دعوة للثبات وإعمال العقل والثقة بالنفس وبعدالة القضية
صالح شائف
- من يصنع السلام في اليمن ولصالح من وعلى حساب من؟
- حرمان الجنوب من ثرواته ومنعه من استعادة دولته
- هذا رأينا بعملية التسوية ومتطلبات القبول الجنوبي بالتفاوض
- باستشهاد البطل والقائد الإستثنائي عبداللطيف السيد.. الجنوب يدخل مرحلة الحسم
تطرقنا مرات ومرات إلى أن الغموض في المواقف السياسية هو الأب الشرعي للمفاجآت بأنواعها، ونعيد اليوم ونكرر ما قلناه مراراً بأنه وفي لحظات الانعطافات الحادة والمتغيرات الدراماتيكية المفاجئة منها والمتسارعة وغير المتوقعة كذلك، يسود الإرباك والإحباط عند البعض بل وقد تسود حالة من الشكوك وتبادل التهم وتختلط الأوراق عند البعض الآخر وتتراجع بعض الشيء ولبعض الوقت عند العقلاء وصناع الرأي والقرار بداهة التفكير السليم والهادئ المنتج للحلول، ويفسح المجال في هذه الحالة للانفعالات وليس للتفاعل البناء والمتوازن وتحت ضغط الظروف الاستثنائية وبتأثير سلبي مباشر منها.
ولذلك فإن مسؤولية اللحظة وبطابعها التاريخي ودقتها وحساسيتها وخطورتها كذلك تتطلب من الجميع التفاعل بمعناه الأشمل والأعمق وبأبعاده الوطنية والتاريخية والمنسجم مع جوهر القضية الجنوبية كقضية وطنية وسياسية وتاريخية، كانت وستبقى كذلك راهناً ومستقبلاً.
وما نتمناه أن يكون إسهام الجميع حاضراً وبقوة في مثل هذه الظروف لتجاوز حالات التجاذبات والخوف من الآخر أو من (المجهول) في قادم الأيام وتفعيل لغة التفاهم الأخوي الصادق ومواصلة واستكمال الحوار الوطني الجاد والمسؤول، وتعزيز روح الثقة المتبادلة وتغليب مصلحة الجنوب العليا على ما عداها. وبذلك فقط سينتصر الجميع للمستقبل وعلى قاعدة الشراكة والمسؤولية الوطنية وبها وعبرها ستضيق المسافة التي تفصل بين شركاء الوطن والقضية إن لم تتلاشى، وستوصد الأبواب في وجه كل من يبحثون ويتسللون عبر شروخ هذه المسافة لإشعال نار الفتنة بين الجنوبيين لتحقيق مآربهم وأطماعهم الشيطانية التي لم تعد خافية على أحد.
ولم يعد خافياً على أحد كذلك بأن الساحة السياسية الجنوبية تعيش لحظة تنافس وصراع بين مشاريع مختلفة داخلية وخارجية، وهو ما يتطلب الحذر والتعامل مع كل ذلك بفهم عميق وإدراك واعي وتقدير مسؤول لما ينبغي فعله وألا يحول ذلك، وتحت أي ظرف من الظروف، للانعزال أو الامتناع عن إقامة التحالفات المختلفة وعلى قاعدة الوضوح والندية وتبادل المصالح المشتركة وصيانتها وضمان ديمومتها وبما يحقق للجميع الفائدة المرجوة.
إن علينا أن ندرك بأن اللحظة فاصلة وحاسمة، والجنوب على مفترق الطرق، فلا ينبغي أن تضيع من بين أيدينا بوصلة الاتجاه في زحمة التراشق بالاتهامات والتموضع في الخنادق السياسية المتقابلة التي قد تقودنا إلى ما هو أسوأ وأخطر مما نشهده اليوم، وأن يدرك الجميع بأن الحوار والتفاهم الأخوي وعلى قاعدة المسؤولية المشتركة واحتواء التداعيات الحاصلة ومحاصرتها وإيقافها فوراً، والحذر مما تفعله الأطراف الأخرى ضد الجنوب، وعلى كل الجنوبيين مسؤولية وطنية لا تقبل التأجيل، وأن محاولة احتلاله مرة أخرى جارية على قدم وساق، وما نشهده اليوم في شبوة الرجال والتاريخ لهو خير دليل على ذلك.
إن كل ذلك يشكل طوق النجاة الآمن للجميع ويمنع الفتنة من الحدوث والتوسع، التي يراد بها إحراق الجنوب وبما يوحد رؤية وموقف الكل ضد كل ما يحاك على الجنوب، ويجعل الذهاب نحو المستقبل أكثر أمناً وأقوى ضماناً وشمولاً لشراكة وطنية حقيقية لجنوب حر مستقل يقرر مصيره بنفسه بعيداً عن أية مشاريع تنتقص من سيادته أو تتحكم بإرادته الوطنية، وبما يمكنه من وضع وتحديد شكل وطبيعة العلاقات القادمة مع الشمال وعلى أسس واضحة ومتينة تضمن الحفاظ على أواصر الأخوة بين الشعبين وتصون وتحمي المصالح والمنافع المشتركة وتجعلها قاعدة للتفاهم والتعاون الدائمين.