شعب الجنوب العربي يحسم خياره.. لا عودة إلى الوصاية
رأي المشهد العربي
حسم شعب الجنوب العربي، خياره الوطني بصورة لا تقبل التأويل، وأغلق نهائيًا صفحة الوصاية التي فرضت عليه لعقود، وأثبت أن زمن إدارة شؤونه من خارج إرادته قد انتهى بلا رجعة.
وقد تشكل وعي جمعي جنوبي يدرك أن الاستقرار الحقيقي لا يُفرض من الأعلى، ولا يُدار عبر ترتيبات مؤقتة، بل يبدأ من الجنوب نفسه، حين يمتلك قراره، ويُفعّل مؤسساته، ويحمي مصالحه الوطنية.
لم يعد الجنوب العربي يقف عند حدود المطالب السياسية أو الحقوقية، بل تجاوز تلك المرحلة إلى مرحلة أكثر تقدمًا تتمثل في التمكين الفعلي على الأرض. فالتجربة أثبتت أن الاكتفاء بالمطالب دون امتلاك أدوات التنفيذ يفتح الباب أمام الفراغ، ويُنتج أزمات متراكمة.
أما اليوم، فإن الجنوب العربي يسير في مسار مختلف، يقوم على تثبيت الاستقرار، وبناء منظومة أمنية قادرة، وتعزيز الحضور السياسي باعتباره مدخلًا لحماية المجتمع وضمان مستقبله.
كما أن الاستقرار في الجنوب العربي لم يعد شأنًا محليًا فحسب، بل بات عنصرًا أساسيًا في معادلة الاستقرار الإقليمي، فكلما تعززت قدرة الجنوب على إدارة شؤونه، تراجعت فرص الفوضى، وانكمشت مساحات النشاط للجماعات المتطرفة وشبكات الجريمة المنظمة.
وعلى العكس من ذلك، فإن أي محاولة لإعادة الجنوب إلى مربعات الوصاية أو تعطيل مسار تمكينه، لن تؤدي إلا إلى خلخلة الوضع الأمني، وخلق بيئة هشّة قابلة للانفجار.
وتكمن خطورة التراجع المحتمل في أنه لا يحمل أبعادًا سياسية فقط، بل يفتح الباب أمام مخاطر أمنية وإنسانية واضحة. فالتاريخ القريب يثبت أنّ الفراغ السياسي يولّد فوضى أمنية، وأن غياب القرار المحلي يُفضي إلى تدهور الخدمات، واتساع رقعة المعاناة الإنسانية، وتآكل الثقة بين المجتمع ومؤسسات الدولة، وهي نتائج لا يحتملها الجنوب، ولا تخدم استقرار المنطقة ككل.
وأدرك شعب الجنوب العربي أن الحفاظ على ما تحقق مسؤولية وطنية جماعية، وأن أي تهاون في هذا المسار سيُعيد إنتاج أزمات دفع ثمنها غاليًا. ومن هنا، فإن الرسالة واضحة وهي أنه لا عودة إلى الوصاية، ولا تراجع عن مسار التمكين، لأن الاستقرار يبدأ من الجنوب، واستمراره مرهون باحترام إرادة شعبه وحماية منجزاته.