بقي أن يطلبوا ترحيل شعب الجنوب من ارضه !
أحمد عمر بن فريد
- قضية الجنوب .. حوارتنا مع الدبلوماسية العربية (2-1)
- رسالة أم الشهيد بن شجاع
- الأحقادُ لا تبني وطنا.. رواندا مثالاً (2 – 2)
- *الأحقاد لا تبني وطناً.. رواندا مثالا (1-2)*
قدمت الحكومة التي يدير شؤونها ويتحكم في قراراتها ومفاصلها الجنرال العجوز / علي محسن الأحمر عبر مندوبها في الامم المتحدة بحسب ما وردنا " طلب " اعتبار المجلس الانتقالي الجنوبي طرف معرقل في العملية السياسية ! واعتبار مختلف القوات والتشكيلات العسكرية والأمنية الجنوبية كقوات الحزام الأمني والنخبة ك " مليشيات " خارجة عما يسمونه بسلطة ومؤسسات الدولة. والمفارقة العجيبة ان هذه الحكومة وهي تقدم هذا الطلب تدرس في نفس الوقت خيار الانسحاب من اتفاقية سياسية وقعتها هي وليس المجلس الانتقالي في ستوكهولم بالسويد برعاية الامم المتحدة !
شخصيا لم استغرب مثل هذا الطلب المقدم الى مجلس الأمن , فليس بمستغرب ابدا أن يأتي من طرف حاقد على الجنوب وأهله وقضيته , خاصة وهو يعيش حالة من التخبط وعدم التوزان والوهن على مختلف المستويات السياسية والعسكرية من جهة , ولأننا نعلم تماما عقلية هؤلاء , وكيف يفكرون , وكيف يمكن ان تكون تصرفاتهم ومخططاتهم في كل ما يتعلق بالجنوب من جهة أخرى , وفي تقديري انه لو بقي من المنطق ما هو بنسبة ( 1% ) لامكانية قبول طلب بترحيل " شعب الجنوب " من ارضه لما ترددت قوى 7 يوليو الحاقدة من خزي وحقارة المحاولة .
يفهم العالم كله , أن مثل هذا الطلب يمكن ان يكون منطقيا اذا ما تعلق بمليشيات الحوثي ومكتبهم السياسي , وعطفا على ذلك , وبكل تأكيد سيصاب عضو مجلس الأمن الذي سيقرأ الطلب بالحيرة والذهول , وربما سيفرك عينية ويعتقد للوهلة الأولى ان هناك " خطأ مطبعي " قد حصل , وأن الطرف المقصود في الخطاب هو مليشيات الحوثي وليس قوات النخبة والأحزمة الأمنية التي برهنت للعالم علو كعبها في محاربة الارهاب وحفظ الامن في الجنوب ! ومن باب أولى ليس المجلس الانتقالي الذي يستمد شرعيته من شعبه , والذي هو وفقا للمقاييس المتعارف عليها لمعنى الشرعية يمتلك شرعية اكثر بكثير حتى من حكومة الحاجة التي منحتها الضرورة السياسية شرعية لا تمتلكها اصلا.
في نفس سياق هوس حكومة معين بالجنوب وبالمجلس الانتقالي , لاحظنا بشكل واضح جدا , تكرار طلباتهم للسفراء الذين يزورونهم في المعاشيق التصريح في مختلف المناسبات بكل ما هو مطمئن لهم فيما يتعلق بالوحدة ! او الحكومة الشرعية والتعامل معها وحدها دون غيرها , والحمد لله الذي جعلنا نشاهد هذه الوحدة وهي تصل الى هذه المرحلة لم تعد فيها قادرة على ان تحمي نفسها , بل ويصل بها الحال التعيس الى حد أنها باتت تتوسل بقائها وحضورها العدم من تصريحات شفهية تطلب من سفراء الدول , وكان آخر نموذج مخزي لذلك , طلبهم من السفير الامريكي الجديد التصريح بأن فريق الخبراء الذي التقى قيادة المجلس الانتقالي بأنه وفد لا يمثل الحكومة الامريكية ! وأنه هو الذي يمثل الحكومة الامريكية ! على الرغم من أن التصريح الرسمي للمجلس الانتقالي قد ذكر بشكل واضح ان من التقى بهم هم مجموعة من المباحثين والمفكرين الذي يمثلون مراكز ابحاث ودراسات امريكية , لكن " الحالة المهزوزة " التي تعيشها هذه الحكومة وعدم ثقتها في نفسها جعلها تتوسل السفراء مثل هذه التصريحات , التي يقوم بترجمتها فورا " مترجم متحمس " يبدو شكله مضحكا وهو يشدد على مخارج الكلمات المطلوبة , ولا نعلم ان كانوا يدركون ان مثل هذه الطلبات الصبيانية تنعكس سلبا على مكانتهم الضعيفة اصلا وتبعث برسائل عبر غبائهم الى هؤلاء السفراء تنبئ بدرجة الضعف التي تعيشه حكومة معين .
بقي أن نقول ان الاحتلال عبر التاريخ يعتبر مفهوم وممارسة قذرة , لكنني شخصيا لم اشاهد احتلال الى هذا الحد من الوقاحة والخسة اكثر من هذا الاحتلال الخبيث الذي جثى على صدر الجنوب العربي منذ يوم 7 / 7 / 1994 م , والذي لا زال حتى وهو في النفس الأخير يمارس اقذر انواع المؤامرات تجاه شعب اصيل لن يجد منه الا كل استبسال وصمود ومقاومة .