مبدأ الحرية و العدالة أولا وليس الوحدة...!

يخطئ الكثيرون حين يظنون بأني شخصيا ضد الوحدة كقيمة من القيم القومية والوطنية التي تعلمناها ورضعنا حبها منذ طفولتنا, وفد وجه لي اللوم الكثير من الإخوة علي موضوعي السابق بعنوان " لا يُلدغ الشماليون من جحر مرتين" والذي تضمن دعوات لفك الارتباط بين الشمال والجنوب وبحكم أني وحدوي عروبي ,معتقدا بصدق التجربة التي قدمها القائد المعلم جمال عبدالناصر رحمة الله عليه .

اعتقد بأن مالا يعرفه الكثيرون من شباب اليوم أن الوحدة هي غاية ثالثة في فكرنا القومي العربي بعد الإيمان بالحرية بابعادها الوطنية والانسانية , وبالعدالة بكل مرادفاتها ,فلا يمكن أن تكون وحدة بالاكراه أوبفرضها بقوة السلاح والجبروت بين شعبين أوحتي قبيلتين أو مدينتين أو اسرتين الا علي أساس الاختيار الحر للوحدة ,وبما يضمن تحقيق الحرية و العدالة بين جميع المواطنين ,حرية الوطن من الاستعمار وحرية المواطن من الاستبداد والرق ,والعدالة في توزيع الثروة بين الجميع وبالحصول على الحقوق كاملة غير منقوصة..

وحسب وجهة نظري فإن الحرية للشعوب اولا في تقرير مصيرها,ثم تحقيق مبدأ العدالة ,فاذا اختل ميزان العدالة أختلت كل الموازين ,وبنظرة بسيطة لما حولنا فإن كل القوانين والدساتير والتشريعات الدينية والوضعية ,قامت لاجل تحقيق مبدأ العدالة بين البشر ,واحد مرادفات " العدالة " " المساوة " فجميع الناس متساون أمام القانون وامام الدولة ,فلا فرق بين ابيض وأسود ,او قبيلي وسيد , فجميع المواطنين متساون بالحقوق والواجبات .

وكما هي العدالة أحد نواميس الحفاظ على العلاقات الاجتماعية والبشرية فهي أيضا أحد نواميس الله عز وجل في الحفاظ علي التوازن في الحياة الطبيعية, فقدحلق الله كل شئ بمقدار موزون ,فلولا التوازن والتساوي في الذرة التي هي أصغر مكونات العناصر , ولولا أن جعل الله قوة جذب إكترونات الذرة يساوي فوة الطرد المركزي الخارج من نواة الذرة ,لافنيت وتلاشت المواد والعناصر وبالتالي الكون كله ,ثم ياتي هذا الترابط العجيب في مبدأ المساوة والعدالة في التوزيع إلي مكونات مجموعتنا الشمسية التي منها الأرض وبقية الكواكب التي تتكون منها المجموعة الشمسية ,فحتي تحافظ علي توازنها وبقائها فقد قال العلماء :" أن قوة الطرد المركزي من الشمس يساوي قوة الجذب ,,وهكذا تم تكوين المجرات علي اساس العدل , واذا نظرنا الى سبب عدم اختفاء الاكسجين في الارص وهو الاهم في بقاء الحياة, فإن ذلك يعود إلى ان الأكسجين الذي تستخدمه الحيوانات يساوي الأكسجين الذي يتم انتاجه من الاشجار ..الخ

هذه الامثلة التي ضربتها في الجوانب العلمية والطبيعية تؤكد لنا بأن العدل هو الاساس في كل شئ ,حتي تستمر الحياة , وادا لم يتوفر العدل في حياتنا فلا وحدة بيننا ولا انسجام ولا توافق ..

