الجنوب بين خراب الشمال وتنمية الإمارات

بعد طرد الإستعمار البريطاني من الجنوب في العام 1967م شرع الجنوبيين في الدولة الوليدة ومؤسساتها المدنية والأمنية والعسكرية رغم شحة الإمكانيات إلا أنهم نجحوا وبإمتياز في تثبيت مداميك الدولة التي خرجت من رحم الإستعمار الطويل الذي دام زهاء المائة وتسعة وعشرون عاماً وباتت لها شأن على المستوى الإقليمي والدولي من خلال بناء الإنسان الحقيقي المخلص لوطنه وأصبحت دولة الجنوب تظاهي غيرها من الدول بتفوقها في كافة مجالات الحياة لاسيما في القطاع العسكري والتعليمي والصحي والرياضي والثقافي وغيره ووضعت لها مكانا مرموقاً بين دول العالم وبات الكل يحسدها عليه وهذا إن دل على شي فإنه يدل على حنكة الحكام في هذه المرحلة من تاريخ دولة الجنوب ولولا هذه الوحدة المشؤومة لكانت اليوم دولة الجنوب بين مصاف الدول المتحضرة لكن شاءت الأقدار بأن نكون بين جحيم الأحتلال اليمني.

وعلى. عزف دقات اليمننة سيق الجنوب العربي عنوة الى باب اليمننة تحت مسمى إعادة تحقيق الوحدة اليمنية(المذبوحة) من الوريد الى الوريد وغيره من الشعارات الزائفة التي تصب في هذا المجال وقد أصيب الجنوب بعدوى اليمننة من بعض العناصر اليمنية التي كانت موجودة في الجنوب وإستطاعت أن تعمق هذه التسمية بخبثها الدفين ونتيجة لسيطرتها على مناصب عليا في الدولة حينها تمكنت من تحقيق ماكانت تصبو إليه بفرض مشروع اليمننة الذي بدأ يتجذر ويظهر بقوة في فترة السبعينات والثمانينيات من القرن الماضي هنا جاءت المصيبة حتى وقعنا بين فكي. هذا القوم المتوحش.

شكل يوم إعلان الوحدة المغدورة في 22مايو 1990م بداية لسقوط دولة الجنوب في مهب الريح ودخولها في مرحلة جديدة من تاريخها وبات يوماً أسوداً في تاريخ الجنوب ومنذ ذلك اليوم بدأ أصحاب المشروع اليمني يخططون لقصقصة أجنحة الجنوب كي يتسنى لهم الإستحواذ عليه بشكل مطلق كونهم يرون في الوحدة مغنم سياسي كبير تحقق لهم لتنفيذ سياستهم التدميرية داخل الجنوب بتواطئ دولي بعد أن باتت دولة الجنوب خنجرا لكل من يتطاول على المنطقة العربية فلذلك تكالب الأعداء عليها ورموا بها لتنهشها السباع الجوعى.

وقد بدأ مشروع الشمال التدميري والتخريبي الخفي للجنوب يظهر على السطح بشنه حملة إغتيالات واسعة للكوادر الجنوبية السياسية الأمنية والعسكرية ليتوجد ذلك بالمشروع التخريبي العلني بإعلان الحرب على الجنوب في 27 من إبريل 1994م من ميدان السبعين من قبل شيطان النظام وفرعونه الحاقد على الجنوب حيث جاء وهو يحمل في يديه معاول الخراب والدمار الذي بدأه بهذه الحرب العبثية التي قصمت ظهر البعير وأنهى معها شئ إسمه وحدة وإلى الأبد و سيطر خفافيش الشمال على الجنوب في غفلة من الزمن ليدخل معها الجنوب في عهد جديد إسمه عهد التدمير. و الخراب بكل صوره وأشكاله وبالفعل تم القضاء على كل مؤسسات الدولة التي كانت قائمة بدءاً بالجيش الجنوبي الذي سرح الى البيوت والشوارع وهو الذي كان من أفضل الجيوش على مستوى العالم من التنظيم والقتال ثم وأدوا التعليم وأصابوه بمقتل ودمرت كل المؤسسات التعليمية واتبع سياسة جديدة وغريبة في التعليم فضلا عن المناهج التعليمية التي كتبت بعناية فايقة لتدمير الجيل القادم وفعلاً نحجت سياستهم فالآلاف اليوم ان لم يكن مئات الآلاف من شبابنا يعانون من مرض الجهل المزمن نتيجة سياسة الإحتلال اليمني البغيض ولم يتوقف عند ذلك فحسب بل طالت أيادي التخريب الشمالية اليمنية حتى القطاع الصحي لم يسلم منهم فقد تم تخريب أغلب المستشفيات التي بنيت في عهد دولة الجنوب وحولوها الى أشبه مايكون بالزرايب بعد ان كانت تؤدي دورها الريادي في خدمة المواطن بالإضافة إلى قطاعات الكهرباء والمياة والسياحة والثروة السمكية والزراعة والثقافة كل شئ في الجنوب دمر بإعياز من رأس النظام الشمالي الغازي حتى المؤسسات الإعلامية لم تسلم منهم فقد طالها نصيبها.

