لماذا شمال اليمن وجنوبه وليس غرب اليمن وشرقه؟



هكذا تساءل المستشار اللغوي الهولندي فوتر فان فنخريدن. لقد كان يظن التسمية من كون صنعاء تقع إلى الشمال من عدن. لكنه فوجئ بأن هناك يمناً شمالياً صنعه ما عُرف باليمن الجنوبي في 1967 عندما استقلت محميات اتحاد الجنوب العربي ومحميات جنوب الجزيرة العربية ( محميات عدن الغربية والشرقية) وشكلت الدولة الجديدة التي صاار اسمها جمهورية (اليمن الجنوبية) الشعبية، فأصبحت الجمهورية العربية اليمنية منذ ذلك الحين تعرف باليمن الشمالي، بعد أن كانت اليمن فقط. وينوه فان فنخريدن بأن ذلك اليمن كان له شماله وجنوبه غير هذا الجنوب الحالي، فصحافة الستينيات كانت تتحدث عن جنوب آخر لليمن غير هذا الآن الذي يتشكل كله من جنوب الجزيرة العربية (المحميات الغربية والشرقية).

بمعنى أن جمهورية الاستقلال التي اعترف بها اليمن الشقيق (الجمهورية العربية اليمنية) ، هي التي أوجدت مشكلة الجنوب والشمال، ومن المفارقات أن شعبها يسعى الآن لتصحيح خطأ سياسي جعل جنوب الاستقلال تحت طائلة شرعية الشمال الذي نسي جنوبه القديم (اليمن الأسفل)، واشتط نافذوه حتى باتت قبائله تحارب جنوباً ليس جنوبها، ساورت ساسته القوميون ذات يوم نزعة عروبية جعلت الوحدة قدراً فظلت حتى اللحظة مسألة حياة أو موت، مصيرية (الوحدة أو الموت). فماذا عسى أولئك الساسة يقولون الآن وهم يرون وطناً ودولة مستقلة ليست جنوباً لدولة شقيقة، وقد غدا شعبها مرموزاً إليه بمسمى قضية: القضية الجنوبية، فهو يحملها منذ ربع قرن كصخرة سيزيف، ثم تصب عليه تهم التخوين والانفصال والتمرد والانقلاب؟!