تصعيد الحوثي في الحديدة.. رصاصة سياسية على أحلام جريفيث
منذ أن أشعلت حربها العبثية في صيف 2014، لا تتوقّف مليشيا الحوثي الانقلابية عن التصعيد العسكري بغية إطالة أمد الأزمة إلى أقصى حد ممكن وتحقيق أهدافها القائمة على أجندة إرهابية متطرفة.
في محافظة الحديدة بشكل خاص، لا تزال مليشيا الحوثي ترتكب الخروقات بشكل تصاعدي، وهو ما يطلق رصاصة سياسية على أحلام المبعوث الأممي مارتن جريفيث الذي يحمل الكثير من الآمال غير واضحة الأسباب والتفسيرات، لإنجاح اتفاق السويد الذي انهار بسبب الجرائم الحوثية.
في منتصف يوليو الماضي، ألقى جريفيث إحاطةً أمام مجلس الأمن الدولي، قال فيها إنَّ اللقاءات الأخيرة التي جمعت لجنة تنسيق وإعادة الانتشار بالحديدة مع ممثلي الحكومة الشرعية والحوثيين، بمثابة الإنجاز المهم والإشارة المشجعة للتقدُّم.
وبغض النظر عن الجرائم الحوثية التي سبقت طموح جريفيث، فإنّ المليشيات واصلت ارتكاب الخروقات بصنوفٍ متعددة وحافظت على وتيرة إرسال تعزيزات عسكرية إلى أكثر من منطقة من مناطق الحديدة.
هذه التحرُّكات الحوثية يُنظر إليها بأنّها نسفت كل الجهود الرامية إلى السلام والتهدئة، كعادتها منذ اتفاق مشاورات السلام في ستوكهولم، وإعلان الهدنة، في ديسمبر من العام الماضي.
ميدانياً، شنّت مليشيا الحوثي أمس السبت، قصفاً مدفعياً هو الأعنف منذ أسابيع، بالأسلحة الثقيلة والمتوسطة في مديرية حيس جنوبي الحديدة، إضافة إلى استهدافها مواقع أخرى في منطقة الجبلية جنوبي المدينة الساحلية.
كما قصف الحوثيون أمس الأول الجمعة، مجمعاً تجارياً داخل مدينة الحديدة، للمرة الثانية خلال أسبوع، وأحرقوا مستودعاً فيه، بعد استهدافهم في وقت سابق خطوط الإنتاج في مصنع الورق بالمجمع التجاري، إلى جانب تدميرهم مصنعاً للألبان.
وكانت لجنة التنسيق وإعادة الانتشار التي يرأسها الجنرال مايكل لوليسجارد، قد أعلنت منتصف يوليو الماضي، توصُّل ممثلي الشرعية وممثلي الحوثي إلى اتفاقٍ بشأن إعادة فرض وقف إطلاق النار وعدم التصعيد حول مدينة الحديدة.
وآنذاك، قال رئيس الفريق الممثل عن الحكومة اللواء الركن صغير عزيز إنّ الاجتماع الذي عقد على متن سفينة أممية في عرض البحر قبالة مدينة الحديدة تم الاتفاق فيه على مفهومي العمليات للمرحلتين الأولى والثانية، وآلية تخفيف التصعيد ووقف إطلاق النار.
وعلى مدار سنوات الحرب المستعرة التي أشعلتها المليشيات الانقلابية منذ صيف 2014، أقدم الحوثيون على الكثير من الجرائم والعمليات الإرهابية، محدثةً أبشع مأساة إنسانية عرفتها الأرض.
وفيما يشبه تحدياً أو تبجُّحاً على المجتمع الدولي، لم تتوارَ المليشيات بل تتباهى بمسؤوليتها عن كل هذه الجرائم الإرهابية، وهي سياسة حوثية لاقت ما يدعمها دولياً، من خلال صمت مُروِّع على كل هذه الجرائم المرتكبة.
وكانت 147 منظمة مجتمع مدني قد أصدرت أمس الجمعة، بيانًا مشتركًا استنكرت فيه الصمت الإقليمي والدولي على جرائم مليشيات الحوثي بحق المدنيين.
وأدانت المنظمات، في بيانها المشترك، ارتكاب مليشيا الحوثي عددًا من الجرائم المروعة بحق المدنيين والتي تؤكد تعمُّدها ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وتعمدها للقتل المباشر والممنهج واستهداف الأطفال والمدنيين.
واستنكر البيان الصمت المستمر وغير المبرر للمنظمات الدولية وهيئة الأمم المتحدة ومبعوثها إلى اليمن إزاء ما يحدث من جرائم متكررة ومتعمدة ترتكبها المليشيات الحوثية بشكل سافر ومتعمد وممنهج، وطالب المجتمع الدولي بالإفصاح عن موقفه من جرائم المليشيات، مؤكداً أنّ السكوت على هذه الجرائم تعتبره المليشيات إذناً لها بالاستمرار في ارتكاب الجرائم.
وحملت المنظمات الحوثيين المسؤولية، والأمم المتحدة المسؤولية التبعية إزاء صمتها على جرائم القتل والقصف والترويع والذي أدى إلى استمرار المليشيات في ارتكاب تلك الجرائم بشكل يومي مستغلة المواقف الضبابية للأمم المتحدة.