المجلس الانتقالي يرسم الخطوط العريضة لدستور دولة الجنوب
رأي المشهد العربي
منحت الجماهير الغفيرة التي زحفت من كل صوب ومكان داخل محافظات الجنوب إلى العاصمة عدن للمشاركة في مليونية "التمكين والثبات"، تفويضاً مباشراً للمجلس الانتقالي الجنوبي لأن يتطلع بمسؤولياته تجاه استعادة الدولة وحمايتها، وهو الأمر الذي استجاب له قيادات المجلس برئاسة اللواء عيدروس الزُبيدي بعد أن أصدر المجلس بياناً يمكن وصفه بالتاريخي لما فيه من بنود ترسم الخطوط العريضة لدستور دولة الجنوب.
بيان الانتقالي بمثابة وثيقة دستورية يسير عليها أبناء الجنوب خلال الفترة المقبلة، إذ أكد في أول نقاطه على أن هدف شعب الجنوب المتمثل باستعادة دولة الجنوب الفيدرالية المستقلة، خياراً محسوماً لا رجعة عنه، وهو ما يبرهن على أن خطوات المجلس السابقة بشأن تطهير عدن من الإرهاب الإخواني فرضت نفسها على حتمية استعادة الدولة في الوقت الحالي.
أضحى هناك قوة سياسية ممثلة في المجلس الانتقالي الجنوبي لديها الثقل والخبرات التي تمنحها القدرة على استعادة الدولة بل وحمايتها، بالإضافة إلى قوة عسكرية وأمنية ممثلة في القوات المسلحة الجنوبية "الحزام الأمني والنخب الأمنية" وهي القوات التي أثبت أنها الطرف الأقوى داخل دولة الجنوب بعد أن استطاعت هزيمة مليشيا الإصلاح والحوثي وحررت الجنوب من القاعدة وداعش، بجانب قوة ثالثة تتمثل في الدعم الشعبي والجماهيري والتي أعطت الشرعية للانتقالي الجنوبي لأن يقود مسار استعادة الدولة.
ما يبرهن على هذا الكلام جاء في بيان المجلس الانتقالي الذي أكد في أكثر من بند على أهمية الاصطفاف الجنوبي، بل أنه فتح ذراعيه للجميع من أجل التشارك والمساهمة في الهدف الوطني النبيل الممثل في استعادة الدولة، ولم يكتفي الانتقالي بهذا لكنه أرجع الانتصارات التي حدثت على الإرهاب الإخواني في العاصمة عدن إلى كل أبناء الجنوب ولم يستأثر بنفسه، لكنه تطلع إلى الشراكة الوطنية من أجل توطيد الأمن والاستقرار وبناء المؤسسات.
وثيقة الانتقالي التي صدرت في مساء أمس الخميس هدفت بشكل أساسي إلى استغلال جميع موارد دولة الجنوب التي أهدرتها الشرعية على مدار السنوات الماضية، وبدا أن المجلس الانتقالي لديه رؤية واضحة في هذا الإطار تتمثل في الارتكاز على الكفاءات من أبناء الجنوب للارتقاء بالخدمات وتحسين الأوضاع بشكل عام، في مقابلة تشديد الرقابة على الفساد ومواجهته بكافة الأشكال القانونية.
الوثيقة وضعت ركائز دولة الجنوب التي من الممكن الارتكان عليها خلال الفترة المقبلة، والتي تقوم على ثلاثة أركان رئيسية تتفرع منها بعض المهام وهي (الأمن واستعادة دولة القانون وتحرير باقي المناطق من الإرهاب)، على أن يتوازى مع ذلك إصلاح العديد من القطاعات التي تحدد مستقبل الجنوب وعلى رأسها التعليم والصحة والبحث العلمي ودعم إقامة خطاب إعلامي تنويري يعكس الهوية الوطنية الجنوبية الجامعة.
لعل أهم ما جاء في خارطة الطريق المستقبلية التي وضعها الانتقالي هي علاقته بالتحالف العربي والتي ركز عليها أيضاً أكثر من مرة وتحديدا العلاقة مع المملكة العربية السعودية التي تقود التحالف والتي حاولت عناصر الإخوان كثيراً إفسادها ببث الشائعات واختلاق الأكاذيب، بل أنه حيا جهودها بإكبار وأكد قبوله دعوتها للحوار حال استكمال الترتيبات اللازمة لعقده.