ومما تقدم نسأل : هل من العدل أن يتم سحق واجبار ارادة الجنوبين أو غيرهم من اليمنين لتفرض عليهم وحدة لم يعد اغلبيتهم يؤمنون بها ؟

هل من العدل أن يتم نهب ثروة اليمنين جميعا في الشمال والجنوب , ليتم تقسيم حقول النفط والمعادن بين اسرة بيت الاحمر ,حتي وصل بهم الى تمليك أبار النفط والمعادن بين الرجال والنساء ,للذكر مثل حظ الانثيبن ,فنجد بنات عبدالله الاحمر يمتلكن آبار من النفط ,وكذلك تم تقسيم الارض , والبحر ,فوجدنا شركات الاسماك وسفنها التابعة لهذه الاسرة تنهب الاسماك من بحارنا باساليب حديثة ومحرمة دوليا ..؟ واغلب الشعب لا يجد ما يأكل ؟!

هل من العدل أن تستأثر أسر محددة بكل مناصب الدولة العليا ,وبكل خيراتها ,ليزداد الفقراء فقرا ,و يزدادالاغنياء غناء ؟

هل من العدالة ان يشتري المواطن البسيط دبة الغاز بمبلغ وصل إلي سبع الف ريال ,من متنفذي الحكم في محافظة مأرب ,وكذلك بقية المشتقات النفطية ,لتورد الاموال لصالح حكام مأرب ,بينما الشعب كله يموت جوعا في عهد الشرعية التي نقاتل ونموت من أجلها ,ليستمر مسلسل الظلم وغياب العدالة ؟

وهل من العدالة ان باتي لنا أخر الزمن شخص يدعي صلته برسول الله ليحكمنا بقوة السلاح ؟

الكثيرون منا يعرفون ما يحدث في البلاد من ظلم وقهر ,ولكن تغويهم الشعارات, الزائفة ,ويتم صناعة وبرمجة.عقولهم عن طريق الإعلام المملوك لهذه الجماعة او تلك من أصحاب النفوذ او انهم يبحثون عما يرضي الاخرين من اقربائهم أو أصدقائهم او قياداتهم الاجتماعية,ومن اولئك المستفيدين من اختلال ميزان العدالة من قربب او بعيد ...أو انه مناكفات أوعداوات مناطقية وحزبية فرضها علينا الواقع الأليم الذي نعيشه كيمنين ,ولذا تجد الاغلبية من شباب المناطق الشمالية متمسكين بالوحدة , على حساب الحرية والعدالة ,ويقابلهم اغلبية من شباب الجنوب مقتنعين بفك الارتباط لشعورهم بالطلم والغبن من هذه الوحدة التي خلت بابسط شروط قييم الحرية والعدالة .

لذلك علينا كشباب يمنين أن نستفيد ونقيبم بصدق وشجاعة وتجرد من الانتماءات الضيقة تجربة الوحدة الاندماجية بين دولتين استمرت إلى الآن حوالي ربع قرن وقد كانتا لها سيادة ومعترف بها في منظومات الأمم المتحدة, لنخلص إلى أنه ليس من الاهم أن تظل الوحدة بغياب مبدأ العدالة ,وان نترك لكل اليمنين في الشمال أو الجنوب ان يقرروا مصيرهم بالبقاء تحت حكم القبيلة او السيد او يقيمون كياناتهم ودولهم بكل حرية ,وان نصون الدماء ونحفظ الحقوق .

ختاما لست خادما او مأجورا لأحد كما يتصور البعض ,دولة او حزب أو جماعة ,وليصنفني البعض كما يريد ,فلا يهم ,فقناعاتي بأنه لا يمكن ان تكون وحدة بين اليمنين في ظل ما نعانيه من غياب العدالة ,وكل المؤشرات تدل بأن اسرة بيت الاحمر ومن تبعها من جماعات حزبية ,هي التي ما زالت تدير اللعبة السياسبة في اليمن تحت غطاء الشرعية , وجماعة الحوثين يتحكمون بمقدرات شعبنا في الشمال ليفرضوا الامر الواقع علي المجتمع الدولي , ,ومن ليس لهم بصر أو بعد نظر يرون وهما ليقنعوا أنفسهم بالشعارات ...والدهر فقيه .