قراءةٌ في أحداث عدن.. الانتفاضة التي تنتصر والإصلاح الذي ينهار
الخميس 8 أغسطس 2019 23:08:00
أظهرت الهبة الشعبية الجنوبية، والعدوان الذي تعرَّضت إليه من قِبل قوات الحماية الرئاسية التي يسيطر عليها حزب الإصلاح الإخواني، حجم المؤامرة التي تُحاك ضد الجنوب، من قِبل أطرافٍ، تحاول عرقلة شعبٍ من إتمام استرداد دولته.
بعد الهجمات الإرهابية التي استهدفت الجنوب الخميس الماضي، وأسقطت عشرات الشهداء والجرحى، بينهم الشهيد العميد منير اليافعي (أبو اليمامة) قائد ألوية الدعم والإسناد، ثم الاعتداء على مشيعي الجثامين أمس الأبعاء، واستمرار الأعمال العدائية ضد الجنوبيين اليوم، يمكن الاستخلاص من كل ذلك أنّ حزب الإصلاح، المُخترِق للشرعية، يحاول بكل السبل تفخيخ الوضع العسكري بغية تحقيق الحلم الذي يراوده، المتمثّل في السيطرة على العاصمة عدن.
الساعات شهدت اعتداءات إخوانية من قِبل قوات الحرس الرئاسي، نسّقها الجنرال الإخواني علي محسن الأحمر، استهدفت مدنيين آمنيين، طالبوا بحقهم في حياة آمنة في وطنهم، وهي ترقى إلى جرائم حرب جرّاء ما أسقطته من شهداء وجرحى.
وفي الوقت الذي يعمد فيه حزب الإصلاح إلى تفخيخ الوضع العسكري في العاصمة عدن، فإنّ القوات الجنوبية وقادتها السياسية ممثلةً في المجلس الانتقالي الجنوبي، تمارس أقصى درجات ضبط النفس، بغية الحفاظ على حياة المدنيين، رغم القدرة الجنوبية الهائلة على حسم الأمر.
إتباع القوات الجنوبية هذا المسلك يأتي بالنظر إلى الطبيعة الجغرافية والسكانية التي تغلب على العاصمة عدن، ما يعني أنّ تصعيد الأمور بشكل أكبر سيدفع المدنيون ثمنه الأكبر.
لكن في المقابل، يُلاحظ أنّ "الإصلاح" يستهدف المدنيين وتجلّى ذلك في الاعتداء على مُشيّعي جثامين شهداء "هجمات الخميس"، واستهداف المتظاهرين السلميين الذين انتفضوا سلمياً للدفاع عن وطنهم وأرضهم.
وأكمل الحزب الإخواني الصورة العسكرية الدموية في الساعات الأخيرة بنشر أسلحته الثقيلة من دبابات ومدرعات في الشوارع وبين المدنيين، في رسالة تحريض وترويع في آنٍ واحد، مثلما انتشرت دبابات اللواء 39 مدرع منذ مساء أمس خارج اللواء، الذي يقع في معسكر بدر بمدينة خور مكسر.
يُضاف إلى كل هذه الممارسات العسكرية، الدعم والتحشيد الذي تلقَّاه "الإصلاح" لدعم عناصره في عدن بغية تصعيد الوضع العسكري بشكل أكبر في الفترة المقبلة، في وقتٍ جمّدت هذه الجهات القتال ضد مليشيا الحوثي الانقلابية منذ زمن بعيد على إثر تحالف بينهما، زادت فضائحه كثيراً.
في الوقت نفسه، لعب إعلام "الإصلاح" دوراً مؤازراً في هذه الخطة الإخوانية في إطار حرب نفسية، قامت على ترويج الأكاذيب والمزاعم، ومخاطبة غرائز أنصاره برسائل عاطفية للتصوير بسيطرتهم على الأمور.
مثالاً لا حصراً، تجلّى هذا الأمر في نشر وسائل إعلامية صوراً لناصر عبد ربه منصور هادي وزعمت أنّها التُقطت له في ساحات المواجهات، بينما أكّدت مصادر لـ"المشهد العربي" أنّ ناصر - المُعين قائداً لهذه القوات الرئاسية دون أن أن يملك أي خبرة، لا سياسية ولا عسكرية - يقيم في أحد الفنادق، يتابع على شاشات التلفاز ما يُستجد من أمور.
كما روّجت أبواق الإخوان معلومات عن استعراضات عسكرية نظّمتها القوات الرئاسية مساء أمس في محاولة للتصوير بأنّ الأمور تسير على ما خير ولنقل رسالة إلى أنصارهم بأنّ الأحوال مستقرة في عدن، بينما مصادر "المشهد العربي" أكّدت أنّه "الإصلاح" استخدم صوراً قديمة في إطار هذا المخطط، وأنّ القوات الرئاسية مختبئة في مواقعها، ويغلب عليها القلق والتوتر في انتظار ما ستؤول إليه الأحداث.
كل هذه التطورات تشير إلى حجم النجاح الذي حقّقه الجنوبيون صوب استعادة دولتهم وإجهاض عديد المؤامرات التي تُحاك ضدهم، ويوضّح على الجانب الآخر مدى الرعب الإخواني من الانتفاضة الجنوبية التي كُرِّست لها حشودٌ عسكرية ضخمة لمواجهتها.