تصعيد حوثي متواصل في الجنوب يفرض حتمية الضغط الميداني قبل المفاوضات
كما جرت العادة، تستغل مليشيا الحوثي الإرهابية أي هدنة إنسانية يتم إعلان التوصل إليها، لإعادة ترتيب الصفوف ومن ثم التوسع في ارتكاب خروقات في محاولة لإفشالها.
ومثّل الجنوب محور استهداف للمليشيات الحوثية الإرهابية التي ركّزت إرهابها ضده بغية العمل على إيقاع أكبر ضرر بقواته المسلحة وبنيته التحتية وتدميرها.
ووثّقت القوات المسلحة الجنوبية، 126 خرقًا ارتكبتها مليشيا الحوثي الإرهابية المدعومة من إيران في مختلف الجبهات ومناطق التماس.
هذا العدد الكبير من الخروقات الحوثية يرفع العدد الإجمالي للانتهاكات التي ارتكبتها المليشيات إلى 222 خرقًا منذ انطلاق الهدنة مع بداية شهر رمضان الكريم.
وقالت القوات المسلحة الجنوبية، إنّ من بين الخروقات الحوثية ارتكاب عمليتي قنص لجنديين من القوات الجنوبية، موضحة أنهما أحدهما مصاب بجروح خطيرة.
إقدام المليشيات الحوثية على ارتكاب هذا العدد الكبير من الخروقات والانتهاكات يضع الهدنة التي أعلنتها الأمم المتحدة، محل اختبار وشك كبير، لا سيّما في ظل إصرار المليشيات على التصعيد العسكري.
ويأتي هذا التصعيد المتواصل من قبل الحوثيين بالتزامن مع زيارة كان قد أجراها المبعوث الأممي إلى صنعاء ولقائه بقيادات المليشيات، ما يعني أنّ "الأخيرة" رفضت الانصياع لمطالب وقف ارتكاب مثل هذه الهجمات وقررت التمادي في عملياتها العسكرية.
جنوبيًّا، أكّدت القوات المسلحة الجنوبية في أكثر من مناسبة، التزامها التام بالعمل على تحصين أراضيها من أي استهداف وذلك عبر الرد على أي تهديدات يتعرض لها الجنوب.
يعني ذلك أنّ الالتزام الذي كان قد أبداه الجنوب بالهدنة الإنسانية وحرصه على إنجاحها عبر وقف إطلاق النار لا يسحب من الجنوب حقه الأصيل في اتخاذ الإجراءات اللازمة التي تضمن له حماية أراضيه من أي اعتداءات.
في الوقت نفسه، فإنّ الإصرار الحوثي على التصعيد العسكري يقوّي من أهمية التوجيهات الحازمة والحاسمة التي أصدرها الرئيس القائد عيدروس الزُبيدي رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي، والتي تمحورت جميعها حول إعادة الانضباط للمنظومة العسكرية.
هذه التوجيهات التي تقوم على إجراء عملية تطهير شاملة لوزارة الدفاع، ستقود إلى ضبط بوصلة الحرب من خلال دفع القوات لتتولى المهام المنوط بها فعليًّا وهي محاربة المليشيات الحوثية، وذلك بعدما شهدت الفترات الماضية عزوفًا متعمدًا من قِبل المليشيات الإخوانية عن التوجه للجبهات.
وفي ظل التصعيد الحوثي، فإنّ الواقع على الأرض يُشير بوضوح إلى أنّ الضغط على المليشيات الحوثية لن يتحقق من خلال عقد اجتماعات معها وحسب، لكن الأمر يتطلب أولًا توجيهات ضربات عسكرية تُشكل ضغطًا على المليشيات أولًا، بما يُلزمها الانخراط في مسار التسوية السياسية.