قفزات غريفيث السريعة.. هل تكفي لحل الأزمة اليمنية؟
رأي المشهد العربي
منذ أن عاد المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث إلى ممارسة مهام عمله من جديد بعد انقطاع دام أكثر من شهر إثر توتر علاقته بالحكومة اليمنية، وهو لا يتوقف عن القفز بين البلدان والأطراف الإقليمية في محاولة لوضع أنابيب أكسجين لانتشال المفاوضات المتعثرة من الغيبوبة العميقة التي دخلت فيها منذ التوصل إلى اتفاق السويد.
هناك عدة ملامح أساسية لتلك الزيارات التي شملت الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا ودولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية وسلطنة عمان ثم العودة إلى الرياض مرة أخرى في فترة وجيزة لم تتجاوز الأسبوعين، وبدا أن هناك ترويج لخطة أو أمر يحاول أن يحصل على صكوك اعتماد من قبل تلك الأطراف عليها قبل الإقدام في تطبيقها، لكنه لم يعلن صراحة ماهية هذه الخطط.
الملمح الثاني أن المبعوث الأممي اختار أن يوجه جميع رسائله التي خرج بها من تلك الاجتماعات عبر موقع التواصل الاجتماعي توتير، وهو يبرهن حالة التكتم الشديدة التي يفرضها على تلك الجولات المكوكية والتي كان أخرها لقاءه الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي بعد ثلاثة أشهر من القطيعة بالإضافة إلى لقاء أعضاء الحكومة اليمنية، أمس الاثنين في الرياض، قبل إجراء زيارته إلى صنعاء اليوم الثلاثاء.
أما ثالث هذه الملامح فيرتبط بمحاولته التأكيد على قدرته في التواصل مع جميع هذه الأطراف والترويج إلى نفسه باعتباره ملمَا بخيوط الأزمة اليمنية وأنه يستحق البقاء في منصبه بالرغم من الامتعاض الحكومي الذي حاول أن يتجاوزه بلقاء أعضاء الحكومة والرئيس اليمني هادي، قبل أن يذهب كالعادة إلى صنعاء.
في المرات السابقة كان غريفيث يسوق لأفكار ويقنع بها الطرف الحكومي ثم يذهب بها إلى صنعاء، لتكون الانتكاسة هناك وينتهي الأمر إلى لا شيء، في هذه المرة يعول على مساندة الأطراف الإقليمية للضغط على المليشيات لتنفيذ خطته التي ظهرت معالمها من خلال بيان فريق متابعة إعادة الانتشار بالحديدة والذي أشار إلى إمكانية التوصل إلى وقف إطلاق النار.
لكن العديد من المراقبين يرون أن المليشيات الحوثية ستذهب بكل هذه القفزات إلى لا شيء أيضًا، وأنها ستناور مرة أخرى وقد تعلن استجابتها المبدئية ثم ترجع لتتخلى عن عهودها، وأن ما يبرهن على ذلك أنه في الوقت الذي كان يلتقي فيه لوليسغارد مع عناصر المليشيات الحوثية وفريق المفاوضات الحكومي كانت تقوم بعمليات إرهابية تستهدف المملكة العربية السعودية من خلال طائراتها المسيرة، والتي تعاملت معها قوات التحالف العربي بعد أن اسقطت طائرتين جرى إطلاقهما باتجاه المدنيين في خميس مشيط.
طالما أن الأمم المتحدة لم تتمتع بالقوة اللازمة التي تمكنها من فرض خططها على المليشيات الحوثية فإن تلك القفزات ستكون مجرد حركات بهلوانية في الهواء، وهدفها الأساس الترويج إلى شخص المبعوث الأممي وليس التوصل إلى حل نهائي للأزمة اليمنية.