المليشيات وإتلاف المساعدات.. الجزء الأخير من مخطط الموت الفظيع
أكملت مليشيا الحوثي الانقلابية، الشق الثاني من جريمتها المروّعة التي فاقت كل الخطوط الحُمر، والتي أقرّتها كافة الأطراف دون تحرُّك حاسم، وهو ما يتعلق بملف المساعدات.
المليشيات الحوثية أقدمت في الساعات الماضية، على إتلاف مواد غذائية تابعة لبرنامج الأغذية العالمي، قالوا إنّها منتهية الصلاحية، وذلك بعدما صادرها الانقلابيون لفترات طويلة وتعمّدوا عدم توزيعها على المحتاجين بغية إطالة أمد الأزمة الإنسانية.
وتولت جرافات إتلاف كميات من المواد التي حملت شعار برنامج الأغذية العالمي، وذلك بعدما أصبحت ملاذاً للحشرات الكثيرة، وذلك باعتراف المليشيات نفسها.
مصادر أممية أوضحت أنّ المساعدات التي أتلفت في صنعاء كان من المفترض توزيعها في نوفمبر 2018، وانتهى الأمر بهذا الطعام عالقاً على حاجز لأشهر.
وأضافت أنّ برنامج الأغذية العالمي يوفر شهرياً الطعام لنحو 11 مليون شخص، مؤكّداً ضرورة الوصول دون عوائق إلى جميع المناطق لمن هم في أشد الحاجة إليها، وأشار إلى أنّ البرنامج يُوزِّع أكثر من 130 ألف طن من الأغذية.
إتلاف المساعدات الإنسانية يمثّل الجزء الأخير من سلسلة الجرائم الحوثية الهائلة في هذا الملف تحديداً، حيث تتعمّد المليشيات الموالية لإيران عدم السماح لتوزيع المساعدات على المحتاجين في مناطق سيطرتها، بغية العمل على إطالة أمد الأزمة، وقد أدّى عرقلة توزيع هذه الأغذية إلى أن أصابها التلف وبالتالي حُرم منها الملايين.
جانب كبير من المساعدات الإغاثية يطالُها النهب والفساد من قِبل المليشيات الحوثية، لكن في الوقت نفسه فإنّ موظفين تابعين للأمم المتحدة تورّطوا في جرائم فساد كشفتها العديد من التقارير، وعلى الرغم من "افتضاح" أمر هذه الممارسات إلا أنّ تحرُّكاً دولياً لم يحدث إلى الآن، ما فُسِّر بأنّه تواطؤ عبر صمتٍ قاتل مُروّع لا يقل خطراً عما يرتكبه الانقلابيون.
وكانت وكالة "أسوشيتد برس" قد نشرت قبل أيام، وثائق بيّنت فقدان أطنانٍ من الأغذية والأدوية والوقود المتبرع بها دولياً، وتوظيف غير مؤهلين برواتب مرتفعة، والسماح لقيادي حوثي بالتنقل في مركبات تابعة للأمم المتحدة ما يقيه من الضربات الجوية المحتملة من قِبل قوات التحالف العربي.
الوكالة تحدَّثت عن أنَّ أكثر من عشرة عمال من الإغاثة التابعين للأمم المتحدة، تمّ نشرهم للتعامل مع الأزمة الإنسانية، متهمون بالكسب غير المشروع لإثراء أنفسهم من المواد الغذائية والأدوية والوقود والأموال المتبرع بها دولياً.
ويجري مدققون من منظمة الصحة العالمية تحقيقاً في تقارير تتحدَّث عن أنَّ أشخاصاً غير مؤهلين تمَّ توظيفهم في وظائف ذات رواتب عالية، كما تمّ إيداع مئات الآلاف من الدولارات في حسابات مصرفية شخصية للعاملين، والموافقة على إبرام عشرات العقود المشبوهة من دون توفر المستندات المناسبة، وفقدان أطنان الأدوية والوقود المتبرع بها.
ويركِّز تحقيقٌ ثانٍ أجرته منظمة تابعة للأمم المتحدة، على موظف سمح لقيادي حوثي بالتنقل في مركبات تابعة للوكالة ما يقيه الضربات الجوية المحتملة من قبل قوات التحالف.
هذا الفساد يهدد شريان الحياة الدولي الذي يعتمد عليه غالبية سكان اليمن البالغ عددهم 30 مليون نسمة، وفي العام الماضي قالت الأمم المتحدة إنَّ المانحين الدوليين تعهدوا بتقديم ملياري دولار إلى الجهود الإنسانية.
ومؤخراً، أعلنت الأمم المتحدة أنّ اليمنيين سيموتون إذا لم تتلقَ برامجها التي تنفذها في اليمن التمويل من المانحين، في وقت تؤكد تقارير وكالاتها العاملة في اليمن أنّ المساعدات الإغاثية ينهبها الحوثيون، ولا تصل للمحتاجين، وتورط موظفي الأمم المتحدة بممارسة الفساد والإثراء غير المشروع من الإغاثة.
وأوضح مكتب المنسق المقيم ومنسق الشؤون الإنسانية في اليمن في بيانٍ له، أنّه حتى الآن تم استلام أقل من نصف المبلغ الذي تعهدت بها البلدان المانحة في20 فبراير الماضي لتمويل الأزمة الإنسانية في اليمن، بتقديم 2.6 مليار دولار.
وأضاف البيان أنّ ثلاثة برامج فقط من أصل 34 برنامجاً إنسانياً رئيسيا للأمم المتحدة في اليمن تم تمويلها كاملاً، مؤكداً أنّ العديد من هذه البرامج أجبرت على الإغلاق في الأسابيع الأخيرة، وسيتم إغلاق 22 برنامجاً منقذاً للأرواح في الشهرين المقبلين ما لم يتم تلقي التمويل.
وتراجع زخم دعم المانحين خلال العام الجاري 201لتمويل متطلبات خطة الاستجابة الإنسانية لليمن التي تتبانها الأمم المتحدة، في ظل تأكيدات تقارير أممية أن غالبية المساعدات التي تدخل اليمن تذهب لتمويل مليشيا الحوثي ولا تصل للجياع، بالإضافة إلى تحقيقات تجريها الأمم المتحدة مع منظماتها العاملة في اليمن تثبت استشراء الفساد بين مسؤوليها.