هل هي حرب عبثية؟
عبدالقوي الاشول
عند قراءة مجريات الحرب على مدى سنوات خلت، نجد أن طرق مليشيات الحوثي تمضي باتجاه الحرب لأجل الحرب، وهو الوضع الذي كبدها خسائر بشرية فضيعة ما ينم عن عدم وجود رؤية سياسية وبدائل ومرونة لدى هذا الطرف الذي يدفع إلى جبهات محاصد الأرواح الأعداد الكبيرة من أنصاره أو ممن لا يجدون سبيلاً للفكاك من هيمنة تلك الجماعة التي تنتهج سبل ضغط وإكراه تجاه من يرغمون على الذهاب إلى الموت في الجبهات المختلفة.
معطيات الواقع تشير بجلاء إلى استخدام الأطفال بصورة مروعة ولا إنسانية، وهو نسق دأبت عليه تلك الجماعة البعيدة عن المرونة أو الشعور بالمسؤولية تجاه من تدفع بهم إلى مهاوي الردى دون أدنى حسابات.
حقاً إنها كارثة إنسانية قد يجهل العالم الكثير من الحقائق بشأنها، فعلى امتدادات جبهات قتال شتى ظلت تلك المليشيات تدفع بالمزيد من التعزيزات رغم أنها وفق الحقائق على الارض تواجه خسائر بشرية كبيرة ناهيك عن عدم قدرتها على استعادة أي من المواقع التي هزمت فيها.. وهنا يبرز السؤال المنطقي: على ماذا تراهن هذه الجماعات التي يشير تاريخها على مدى عقود إلى ممارسة حروب غير محسوبة نتائجها سلفاً، وهو الحال الذي أفرغ مناطق شمال الشمال من رجالها بعد أن وجدوا أنفسهم في قبضة هذا الطرف الذي لا يمكن لأحد قرأءة أهدافه المرجوة من هذا الدمار الماحق الذي سببه لأتباعه، وهو حالياً وإثر حرب السنوات الماضية استطاع توسيع نطاق خزانه البشري في محافظات يمنية عدة، الأمر الذي جعله وفق كافة الحسابات والاستراتيجيات العسكرية يمارس حربا عبثية جرت الويل والدمار للمناطق التي هي تحت قبضته.. ومع ما سلف يسعى في الوقت الراهن للعب على أوراق عدة، إلا أنها بمجموعها لا تعبر عن عمق حسابات لديه كما هو الحال في استخدام سكان المدن دروعاً بشرية، ساعياً عبر هذا السبيل إلى الضغط على الجانب الإنساني المتردي أصلاً لاستمالة العالم حتى لا تبلغ الحرب منتهاها عبر الحسم العسكري.
بمعنى أدق، السبيل للخروج من الوضع القائم هو التفاوض دون ريب من ذلك ولا سبيل أمام تلك الجماعات لتحقيق انتصار عسكري. وهنا يبرز السؤال المنطقي: ما جدوى مواصلة الدفع بتعزيزاتهم إلى الجبهات؟ أليس الأمر وفق كافة الحسابات العسكرية مغامرة خاسرة تعمق الجراحات وتزيد من حجم نزيف الدماء؟
والأجدر بالمجتمع الدولي عبر هيئاته المختلفة التعاطي مع الوضع من منظور حجم العبث الذي تمارسه المليشيات والتضحية بأبناء المجتمع اليمني الفقير على نحو ما يجري.
ولا سبيل للخروج من الوضع وإنهاء الحرب إلا بممارسة ضغوطات فعلية على المليشيات التي تبين أنها تستخدم كافة العوامل اللاإنسانية في حربها العبثية، في الوقت الذي لا تمتلك معه بدائل سياسية.. وهنا مكمن الخطر الماحق من تلك الجماعات التي ترتكب أبشع جرائمها بحق اليمن.