إرادة الجنوب التي لا تُقهر.. صمود يكتب صفحة جديدة للتاريخ

الأحد 7 ديسمبر 2025 16:42:21
testus -US

تثبت التجارب الكبرى في تاريخ الشعوب أن الإرادة الجمعية حين تتجذر في الوعي العام، تصبح قوة لا يمكن لأي طرف في العالم كبحها أو الالتفاف عليها.

هذا الأمر جسده شعب الجنوب العربي خلال السنوات الماضية، حيث قدّم نموذجًا استثنائيًا في الصمود والثبات رغم الظروف السياسية والعسكرية والاقتصادية التي حاولت مرارًا إضعافه أو تشتيت مساره.

لقد أذهل الجنوب العربي الجميع بقدرته على التماسك في أحلك المراحل، وبقدرته على تحويل المعاناة إلى قوة، واليأس إلى تصميم، والتحديات إلى فرص متجددة لإثبات الذات.

وفي قلب هذا المشهد تقف حضرموت، التي مرت خلال عقد كامل بمرحلة معقدة لم تكن فيها الأوضاع هادئة ولا مستقرة.

فقد عاش أبناؤها عشر سنوات شاقة، شهدت صراعات أمنية، وتوترات سياسية، ومحاولات لفرض واقع لا يتسق مع تطلعات الناس ولا مع طبيعة المنطقة.

كانت تلك الفترة سنوات مُنهِكة، تتصارع فيها القوى المختلفة على استغلال الفراغ، في وقت كان المواطن البسيط يبحث عن الأمن والسكينة.

غير أنّ هذه الحالة لم تستمر إلى ما لا نهاية، فمع نضوج الوعي الجنوبي، واتساع دائرة الإدراك بأهمية حسم الملفات العالقة، جاءت مرحلة مفصلية قلبت المعادلة وأعادت رسم مشهد جديد في وادي حضرموت.

لكن، كما هو الحال في أي تحوّل كبير، ومع اقتراب الجنوب من تثبيت أمنه وترسيخ استقراره، بدأت ترتفع أصوات اعتادت حياة الضجيج والاضطراب.

هذه الأصوات لا تظهر إلا عندما تتضرر مصالحها، ولا تصرخ إلا حين ترى أن استعادة الاستقرار يهدد مكاسبها الضيقة.

ومع استعادة الجنوبيين زمام المبادرة، ظهرت هذه الأصوات مجددًا، تحاول عبر الشائعات والتشويه بثّ القلق في محيط اجتماعي لم يعد يقبل عودة الفوضى.

هذه الأصوات، التي يمكن وصفها بالناعقة، ليست سوى آخر صدى لمرحلة باتت تطوي صفحاتها. فجنوب اليوم يختلف عن جنوب الأمس؛ وعيه أنضج، ومؤسساته أقوى، ومساره أصبح واضحًا.