هل يلقى زعيم الدكتاتورية التركية مصير الرئيس الفنزويلي؟

الاثنين 29 يوليو 2019 02:27:33
هل يلقى زعيم الدكتاتورية التركية مصير الرئيس الفنزويلي؟

توقع تقرير تركي، أن يكون مصير نظام رئيس الدكتاتورية التركية رجب طيب أردوغان، مشابها لمصير الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو.
ووتوقعت الكاتبة التركية نسرين ناس ان تعيش تركيا تحت رئاسة أردوغان اياما صعبة تشبه تلك الايام التي تعيشها فنزويلا الان.
وقالت «نسرين» في مقال تحليلي لها بشبكة احوال تركية« على الرغم من كل ما تتمتع به دولة فنزويلا؛ من امتلاكها لأكبر احتياطي من النفط، ومساحتها الشاسعة، التي تتجاوز مساحة تركيا ڊ 130 ألف كم، وعدد سكانها الذي لا يتجاوز ربع عدد سكان تركيا، وفوق هذا كله أراضيها الزراعية شديدة الخصوبة، إلا أن السواد الأعظم من سكان هذا البلد يعاني من نقص الغذاء، وانتشار الأوبئة، ويعيش حياةً بائسة منذ فترة طويلة».
وأضافت «حاولت ان أشرح في كل اجتماع تقريباً، شاركت فيه قبل استفتاء 16 إبريل 0استفتاء أردوغان على الانتقال من النظام البرلماني إلى الرئاسي)، كيف أودى النظام الرئاسي الشعبوي، الذي يجمع كافة الصلاحيات في يد شخص واحد، دون رقابة من أية مؤسسة أخرى في الدولة، بفنزويلا، على الرغم من كل هذه الإمكانات، إلى الهاوية».
وتابع الكاتبة «حاولت أن أثبت بالأرقام أن السبيل الوحيد أمام تركيا كي تتجنب هذا المصير يكمن في العودة إلى نظام الحكم المؤسسي؛ حيث تخضع الحكومة والحاكم للمساءلة على حدٍ سواء، في ظل وجود دولة قانون تعددية، ولكن دون جدوى. ففي النهاية، حدث ما حدث، وتم القضاء على النظام البرلماني».
وأضافت «كانت النتيجة أننا نواجه منذ ذلك الحين المشكلات في كل مجال تقريبًا؛ من الاقتصاد إلى السياسة الداخلية والخارجية، وتحولت مشكلاتنا إلى أزماتٍ عميقة.
وتزامناً مع المعاناة التي تعيشها تركيا اليوم، وعودتها 17 عاماً إلى الوراء، بسبب حكومة ابتعدت في إدارتها للبلاد عن الشفافية والمساءلة، وتجاهلت الديمقراطية في السنوات الأخيرة، على وجه الخصوص، صادفت منشوراً للبروفيسور أوزغور دميرطاش على أحد مواقع التواصل الاجتماعي تناول من خلاله الوضع الحرج في فنزويلا. يقول دميرطاش (مؤلم للغاية: إنها ليست مزحة، لقد عادوا بالفعل إلى عام 1950)، وعلَّق على الرسم البياني المنشور أدناه بقوله "إن فنزويلا عادت 70 سنةً إلى الوراء، في وقت ظن الجميع أنها تسير على طريق التقدم».
وأردفت قائله «في رأيي، إن حالنا لن يختلف كثيراً عن حال فنزويلا اليوم، إذا لم نتعقل الأمور، وظللنا مقيدين خلف حكومة الطوارئ تلك، وأجواء الحرب والتعبئة المستمرة التي نعيشها اليوم».
وقالت نسرين «مع هذا كأني أسمع أحدكم يقول )لا، لن ينحدر بنا الحال أبدًا، لن نصير إلى ما صارت إليه فنزويلا). ولكن، للأسف، هذه هي الحقيقة. قبل ذلك قال تشافيز أيضاً، رداً على التحذيرات التي وجهت إليه، (لن ينحدر بنا الحال أبدًا، لن نصير إلى ما صارت إليه كوبا. لن تعاني فنزويلا من نقص في الغذاء)، ولكن ما حدث أن خمس الشعب الفنزويلي يعاني اليوم من المجاعة، وأن نصف الوفيات من الأطفال كانت بسبب نقص الغذاء والأدوية».
