حضرموت.. إرادة تنتصر وحُلم مُنتظر
نهى البدوي
جدد أبناء حضرموت أفراحهم بعظمة انتصارهم في الاحتفال السنوي الذي أقامته السلطة المحلية بحضرموت والمنطقة الثانية يوم الأربعاء الماضي في معسكر لواء الريان بمناسبة الذكرى الثالثة لدحر تنظيم «القاعدة» من حضرموت الساحل في 24 أبريل 2016م، مجددين عزمهم وإصرارهم على مواصلة معركتهم مع الإرهاب التي لم تستكمل فصولها بعد.
خاض أبطال النخبة الحضرمية في 24 أبريل 2016م أشرس معركة لهم ضد تنظيم القاعدة، بعد ستة أشهر من تلقيهم التدريبات القتالية العالية، بدعم من دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث انطلقت معركتهم من ثلاثة محاور وبغطاء جوي وإسناد من قوات التحالف العربي ودمروا فيها حلم تنظيم «القاعدة» في إقامة إمارته الإسلامية، ودكوا أوكاره، حتى ألحقوا به الهزيمة خلال ساعات من انطلاقها، وقتلوا فيها أكثر من 800 من عناصره وفرار مئات الآخرين، ودحره صاغراً منكسراً من مدينة المكلا وساحل حضرموت بعد أن سيطر عليها لمدة عام كامل.
صنع أبناء حضرموت بمختلف انتمائهم وقبائلهم نخبة، سياسيين، ومبدعين أعظم نصر وملحمة بطولية خلصت أهالي مدينة المكلا ومديريات الساحل من خطر عناصر تنظيم القاعدة، الذي ظل فترة سيطرته عليها يعبث بأرواحهم وحياتهم ويعيث فيها فساداً وينهب خيراتها وثرواتها ومواردها وبنوكها، ليضع نصر حضرموت في المكانة السياسية والأمنية والاقتصادية، التي ينبغي أن تكون لتمارس دورها الطبيعي في مسار التحولات والصراع القائم في اليمن، وخطَّت دماؤهم عنواناً مضيئاً ومشرقاً للوحة النصر المشرقة التي جسدت كل زواياها وتفاصيل ألوانها عظمة النصر، وعمق الشراكة الإقليمية، ونجاحها في محاربة الإرهاب، فكان النصر مكسباً جنوبياً ويمنياً وإقليمياً، وهذا ليس غريبا عن حضرموت الحضارة، التي نحتَ لها أبناؤها الأولون صفحات مشرقة في تاريخ الحضارة العربية والإسلامية.
لافتتاح النصب التذكاري دلالته الكبيرة، التي تجسد عظمة التضحيات، وشموخ النصر وقوة العزيمة لمواصلة الأبناء السير على درب التضحية، التي رسمته دماؤهم الطاهرة، لتنتصر حضرموت وتعيش حرة شامخة لا تنكسر، هذا ما جسده شبابها بمواصلتهم التضحية لتطهير المكلا ومديريات الساحل من بقايا عناصر تنظيم «القاعدة»، وخلاياها النائمة وإلحاق الهزيمة تلو الأخرى بها، رغم جرائم الانتقام التي استهدف تنظيم «القاعدة» و «داعش» قوات النخبة كردة فعل على النصر والنجاحات التي حاصرت حركة عناصرهما فيها، من تلك الجرائم التي يصادف هذه الأيام مرور ثلاث أعوام التي ارتكبها تنظيم داعش في المكلا في 27 يونيو 2016م، شهر رمضان راح ضحيتها أكثر من 42 قتيلاً من قوات النخبة الحضرمية وإصابة 48 آخرين، إلا أنها لم تثنِ النخبة عن مواصلتها اجتثاثهما، حيث حققت في الثلاث الماضية، انتصارات متلاحقة على تنظيم «القاعدة»، بخوضها ثلاث معارك ناجحة، هي معركة الفيصل وادي المسيني مديرية حجر والجبال السود هضبة حضرموت، والقبضة الحديدية مديرية يبعث.
ما يزيد الاحتفال بهجة هو توّحد مواقف أبناء حضرموت سلطة ومعارضة، وعزمهم السير على درب الشهداء لتطهير ما تبقى من حضرموت من العناصر الإرهابية، هذا ما نقرأه في كلمة اللواء فرج سالمين البحسني محافظ حضرموت قائد المنطقة العسكرية الثانية، الذي جاء فيها: «لم يتحقق انتصارنا هذا إلا بعد تضحيات وسقوط شهداء ندين لهم بالسير على خطاهم في سبيل أن تظل حضرموت آمنة مستقرة ومزدهرة»، وفي تعهد رئيس الجمعية الوطنية للمجلس الانتقالي ومحافظ حضرموت السابق اللواء أحمد بن بريك في تغريدة له على حسابه في تويتر بهذه المناسبة كتب فيها «عهداً علينا باستكمال تحرير الوادي والصحراء وحان زمن التحرير لتكون حضرموت في قبضة النخبة الحضرمية».
عظمة النصر والابتهاج بذكراه لا ترتسم بالكلمات والشعارات البراقة إنما برؤيتها على وجوه العامة، وملامستهم ثمار الاستقرار على المستوى المعيشي السياسي والاقتصادي والأمني والخدمي، هذا ما يشع من جباه أبناء المكلا ومديريات الساحل ويبديه رضاهم بمستوى الأمن وعودة الخدمات أثناء احتفالهم، كما لا يقاس إصرار إرادتهم إلا بتحقيق حُلم أبناء حضرموت المنتظر لتطهير بقية مديريات الوادي في معركتهم مع الإرهاب التي لم تنته بعد! ربما رؤيتكم لعظمة النصر تختلف عما أراه أحبتي.