة التركية بإحالة قضية محاكمة المتهمين بقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده باسطنبول، إلى السلطات القضائية بالمملكة العربية السعودية.
قرار تركيا يأتي في ظل توجهات جديدة من أنقرة لا تحمل طابعًا سياسيًّا وحسب لكنها تأتي في إطار حرص تركي على تعزيز وتقوية اقتصادها الذي يمر بأزمة حادة، فيما تنتظر تركيا إجراء انتخابات رئاسية يتوخف أردوغان من خسارتها.
التغيرات الملحوظة في السياسات التركية التي تبدو عليها مساعي التقارب من دول الخليج، تثير تساؤلات عن تعامل أنقرة مع الملف اليمني وهي سياسات لطالما مثّلت تخادمًا مع حزب الإصلاح الإخواني.
أحد هذا الدعم تمثّل في إفساح تركيا المجال أمام قنوات إعلامية إخوانية تُبث من إسطنبول وتحمل أجندة معادية للتحالف العربي وتعمل على إطلاق رسائل معادية للسعودية والإمارات بشكل دائم.
إلى جانب هذه الحاضنة الإعلامية، فإنّ النظام التركي يستغل حزب الإصلاح لتمديد توغله في اليمن، تحت مظلة الأعمال الإنسانية، فيما يمثّل هذا الوجود والتدخُّل محاولة لتقوية جبهة حزب الإصلاح على الأرض.
والمظلة الإنسانية المزعومة تعبّر عنها وكالة التعاون والتنسيق "تيكا" التركية التي تمثّل ذراعًا خفيًّا للتمدد والانتشار التركي حول العالم، وبخاصة في مناطق الصراع وبؤر التوتر، وهو نفس الدور الذي تمارسه منظمة الهلال الأحمر التركي.
كان هذا الدعم مصحوبًا برسائل بثها الإعلام التركي الرمسي تناول تحريضًا ضد المجلس الانتقالي وإطلاق كم كبير من الشائعات ضده، في محاولة لتوجيه ضربة لمشروعه الوطني القائم على العمل على استعادة الدولة وفك الارتباط.
إلى جانب ذلك، عملت تركيا - تحت مظلة المنظمات التي تدعي عملًا إغاثيًّا وإنسانيًّا - على دعم المليشيات الإخوانية تسليحيًّا، وذلك عن طريق القاعدة العسكرية التركية في الصومال، والمقر الإقليمي لوكالة تيكا في إثيوبيا.
وفي ظل التوجهات السياسية التركية التي تميل نحو التقارب مع السعودية والإمارات، فإنّ موقفها الداعم لحزب الإصلاح يظل محل اختبار في الفترة المقبلة لإثبات حجم جدية أنقرة في هذا التوجه.