واشارت إلى أن حكام فنزويلا لم يضغوا إلى تحذيرات الخبراء والاقتصاديين، وأعلنوا أنهم أعداء وخونة، تمامًا كما نفعل نحن في تركيا اليوم. هم أيضًا كانوا يعلقون فشلهم، وانزلاق الأمور إلى الأسوأ، على شماعة القوى الأجنبية، التي لا تريد الخير للوطن، وانخفاض أسعار النفط، والحظر الأميركي على فنزويلا.
وأضافت: الحقيقة هي أن فنزويلا كانت قد بدأت تعاني من نقص الغذاء والمنتجات الزراعية، قبل عشرة أعوام من حدوث الانخفاض الحاد في أسعار النفط الخام عام 2014؛ فارتفعت واردات المنتجات الغذائية خلال 10 سنوات، بمعدل خمسة أضعاف بالنسبة للفرد الواحد، بما يقرب من 350 دولاراً، ولكن الجماهير لم تر هذه المشكلة بوضوح إلا عندما انخفضت أسعار النفط بشكل حاد، وأصبحت البلاد غير قادرة على استيراد المواد الغذائية، أو حتى الاستدانة لتلبية حاجة شعبها من الغذاء.
وتابعت قائله لم تكن الأمور تسير على ما يرام عندنا أيضا، عندما بدأنا نشعر بنقص البطاطس والبصل في الأسواق، وفهمنا حينها فقط أن شعار "زعيم قوي، تركيا قوية" لم يكن سوى عبارة جوفاء لا تمت للواقع بصلة.
وقالت: أما عن حديثهم عن القوى الخارجية، فمن المعروف أن الحظر الأميركي الأول كان في عام 2015، وأنه لم يتعد فرض قيود على التأشيرات على مسؤولي الأمن، الذين استخدموا القوة المفرطة ضد المتظاهرين، وتجميد حساباتهم الشخصية في البنوك الأمريكية. ومع ذلك، فلم يمر عام 2015 حتى انهارت الزراعة والصحة، بل وكان الاقتصاد كله قد انهار بالفعل.
وأضافت نسرين: اندلعت الاحتجاجات، التي لجأت فيها قوات الأمن إلى العنف، بسبب الاقتصاد المنهار، وارتفاع نسبة البطالة، وغلاء المعيشة، ونقص المياه، وانقطاع الكهرباء حتى 18 ساعة في اليوم، ونقص الغذاء.
وزادت الكاتبة التركية :لم يبدأ الحظر الأمريكي الشديد إلا في عام 2018 ، في وقت لم يكن هناك شيء اسمه الاقتصاد الفنزويلي من الأساس ... حينما أصبح معدل التضخم يُعبر عنه بالملايين، وبدأ الناس بالفعل في النزوح من البلاد، هرباً من النقص الحاد في الغذاء.
وأضافت : عقب تطبيق سياسة المصادرة (التأميم)، التي قام بها تشافيز، والتي جعلت منه بطلاً شعبياً، قامت فنزويلا، التي كانت تصدر المنتجات الغذائية والحيوانية والزراعية، في بداية العقد الأول من القرن العشرين، بإقامة سلاسل إنتاجية أصبحت الدولة هي المُنتِج والموزع والبائع فيها. وتُرك أمر إدارة هذه السلاسل، وتربية الماشية في أيدي البيروقراطيين المقربين من الرئيس والحزب الحاكم.
وتابعت نسرين:أكمل مادورو بعد ذلك سياسة مصادرة الممتلكات لصالح الدولة التي لم يكملها سلفه تشافيز، وكانت النتيجة كما نرى الآن. ويكفينا هنا النظر إلى أرقام إنتاج اللحوم والأرز والذرة والقهوة فقط؛ لنعرف مدى تردي الوضع هناك. وبصفة عامة، انخفض حجم الإنتاج الكلي للدولة بين عامي 2000 و 2018 بنسبة 65% على أقل تقدير.
