الحشد الكثيف في شبوة.. الجنوب ينتصر في معركة الوعي
رأي المشهد العربي
هناك معارك عديدة تبقى أكثر أهمية من المعارك العسكرية والسياسية التي تدور على أرض الواقع، لعل أبرزها معركة الوعي والتي تشكل ضمانة ضد أي اختراق فكري يلجأ إليه الأعداء في ظل فشلهم بالإمكانيات العسكرية أو السياسية، وهي معركة لا تتطلب أموالا كثيفة لكن يكفيها إطلاق شعارات وشائعات وتوجيهها إلى الجمهور الذي تستهدفه ثم تنتظر النتائج على الأرض، هذا ما حاول الإصلاح فعله في شبوة لكن الحشود الكثيفة التي خرجت في عتق أهدت النصر إلى الجنوب.
يجيد تنظيم الإخوان الإرهابي اختراق الشعوب من خلال الشائعات بل أن ذلك كان أساس بناء شعبيته في العديد من البلدان العربية، لكنه اصطدم بصخرة الجنوب، فدائما ما يحاول التنظيم ومن ورائه أذرعه السياسية المنتشرة في أماكن عدة أن يثير الرأي العام حول قضية ما ثم يخلق حولها نوعا من الجدل وهذا الجدل يؤدي إلى مؤيد ومعارض للقضية المثارة ومن ثم يدخل على الخط لإثارة الفتنة وتبني خطاب مظلومية يمنحه تأييدا من المواطنين لصالح القضية التي يتبناها.
هذا ما حدث خلال الشهر الماضي في أكثر من محافظة جنوبية، فالبداية كانت مع سقطرى بعد أن أوعز الإصلاح للمحافظ الإخواني رمزي محروس بأن يثير قلائل وشبهات حول دور دولة الإمارات العربية المتحدة في الأرخبيل، وتصدرت تصريحاته التي ارتبطت برفض تشكيل قوى أمنية موازية ومحاولة تصوير قوات الحزام الأمني التي مهمتها الأساسية تكمن في ضبط الأمن والتعامل مع فساد الشرعية على أنها قوى تسعى لاحتلال الجزيرة.
ولم يكتفي بهذا بل أن تزييفه للحقائق وصل إلى أن قام بمنع سفينة إغاثية إماراتية من تفريغ حمولتها لإنقاذ الفقراء والأبرياء بحجة أنها تحتوى على أسلحة، وعلى مدار 5 أيام عمل المحافظ على تجييش المواطنين ضد دولة الإمارات والتحالف وفي النهاية فرغت السفينة حمولتها وأثبتت كذبه ومؤامراته، لكن كان هدفه الأساس اختراق وعي أبناء المحافظة وشحن طاقاتهم ضد التحالف وتأييد الإصلاح.
الواقعة الثانية كانت في العاصمة عدن بعد أن ذهب الإصلاح إلى محاولة أخرى للوقيعة بين المواطنين عبر معركة الوعي التي يجيدها، فحاول أن يخلق فتنة بين أبناء عدن وبين المجلس الانتقالي الجنوبي، ودفعهم للخروج في تظاهرات ضد قيادات الانتقالي لإثارة القلائل بالعاصمة لكن محاولاته باءت بالفشل وبل ونجح الانتقالي في إخماد الفتنة سريعًا وتوحدت جميع الأنظار ناحية معركة الضالع بدلا من الدخول في خلافات معروف من ورائها.
أما ثالث الوقائع وأهمها فارتبطت بشبوة والتي شهدت معركتين من جانب الإصلاح في آن واحد، الأولى ارتبطت بالوعي أيضا وحاولت المليشيات التأكيد على أحقيتها في حماية أنابيب النفط لسرقتها وتوجيه أموالها لدعم المليشيات الإيرانية، في وقت تقوم فيه النخبة الشبوانية المكونة من أبناء المحافظة بحمايتها من سرقة الإخوان والحوثي، والمعركة الثانية عسكرية بعد أن وجدت أن الاختراق الفكري للمواطنين لم يصل إلى نتائجه المرجوة ولكنها خسرت الاثنين معا، بعد أن احتشد المواطنين رافضين مؤامراتها في عتق وتصدي قوات النخبة لها.
في الثلاث الوقائع الماضية، انتصر الجنوب في معركة الوعي، إذ أن محافظ سقطرى لفظه المواطنون بالأحذية في إشارة إلى تيقنهم من خيانته، وفي العاصمة عدن لم يستجيب أحد لمحاولات الفتنة وبدا أن الإصلاح يخاطب نفسه، وفي شبوة احتشد المواطنون رافضون مؤامرات الإصلاح.