بـورقة الحديدة.. بريطانيا تكثّف الضغط على المليشيات الحوثية
من جديد، كثّفت بريطانيا الضغط على مليشيا الحوثي الانقلابية للانسحاب من مدينة الحديدة؛ إدراكًا بأنّ استمرار التعنت لن يضفي على البلاد إلا مزيداً من التعقيد في الأزمة وإطالة أمدها.
المتحدثة باسم الحكومة البريطانية أليسون كينج تحدّثت لصحيفة "الشرق الأوسط"، عن أهمية حل الأزمة اليمنية عبر الحوار السياسي، وقالت: "نحن نحاول تشجيع ودعم الحوار.. ونعتقد أنَّه على الحوثيين مغادرة ميناء الحديدة، وإذا لم يحدث ذلك، فإن العمليات القتالية سوف تتجدد، وهذا خطير جداً على الشعب اليمني".
وأضافت أنَّ لدى بلادها مخاوف قديمة بشأن دور إيران في البلاد، وصرحت: "توفير الأسلحة للحوثيين يتعارض مع قرارات مجلس الأمن الدولي، ونحن نشعر بقلق عميق أمام التقارير التي تفيد بأن إيران زوّدت الحوثيين بصواريخ باليستية، ما يهدد الأمن الإقليمي ويطيل الصراع".
هذا الضغط البريطاني يأتي بعد أيامٍ قليلة من مقترح قدّمه وزير خارجيتها جريمي هنت خلال زيارته للبلاد، حيث اقترح تسليم ميناء الحديدة لـ"سلطة محايدة" لا تتبع السلطة المحلية.
وأبدى الوزير البريطاني مخاوفه من عودة الأوضاع في اليمن إلى حرب شاملة، بسبب عدم تنفيذ الاتفاق بين الحكومة والمليشيات، ولمح إلى أن زيارته للمنطقة قد تكون آخر فرصة لإنقاذ اتفاق السويد وعملية السلام.
وشملت زيارته العاصمة عدن، بعد جولة له في المنطقة، بدأت من عمان ثم السعودية والإمارات العربية، حيث التقى مسؤولين عمانيين، والمتحدث باسم المليشيات الحوثية في مسقط، كما التقى في كل من الرياض وأبوظبي بالرئيس هادي، ووزيري خارجية السعودية والإمارات.
لكن حكومة هادي سارعت للرد على المقترح، حيث أعلنت رفضها له، واعتبرت أنّ الحديث عن تسليم الميناء لـ"سلطة محايدة" تفسير غريب يبتعد كليًّا عن مفهوم اتفاق السويد.
وذكر بيانٌ صادرٌ عن الحكومة أنّ "الأخيرة" تبدي استغرابها من التصريحات التي أدلى بها هنت لكونها تأتي في سياق يختلف عما تم الاتفاق عليه في ستوكهولم أو حتى ما دار من نقاشات في زيارته الأخيرة للمنطقة.
وأضاف البيان أنّ كافة القوانين اليمنية والقرارات الدولية وكل البيانات والمواقف الدولية ذات الصلة تؤكد الحق الحصري للحكومة في إدارة شؤون الدولة اليمنية وبسط نفوذها على كافة تراب الوطن دون انتقاص.
وأوضحت الحكومة أنَّ موضوع السلطة المحلية مسألة قد حسمت في اتفاق السويد الذي أكد على أن تتولاها قوات الأمن وفقاً للقانون اليمني واحترام مسارات السلطة ومنع أي عراقيل أمام السلطة بما فيها المشرفون الحوثيون.
واعتبرت أنَّ الحديث عن سلطة محايدة لا تتبع السلطة الشرعية هو تفسير غريب يبتعد كليًّا عن مفهوم الاتفاق (اتفاق ستوكهولم) ومنطوقه (بنوده)، موضحةً أنَّ "هنت سبق أن قال إنّ مليشيا الحوثي تحتل الحديدة وبالتالي فإنّ مهمة القانون الدولي والمجتمع الدولي هي العمل على تنفيذ الاتفاق وليس إفراغه من محتواه والبحث عن حلول غير قابلة للتطبيق.
في الوقت نفسه، رفضت المليشيات الحوثية هذا المقترح، وأعربت عن رفضها التعامل مع بريطانيا كوسيط لحل الأزمة القائمة في البلاد.
وكانت مصادر مطلعة قد كشفت - مع الإعلان عن الاتفاق على المرحلة الأولى من إعادة الانتشار في 17 فبراير الماضي- التوصُّل إلى اتفاق مبدئي على نشر قوات يمنية محايدة لم يسبق لها أن شاركت في المواجهات الدائرة منذ ما يزيد على أربع سنوات، وذلك بعد أن تكون بنود تفاهم ستوكهولم قد نُفّذت جميعها، سواءً على مستوى الانسحاب أو فتح الممرات الإنسانية أو رفع القيود المفروضة على موانئ الحديدة.
وأوضحت المصادر - آنذاك - أنَّ رئيس لجنة تنسيق إعادة الانتشار اقترح في البداية نشر قوات دولية في مناطق آمنة، لكنّ المليشيات الحوثية رفضت هذا المقترح، فتمّ التفاهم على الخيار البديل المشار إليه، والذي نبّهت المصادر نفسها إلى أنّ بلورة صيغته النهائية ومن ثم تنفيذه كانا سيستغرقان وقتاً.
لكن وزير الخارجية البريطاني استعجل، على ما يبدو، في إشهار هذه الورقة، واستخدامها سلاحاً بوجه المليشيات، في محاولة لتصعيد الضغوط على الحركة، ولعلّ هذا هو ما يفسّر حدة موقف الحوثيين في تعليقه على تصريحات جيريمي هنت.