ومن ناحية أخرى، لم يعد إنتاج الغذاء، وتربية الحيوانات، في فنزويلا اليوم، يلبي سوى17% فقط من احتياجات المواطنين. ومع هذا، تختص ما يعرف باسم لجان التوريد والإنتاج مؤيدي مادورو والجنود بكميات كبيرة من هذه النسبة المحدودة.
ما من شك أن الفساد قد فاق كل الحدود في ظل هذا النظام؛ إذ لم تبال عائلة مادورو ومساعدوه وحكام الولايات والمسؤولون في لجان التوريد والإنتاج في الأحياء، بالأزمة التي تعصف بالبلاد، واستمروا في سعيهم لإضافة ثروات إلى ثرواتهم.
وبينما أتابع الوضع في فنزويلا، انتابني خوف شديد عندما علمتُ أن إنتاج تركيا المحلي من الغذاء قد تراجع بالفعل في شهر مارس بنسبة 3% ، مقارنة بنفس الفترة في العام الماضي.
فمع فقدان ما يقرب من 1.5 مليون شخص وظائفهم خلال عام واحد، وارتفاع أسعار المواد الغذائية بما يزيد عن 60%، بالإضافة إلى الرقم السابق (انخفاض الإنتاج المحلي من الغذاء) كان يجب دق أجراس الخطر للقائمين على هذا البلد، ولكن هذا لم يحدث، فلا يزال حكام تركيا، كدأبهم دائماً، مستمرين في إنكار الحقائق، تماماً كما فعل حكام فنزويلا من قبل.
ولفتت قائله :لم يبدِ أردوغان ردة فعل اليوم سوى توبيخ كل من يحذره من تردي الوضع الاقتصادي، قائلاً «ماذا يقول هؤلاء؟ إنهم يقولون إن الاقتصاد قد انتهى، لقد غرق الاقتصاد. إنهم جاحدون. ماذا تنتظرون من تركيا أن تفعل، وهي تخوض حرباً بهذا الحجم في كل مكان على أراضيها. هل يجب عليها توزيع الفول السوداني المحمص مع الرصاص والطائرات والمروحيات؟ كل ما يهم هؤلاء هو المال والاقتصاد. أليس كذلك؟».
وأضافت الكاتبة التركية «على الجانب الآخر، رأينا أن كلا من تشافيز ومادورو قد كرسا معظم موارد الدولة للإنفاق على التسليح. بالفعل كانا أكبر مشترٍ للسلاح من روسيا».
وعلى الجهة الأخرى، خرج علينا وزير الزراعة التركي أيضاً بتصريحٍ قائلاً إنه سيغير الهيكل الزراعي في تركيا بالكامل، مؤكداً أنه سيؤسس شركة قابضة (سيميرات القابضة) يشارك فيها القطاع الخاص مع الجمعية الوطنية التعاونية بنسبة 50%، وأن جميع الجمعيات التعاونية في تركيا سترتبط في عملها بهذه الشركة. أما المنتجون فسيصبحون بالضرورة أعضاءً في التعاونيات القابضة.
وقالت نسرين «ألم ير المسؤولون في تركيا كيف دمرت فنزويلا الإنتاج الزراعي وتربية الحيوانات، تحت زعم أنها بصدد الإصلاح. ألم يروا كيف تغاضوا عن خسائر الإنتاج، متعللين بالقول «لدينا النفط، ونملك المال، سنستورد كل ما نحتاج إليه». ألم ير حكام تركيا كيف أصابت السلطة الحاكمة في فنزويلا المنتجين بالذعر، عندما أحكمت سيطرتها على كل شيء من الإنتاج حتى التسعير. وأخيراً، ألم يروا حال فنزويلا اليوم، وكيف يتألم الشعب هناك بين مخالب الجوع والأمراض الوبائية؟ للأسف، أشك في هذا. لقد سمعنا أحد الوزراء في الحكومة التركية، وهو يقول في دفاعه عن استيراد البطاطس والبصل "لدينا الأموال، وسنستورد ما نحتاج إليه».
واختتمت نسرين قائله «للأسف، إن الشعوب لا تنتظر الخير من سلطة استبدادية تجمع في يدها صلاحيات اتخاذ القرار دون غيرها، وتحاسب الجميع دون أن تخضع هي للمحاسبة. وفنزويلا ليست أول نموذج على هذا، ولن تكون الأخيرة».