جريمة الإصلاح الكبرى.. كيف غرق اليمن في مستنقع الإخوان الفاسد؟
بنفس القدر الذي عبثت فيه مليشيا الحوثي الانقلابية باليمن، حاضراً ومستقبلاً، فقد دسّ حزب الإصلاح الإخواني الذي يسيطر على حكومة الشرعية سمومه، دفع ثمنها اليمن أيضاً.
تصف صحيفة الخليج جماعة الإخوان وذراعها في اليمن بـ"الحكاية المرعبة"، وقالت في مقالٍ للكاتب حسن العديني، إنّ كل المشكلات والمصائب والمآسي والدواهي والويلات التي أصابت هذا البلد خلال العقود الخمسة الماضية وراءها هذا التنظيم، الكثير منها بعمله المباشر، والكثير الآخر بتأثير حضوره في الحياة السياسية والاجتماعية.
يقول الكاتب: "وجه التأثير الأول أنّ الإخوان سايروا الأنظمة الفاسدة ومالؤوها، والأنظمة لاءمت سياساتها معهم فأحلت ما أحلوا وحرمت ما حرموا، والوجه الآخر أنهم وفروا البيئة لنمو قوى واتجاهات ألحقت الأضرار بالبلاد وأوصلت اليمن إلى ما وصل إليه اليوم".
ويضيف: "الإخوان عالم مغلق تصعب رؤيته من الداخل بتفاصيله، والمتاح هو الاطّلاع على ما يخرج من ذلك المجتمع المغلق من سياسات وممارسات رهيبة، ولديهم قدرة على الإنكار، وأيضاً جرأة وإصرار على إلقاء خطاياهم فوق ظهور من يخالفهم الرأي، لكنّ قليلين ممن خرجوا من هذه الدار المغلقة تجرؤوا وكشفوا، لكنهم لم يعطوا الدنيا كل الأسرار والخبايا لأنهم لم يكونوا بالغرفة التي تتلقى الرسائل من مراكز التحكم خارج الجماعة".
أحد أهم الجرائم التي ارتكبها "الإصلاح" في السنوات الأخيرة، لا سيّما بعد اندلاع الحرب الحوثية في صيف 2014، هي طعن التحالف العربي من الخلف، والانخراط في تقارب مع المليشيات الانقلابية، أخّرت حسم الحرب وضافعت من معاناة المدنيين.
في ربيع 2015، بدأ التحالف العربي عملياته في اليمن، رفع "استعادة الشرعية" شعاراً واضحاً في الحرب على المليشيات الحوثية الموالية لإيران، وعلى الرغم من ذلك كانت حكومة الشرعية نفسها تمارس ما بات يُنظر إليها على أنها "مؤامرة خبيثة" ضد التحالف.
المحور الأول لهذه المؤامرة تمثّل في سيطرة حزب الإصلاح، ذراع جماعة الإخوان (المُصنّفة إرهابية) على مفاصل الشرعية، حتى بات متحكّماً في صناعة القرار اليمني، على النحو الذي يخدم مصالحه ويحقق مطامعه نحو مصادرة السلطة.
استطاع حزب الإصلاح أن يُحرّف مسار الحرب بشكل كبير، وأصبحت الحرب على الحوثيين غائبة عن أولويات حكومة الشرعية، على الرغم من أن تدخّل التحالف العربي كان هدفه الأساسي هو مكافحة إرهاب الانقلابيين.
حوّل حزب الإصلاح معسكر "الشرعية" إلى معسكرات إرهاب طبقاً لما ورد في تقرير أمريكي مُسرب، حيث أصبحت الحكومة ملاذاً يؤدي الكثير من عناصر التنظيمات الإرهابية، وفي مقدمتها داعش والقاعدة.
كانت هذه الممارسات من قِبل حكومة الشرعية أشبه بسهامٍ طعنت التحالف من الظهر، وما زاد على ذلك هو التقارب الكبير بين "إخوان الشرعية" والمليشيات الحوثية، فقام "الإصلاح" بتسليم مناطق استراتيجية لسيطرة الانقلابيين كما عمد إلى تجميد جبهات أخرى مع الحوثيين، في وقتٍ ضحّى فيه التحالف العربي بالغالي والنفيس من أجل اليمن، حاضراً ومستقبلاً.
الغدر الإخواني بالتحالف من خلال تعزيز التقارب مع المليشيات الحوثية لم يكن ثنائياً، بل لعب "الثالوث الشرير" (قطر وإيران وتركيا) دوراً رئيسياً في تنسيق هذه العلاقات المريبة، وذلك ضمن سيناريوهات إقليمية في شرق أوسط تتداخل خيوطه وتتشابك أزماته وتعديلاته.
في خضم هذه التطورات وما يُكشف من معلومات عن تلك المؤامرات، بات على قيادة التحالف إعادة تقييم الأمور بشكل كامل، على اعتبار أن استمرار "الشرعية" بوضعها الراهن أمرٌ يحمل الكثير من المخاطر بشأن مستقبل الحرب، والأهم من ذلك مستقبل ما بعد الحرب.