ومن خساسة نظام الإحتلال وحقده الدفين إستباع كل جميل في البر والبحر فحول المؤسسات الحكومية الى ممالك صغيرة تابعه لأشخاص من أتباعه الذين قسموا الثروة النفطية بينهم كل حسب المنصب والقبيلة في المقابل لم يكتفوا بذلك بل شنوا حروبهم داخل مدن الجنوب وسلم الكثير منها للقاعدة واتباعها لغرض تدميرها والقضاء على اي شئ يمثل الهوية الجنوبية ودمرت كثير منها وعلى سبيل المثال لا الحصر مدينة زنجبار التي تعرضت للحرب أِكثر من مرة تحت مسميات واهية ما أدى الى تدميرها.

وفي العام 2015م أعادوا الكرة مرة أخرى في حرب أشد ضراوة ليكملوا مشروعهم التخريبي لكنهم هذه المرة إنصدموا بصخرة الجنوب الصماء التي تحطمت عندها أمانيهم الإستعمارية التوسعية ولاقوا مالم يكن في حساباتهم الحمقاء وبعد سنوات من الإحتلال التدميري للجنوب من قبل نظام 7/7 جاءت الفرصة للجنوب بدخول التحالف العربي على خط الحرب اليمنية وهنا فتحت الأبواب التي كانت مؤصدة في وجه شعب الجنوب ودخل الجنوبيين كشركاء للتحالف في هذه الحرب وإستطاعوا تحقيق مالم يحققه جيش الاحمر وخصروف المعروف بجيش التباب ووقف التحالف العربي الى جانب شعب الجنوب وعلى رأسهم دولة الإمارات الشقيقة التي فتحت ذراعيها للجنوبيين وحمل على عاتقها مهمة تحرير الجنوب من اتباع إيران وأخواتها وبالفعل نجحت بكل ماتحمله الكلمة من معنى في إستعادة أغلب الأراضي الجنوبية الى أصحابها بعد أن كانت تعبث بها أيادي العابثين من عصابات الشمال.

ومن إنجازات دولة الإمارات في الجنوب دعمها القوي لإنشاء الجيش الجنوبي ودعمه بالعتاد العسكري وهذا يحسب لهم لايمكن لنا كجنوبيين أن ننسى ذلك بالإضافة الى إعادة قوات الأمن العام في المحافظات الجنوبية ودعمها بالعتاد والسيارات وتأهيلها للمراكز الإمنية التي دمرها الإحتلال اليمني وتزويدها بالأجهزة الحديثة كما دعمت قطاع التعليم والصحة والكهرباء والمياه في أغلب المناطق الجنوبية بعد أن تخلت عنها حكومة الشرعية الهاربة ومازال الدعم الإماراتي يدفق في محاولة من دولة الإمارات لإعادة تأهيل كل المؤسسات التي دمرها الإحتلال الشمالي على مدى 29 عاماً وهذا العطاء المقدم للجنوب اثار حفيظة الأعداء ودفعهم الى شن هجمة شرسة على الإمارات بسبب موقفها الواضح والوفي مع شعب الجنوب وقيادته الحكيمة المتمثلة بالمجلس الانتقالي الجنوبي وهناك بون شاسع بين خراب الشمال وتنمية الإمارات.