الإصلاح والمؤتمر في جعبة المليشيات الحوثية

الجمعة 26 يوليو 2019 19:00:16
الإصلاح والمؤتمر في جعبة المليشيات الحوثية

رأي المشهد العربي

يأخذ التحالف والتجاذب الحزبي في اليمن أبعاداً مختلفة في تلك الأيام، إذ أن الجميع يدرك أنه في صراع للحصول على أكبر قدر من التركة التي كان سبباً في تفتيتها ليرضى بالقليل من الفتات بدلاً من البحث عن حل للملمة تلك التركة، هذا هو الوضع القائم حاليا في علاقة المليشيات الحوثية بحزبي الإصلاح (ذراع الإخوان في اليمن)، وحزب المؤتمر الشعبي (التابع لعلي عبدالله صالح).

كانت الأيام والأسابيع بل والأشهر الماضية شاهدة على تحولات في مواقف الحزبين من المليشيات الحوثية، فالإصلاح الذي يسير في كنف قطر ومؤامراتها، تحالف مع المليشيات نكاية في التحالف العربي من جانب، وانجذاباً لتاريخ طويل من الخيانة على الجانب الآخر، وبحثاً عن جزء أكبر من التركة على جانب ثالث، وفي كلا الحالات فإن الإصلاح وثق علاقاته مع الحوثيين إلى الدرجة التي وصل فيها التنسيق العسكري إلى أعلى مستوياته في خضم المعركة التي يخوضاها ضد الجنوب.

وبدا من الواضح أن تلك الأيام تشهد اجتماعات مكثفة بين قيادات من المليشيات الإصلاحية ونظيرتها الحوثية، بحسب ما أكدته مصادر مطلعة في وقت سابق لـ"المشهد العربي"، بأن القيادي الحوثي المدعو محمد البخيتي أجرى لقاءات مستمرة مع القيادي الإخواني البارز المدعو فتحي العزب رئيس قطاع الطلاب والشباب في الحزب .

الاجتماعات الأخيرة استهدفت بحث شكل التحالف في المستقبل وضمان حزب الإصلاح لأكبر تركة سياسية تساعده على التواجد في المستقبل بعد أن أدرك أن قاعدته الجماهيرية قد تقلصت بشكل كبير بعد أن ظهرت خيانته للعلن، وبالتالي فإن الارتكان على قطر وإيران والمليشيات الحوثية قد يعوض تلك الخسائر، غير أن رهانهم هذه المرة لن ينجح بسبب أن تلك الإطراف وإن كانت لديها القدرة على التخريب فإنها بالتأكيد لن يكون لها تواجد في البناء.

وفي المقابل فإن بعض فصائل المؤتمر الشعبي سارت على نهج الإصلاح في علاقته بالمليشيات الحوثية وإن كان هناك اختلافاً كبيراً في طبيعة العلاقة بين الطرفين، بدءا من التحالف مند الانقلاب على الشرعية وحتى العام 2017، ومرورا بوجود قيادات في صنعاء مواليين أساساً للمليشيات، ونهاية بالوضع الحالي الذي وصل إلى حد تأييد بعض القيادات الذين هربوا من جحيم الحوثيين قبل أن يغيروا مواقفهم.

التغير في موقف قيادات حزب المؤتمر في الخارج، نابع أساساً من رغبتهم في الحصول على جزء من التركة المفتتة أيضاً، وبدا واضحا أن تلك حيلة لجأ إليها الحزبين اللذين أصبحا بلا قيمة أو وزن سياسي في الداخل، ما يجعل اللعب على جميع الحبال أمرا ملحاً من أجل تحقيق انتهازية سياسية.

سواء ارتبط الأمر بالإصلاح أو بالمؤتمر فإن الاثنين لهما علاقات مع الشرعية أيضاً، فالأول يهيمن على الحكومة وبيده غالبية المناصب الإدارية في المحافظات، والثاني تم إرضائه بالبرلمان ليكون رئيسه أحد القيادات الفاعلين بالحزب، لكن على ما يبدو أن الخيانة طابع مشترك بين الطرفين.

خطورة وجود هذان الحزبان في جعبة المليشيات الحوثية وارتباطهما على الجانب الآخر بالشرعية تكمن في دعم استمرار حالة الحرب، فتلك المواقف المشوشة تستحيل معها الوصول إلى حل سياسي، وبالتالي فإن التحالف العربي مطالب بحسم موقفه من العلاقة معهما، حتى وإن اقتضى الأمر قطع العلاقة بشكل كلي بما يسمح بتصنيفها كقوى رئيسية في المعسكر الحوثي.