اليمن ينهار تحت رماد الاتفاق.. بين اجتماع هادي وعبث الحوثي
من جديد، عاد اتفاق السويد "المنهار" إلى صدارة المشهد في الآونة الأخيرة، في سلسلة مطولة ضمت أحدث حلقاتها اجتماعٌ عُقِد بين الرئيس عبد ربه منصور هادي والمبعوث الأممي مارتن جريفيث.
مصادر رسمية قالت إنّ اللقاء تناول جملةً من القضايا والموضوعات المتصلة بالسلام وآفاقه المتاحة والممكنة.
وقالت وكالة الأنباء الرسمية (سبأ) إنّ هادي جدَّد موقفه الدائم تجاه السلام، وتحمُّله العديد من التحديات والصعاب في سبيل تحقيق ذلك الهدف لمصلحة اليمن.
في الوقت نفسه، وصفت الحكومة لقاء هادي وجريفيث بأنّه كان إيجابيًّا إلى حد بعيد، وتطرّق إلى الموضوعات العالقة، وعلى رأسها التحفظات الحكومية على أداء المبعوث الأممي، ومنها تصحيح مسار تنفيذ اتفاق السويد بانسحاب مليشيا الحوثي الانقلابية من الموانئ الثلاثة ومدينة الحديدة، للانخراط في العملية السلمية.
وأبدى هادي حرصاً على إكمال هذا المسار المتعثر، عندما قال للمبعوث الأممي: "لقد وجّهنا فريقنا في لجنة إعادة الانتشار باستئناف العمل مع الجنرال مايكل لوليسجارد، والتعامل بإيجابية كاملة، لتصحيح مسار تنفيذ اتفاق الحديدة، وقد بدأت اجتماعاتهم، لكن للأسف بلغنا تعنت وصلف الميليشيا الحوثية مجدداً".
هادي شدّد كذلك على أنّه لا بد من الاتفاق بوضوح على أن تنفيذ اتفاق ستوكهولم يعد مفتاح الدخول لمناقشة الترتيبات اللاحقة، لافتاً إلى أهمية تحقيق تقدم في الملف الإنساني، وفقاً لجهود المبعوث في هذا الإطار، على قاعدة الكل مقابل الكل.
يبدو من تصريحات "الشرعية" أنّ الحكومة لا تزال ملتزمة إلى حد بعيد بالسير في طريق "اتفاق السويد"، إلا أنّ قبولها بهذا التوجّه في المطلق أمرٌ يثير الكثير في المرحلة المقبلة، لا سيّما أنّ المليشيات لم تبدِ يوماً دليلاً واحداً على انتهاجها لطريق السلام.
ويرى مراقبون أنّ الحكومة حتى وإن كانت منخرطةً في هذا الطريق، إلا أنّه لا يمكن الثقة بالمليشيات وبالتالي لا يجب استبعاد خيار الحسم العسكري من أجندة الحلول.
ولعل ما يُعزِّز من هذا الاحتمال، فإنّ اجتماعات اللجنة المشتركة لتنسيق إعادة الانتشار على متن السفينة الأممية قبالة الحديدة انفضت أمس في ثاني أيامها وسط تعنُّت حوثي وتهرب من التحقق الثلاثي المشترك حول إعادة الانتشار وتنفيذ المرحلة الأولى منه.
كشف ذلك المتحدث باسم عمليات تحرير الساحل الغربي وضاح الدبيش، في حديثه لصحيفة الشرق الأوسط، الذي أكّد انفضاض الاجتماع ومغادرة ممثلي المليشيات والوفد الحكومي للسفينة، حيث عاد الحوثيون مع رئيس لجنة تنسيق إعادة الانتشار وكبير المراقبين الأمميين مايكل لوليسجارد إلى الحديدة، بينما غادر الوفد الحكومي إلى ميناء المخا بحراً.
وأحال الاجتماع ملفات الأمن في الموانئ والإدارة والإيرادات المالية إلى القيادات السياسية للطرفين من أجل حسمها مع المبعوث الأممي، في حين تمّ الاتفاق فيما يخص المرحلة الأولى من إعادة الانتشار على بعض الأمور الفنية مثل المراقبة والتحقق من التنفيذ.
وأشار الدبيش إلى أنّ الحوثيين يرفضون تماماً عودة قوات الأمن والموظفين وفق كشوف 2014 قبيل الانقلاب الحوثي إلى الحديدة وموانئها، مؤكداً أن الجنرال لوليسجارد سيقدم تقريره إلى مجلس الأمن الدولي في اجتماعه الخاص بشأن اليمن الخميس المقبل.
وأكّد أنّ الجنرال لوليسجارد قدّم مقترحاً لتثبيت وقف إطلاق النار في جبهات الحديدة في ظل التصعيد المستمر للميليشيات والقصف المتواصل على مواقع القوات الحكومية، وبيّن أنّ اليوم الأول شهد ستة لقاءات مشتركة على متن السفينة الأممية التي استقرت على بعد نحو 30 كيلومترًا غرب الحديدة، وسط استمرار التعنت الحوثي حول آليات التحقق الثلاثي من عمليات الانسحاب.
تشير كل هذه التطورات إلى مدى العبث الحوثيين بأي توجّهات نحو الحل السياسي، كما تفضح جرائم المليشيات نحو إطالة أمد الحرب إلى أكثر وقتٍ ممكن بغية تحقيق أهدافهم، وهو ما يتوجّب أن تتفطّن له كافة الأطراف جيداً.