قلمنا الرشاش في جبل الفراشة
محمد النقيب
- إخوان اليمن وطائر الوقواق
- نقصُها على كل جنوبي ابي اشم
- أخاف أن لا نفيك حتى في الرثاء
- حزب الاصلاح الاخواني واستراتيجة الابعاد الاربعة
كصحفي في الجبهات لا تنام حتى يصير فراشك بحر من قصص البطولات التي وثقت بعضا منها واخفقت في البعض الاخر ، تحتار في إنتقاء ما تحكيه فهنالك حقائق لا تصدق ، قم بتعديل النص دائما حتى يكمل المقاتلون إنجاز كل ما اوكل إليهم من مهام ويتحولون الى قراء ، هم ابطال الحدث والوقائع الاسطورية ووحدهم شهودك.
الساعة الان الثانية بعد الظهر ، المكان جبهة تورصة – الازارق- في سلسلة جبال الفراشة التي تبدو كسلطنة قديمة من سلطنات الجن الاشقياء الذين اغاروا على السهوب الغربية حتى تعز ونحروا طاهش الحوبان وهزموا احمد بن علوان ومردته .. هكذا تتقافز وحشة المكان الى ذهنك بتصورات خيالية
لا شيئ يتحرك على هذا السفح الشاهق وزوائده الصخرية المتناحرة مع الحياة سوى الريح وانت ومقاتلين من مردة محمود البتول وآخرين واشجار غير اليفة حتى مع رياح ضجرت من إنكسارات تياراتها في المحيط الهندي وانتحرت هنا حيث لا احد يشهد على إنهزامها سواكم.. انت هذه المرة وقوة على الارض من المقاومة الجنوبية وطائرة اماراتية بدون طيار في الجو، ليس بالضرورة توثق بعدستها المذهلة وصولك بل مراقبة الوضع في البعيد وإستدعاء ال f16 إذا لزم الامر ، هذه الاخيرة وحين تفرغ صواريخها بدقة في مخابئ المليشيات الحوثية حمّلها اعظم سلام وتحية لقائد قوات التحالف – عدن- العميد راشد الغفلي ابو محمد فلمثله التحية مزجاة بالشكر والامتنان .
في غيم السماء تذوب الشمس والجوع ينفخ منك إليك رائحة خبز كلما تشممته اكثر إقتربت من متارس المقاتلين وهم يشوون رائحة البارود طعام عشاء ،
إنهم يتحركون وفق قواعد الثبات المتقدم الى الامام ، قد تجاريهم وقد يتركوك على مائدة الاشتباك ، ثمة فنجان دوشكا ساخن وكوب 14/7 ونثار من نقانق الرشاشات الالية وزاد الهون الثقيل ، وإزاء ذلك تذكر ان صحفيا زار الضالع قبل سبعة اعوام لمهمة صحفية إستقصائية وتحديدا حول المقاومة الجنوبية والقائد عيدروس وفي اول يوم من مباشرة مهمته لفت نظره طفل في المدينة يقبل بفمه قنبلة قتالية حقيقية ويطلبه ان يلتقط صورة له وعندما حاول ان ينهيه رد عليه الطفل – متخافش عاد باقي معنا قنبلة ثانية- قطع الصحفي مهمته وعاد الى صنعاء دون ان يلتقي بالقائد عيدروس او شلال ربما لإن ذلك الطفل انابهم في ايصال الرسالة التي مفادها ان المقاومة الجنوبية ليست مناورة نخبوية نفعية بل قضية وهدف وموقف والتزام وعقيدة مجتمعية .
تعتبر سلسلة جبال الفراشة من اصعب التضاريس الجبلية على الاطلاق ، يتصاعد ارتفاعها التراكمي بشكل معقد ومتمرد مؤخرا طوعتها اقدام مقاتلي المقاومة الجنوبية ، من ادنى منحدراتها تراها عالقة في السماء ولاتكاد ترى من عليها من المقاتلين عدى الصاعدين إليها لكنك تسمع نيرانهم كأنها بنادق طائرة.. يقول القائد البتول -مبتسماً – بالمعنويات العالية الطريق الى ذروتها سالك بيسر وسهولة-
من اعالي مرتفعها لا نهاية لما تراه العين من جبال وهضاب واودية ومنحدرات وتقعرات تضاريسية وشعاب شعواء ، فلا تأخذ متكأن للتفلسف بل قم من مقامك وارفع يد التحية والإجلال للقائد الشهيد يوسف محسن ( ابو الحارث) وكتيبته وقبائل بلاد الاحمدي والقائد ابو توفيق والشيخ محمود عواس وكل من ذاد عن هذا الخط الحدودي وإمتداده الواسع شرقا وغربا ونحو الشمال والجنوب بما توفر من إمكانيات ذاتية في معظمها خلال اكثر من عامين وقبل ان تصل القوة المشتركة الضاربة بقيادة قائد الجبهة العميد عبيد الاعرم.
تقع هذه الجبال في النطاق الجغرافي لمديرية ماوية التابعة لمحافظة تعز وفي الواجهة الغربية الحدودية لمديرية الازارق محافظة الضالع، في اواخر اربعينيات القرن الماضي اذعنت لسيادة جبل بن عواس الجنوبي عليها وإعترفت انها قبلت على نفسها ان تكون موطئ خيانة وخذلان ، في تلك الحقبة التاريخية سير الاحتلال البريطاني حملات عسكرية لإرغام الامراء والسلاطين والمشائخ الجنوبيين الذين رفضوا توقيع على ما عرفت وقتها بمعاهدات الحماية المهينة وكان الشيخ البطل محمد عواس شيخ بلاد الاحمدي على راس القائمة واحد اكثر المشائخ جاها ونفوذا وتأثيرا بمحمية المرتفعات الشمالية والغربية لعدن ، ولاجل ارغامه تحركت قوة من جيش الاحتلال البريطاني وبقيادة الضابط – ديفد – الحاكم العسكري وقائد القاعدة البريطانية في الضالع وبالتنسيق مع البريطانيين نشر ممثل الامام يحي بن حميد الدين ملك المملكة المتوكلية – اليمن – عسسه ومرتزقته في الجبال المحاذية للحدود الغربية لمنطقة تورصة الجنوبية ، على اعتبار ان الشيخ بن عواس سيعلم بقدوم الحملة العسكرية وليس امامه سوى خيار الفرار الى الشمال – تعز – القصة لها تفاصيل كثيرة لكنها إنتهت بمقتل الحاكم العسكري البريطاني قائد القاعدة العسكرية البريطانية بالضالع ببندقية الشيخ بن عواس ومرافقه اللذين استشهداء ايضا في الواقعة التاريخية الملحمية ذاتها ، اما الذي لاذ بالفرار فهم جنود الاحتلال يجرون جثة قائدهم .
الليل هنا يأتي مسنودا برائحة السيول الهاربة الى وادي تبن ، مصحوبا بمعارك لا ازكى من رائحة بارودها .. تابع ما يتوارد من مشاهد ، انت في قلب معركة الانتصار على عدو مهزوم لم يبقى من غايته سوى الضفر( بالجنة) التي وعد بها سيده الهالك حسين لمن قتل في سبيل خرافته من اتباع وشيعة.