قراءة تحليلية في خطاب الزُبيدي.. رصانة الموقف تضمن استقرار الجنوب

الاثنين 12 أغسطس 2019 18:02:00
قراءة تحليلية في خطاب الزُبيدي.. رصانة الموقف تضمن استقرار الجنوب

ألقي رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، عيدروس الزُبيدي، خطاباً يمكن وصفه بالتاريخي بمناسبة عيد الأضحى، وهي مناسبة تمتزج فيها بشائر النصر بعد تأمين العاصمة عدن من معسكرات كانت تأوي العناصر الإرهابية ومعامل صناعة المتفجرات مع فرحة العيد التي ينتظر أبناء الجنوب والذين يمرون بظروفاً اجتماعية صعبة تسبب فيها قيادات الإصلاح المنتمين إلى الشرعية.
إذا ألقينا نظرة تحليلة على ماجاء في الخطاب، فإنه تحدث عن موقف رصين وهادئ للقوات الجنوبية بعكس ما حاول البعض تصويره بأن القوات الجنوبية انجرفت وراء الاستفزازات الإخوانية، وهو ما حاول شرحه من خلال سرد ما جرى بالعاصمة عدن منذ بداية شهر أغسطس الجاري، وليس بعد استهداف مشيعي جنازة أبو اليمامة.
وقال الزبيدي في ذلك الشأن: "لقد فرضت علينا احداث اغسطس المؤسفة وكان دورنا فيها اولاً رد الفعل ثم كان دورنا بعد ذلك هو الدفاع عن النفس، بينما كان دور الطرف الاخر هو تنفيذ خطة مبيته مبنية على اغتيال قياداتنا ثم استفزاز جماهيرنا ثم بعد ذلك تصفية وجودنا".
وأضاف قائلا: "ففي الاول من شهر اغسطس الجاري تم تنفيذ ثلاث عمليات ارهابية متزامنة تم التخطيط والاعداد لها بدقة متناهية في كل من شرطة الشيخ عثمان ومعسكر الجلاء بعدن ومديرية المحفد بأبين ذهب ضحيتها 60 شهيد على رأسهم قائد اللواء الاول دعم واسناد الشهيد العميد منير محمود ابو اليمامة و100 جريح وتدمير عدد من مرافق المؤسسات العامة والمنازل والبني التحتية".

وتابع: "في السابع من اغسطس واثناء تشييع الشهداء في مقبرة القطيع تم اطلاق النار على المشيعين وهم في لحظات الحزن والأسى دون مراعاة لقدسية المكان والمناسبة، ونحمد الله أنه تم تصوير هذه الحادثة لإثبات صدق دعوانا. فتحقق هنا القصد من هذه العمل الغادر والذي خلف ثلاثة شهداء وعدد من الجرحى وهو الاستفزاز، وهو ما حدث بالضبط حيث انطلقت عدة مظاهرات سلمية تندد بكل ما يجري وتم قمعها بالنار والحديد مما زاد من عدد الخسائر".

وفي الثامن من اغسطس انكشف كل شيء عندما خرجت الأسلحة الثقيلة من معسكرات الوية الحماية الرئاسية بما فيها الدبابات والمدفعية وتحديداً من معسكر بدر وقامت بمهاجمة معسكر اللواء الأول مشاة (جبل حديد) بلوائين اثنين هما اللواء 39 مدرع واللواء الثالث حماية رئاسية وسبق ذلك الهجوم قصف مكثف مما نتج عنه خسائر كبيرة في صفوف معسكر اللواء الأول مشاة في جبل حديد بالإضافة إلى تدمير مرفق ضخ المياه للمواطنين في عدن.

هذا الشرح الوافي لتطورات الأحداث يثبت أن المجلس الانتقالي كان رصيناً في تعامله مع المخطط الإخواني، بل أنه ترك خيوط الجريمة تتكشف أمام الجميع للتعامل معها، ومن ثم فإن انتظاره أكثر من ذلك كان يعني أنه غير قادراً على المواجهة، وهو أمر خاطئ، تحديداً وأنه امتلك قوة عسكرية قوية لكنه لم يستخدمها ضد الشرعية في أي يوم من الأيام، ودائما ما كانت مطالب رحيلها عن محافظات الجنوب سلمية فقط وليست عسكرية.

وهذا ما أكده أيضاً في خطابه إشار إلى أنه بعد اتضاح "الصورة والموقف لم يكن أمامنا الا خيارين هما أما الدفاع عن النفس أو الاستسلام والقبول بتصفية قضيتنا العادلة قبل تصفية اروحنا، فكان قرارانا الذي كفلته لنا الشرائع السماوية والدولية بالدفاع عن أنفسنا".

رصانة خطاب الزبيدي، ظهرت واضحة أيضاً من خلال الموقف من دعوة التحالف العربي وعلى رأسه المملكة العربية السعودية للحوار، والتي قبلها أيضاً لكنه في الوقت ذاته لم يفرط في مكتسبات الجنوب التي حققها أبنائه بسيطرتهم على معسكرات إيواء الإرهابيين، وأشار في أثناء خطابه بعثور القوات الجنوبية على كمية الاسلحة والذخائر مخزنة في معسكرات الوية الحماية الرئاسية والتي تكفي لقتال العدو الحوثي الايراني في كل جبهات القتال دون دعم من التحالف لمدة لا تقل عن 12 شهر كاملة.

ما يمكن استخلاصه من هذا الخطاب أن قيادة الانتقالي الجنوبي لديه أفق واسع ورصانة سياسية وعسكرية تمكنها من فرض السيطرة على محافظات الجنوب وإحلال الاستقرار والأمن فيها، ويكون ذلك واضحاً في عودة الأوضاع الأمنية إلى العاصمة عدن بعد ساعات قليلة من سيطرة القوات الجنوبية عليها.