أبل تتطلع إلى ما بعد الهواتف الذكية

الجمعة 13 سبتمبر 2019 01:08:00
"أبل" تتطلع إلى ما بعد الهواتف الذكية
عندما عمدت شركة أبل إلى تسعير هاتف ذكي بأعلى من حاجز ألف دولار للجهاز الواحد، لأول مرة قبل عامين، رفض المستهلكون ذلك المستوى السعري المرتفع، للوهلة الأولى.
شعر المحللون بالقلق من أن يفشل "آيفون إكس"، أي الجهاز الذي تم تسعيره بصورة مبالغ فيها.
في السياق، سخرت "يو إس آي توداي" قائلة إن المشترين قد يحتاجون إلى قرض عقاري لشرائه.
بيد أن ما حدث بعد ذلك لم يكن متوقعا فحسب، بل فاجأ المحللين والمراقبين في السوق، أجمع.
لقد اندفع الناس لشراء ذلك الجهاز بأعداد كبيرة لدرجة أن إيرادات الشركة من بيع أجهزة آيفون، وصلت إلى رقم قياسي في موسم العطلات بلغ 62 مليار دولار، بزيادة 13 في المائة عن العام السابق، حتى مع انخفاض مبيعات الوحدات.

المؤتمر السنوي ومضاعفة السعر
ثبت أن زيادة العائدات كانت قصيرة الأجل، إلا أنه قبل مؤتمر الأجهزة السنوي لـ"أبل" في 10 أيلول (سبتمبر) الجاري، يعتقد خبراء التسعير في شركة سايمون كوشر آند بارتنرز للاستشارات، أن المستهلكين مستعدون للمرحلة التالية المتمثلة في طرح جهاز آيفون بقيمة ألفين دولار.
في دراسة استقصائية جديدة شملت 10250 شخصا في جميع أنحاء الولايات المتحدة، توصلت شركة سايمون كوشر، إلى أن 10 في المائة من المستهلكين الراغبين في شراء جهاز آيفون الجديد، كانوا على استعداد لدفع ألفي دولار لطراز أعلى مستوى.
كما أن ربع المستطلعين في تلك العينة، أبدوا استعدادا لدفع أكثر من 1800 دولار للجهاز.
قال مادهافانرامانوجام، وهو شريك في "سايمون كوشر": "يوجد جهاز آيفون لكل طاقة مالية، أي لكل مستويات القدرة على الإنفاق".
تم إجراء الاستطلاع، بالطبع، قبل أن تكشف "أبل" فعليا عن مجموعة هواتف آيفون الجديدة.
قد تكون النسبة المئوية للعملاء الراغبين في صرف أموال إضافية أقل بكثير، إذا فشلت "أبل" في الكشف عن أي تحسينات تكنولوجية كبيرة، تتطلب مثل هذه الزيادة.
هل يخيب "آيفون" الجديد الآمال؟
قبل أيام من الحدث، يقول المحللون إن الهاتف الذكي من المتوقع أن يكون مخيبا للأمل.
في حين أن المنافسين بما يشمل شركة سامسونج يمضون قدما بهواتف قابلة للطي، متوافقة لتتيح الاتصال عبر شبكة الجيل الخامس فائق السرعة، من المتوقع على نطاق واسع أن تكشف "أبل" عن ثلاثة هواتف آيفون جديدة، تتميز بأحجام شاشة الأنواع الحالية نفسها.
الجديد أن هناك معالجات مطورة وأول كاميرا ثلاثية العدسات من شركة أبل – ربما كانت مشوقة – إلا أنها كانت موجودة في أجهزة شركة هواوي، منذ نحو عامين.
قال مارك ماهاني، محلل تكنولوجي في "آر بي سي كابيتالماركتس": "يبدو أن أبل لم تعد تملك خصلة ابتكار المنتجات أو الحماس الذي كانت تملكه في السابق".
الأجهزة القادمة؟
في الماضي، كانت الترقب قبيل مؤتمر الأجهزة السنوي لشركة أبل أمرا معروفا جدا.
كان فيلم "سيرة ستيف جوبز الذاتية" من إخراج داني بويل عام 2015 حصريا، وكانت قصته الرئيسية تدور حول الدراما وراء الكواليس، تمهيدا لاعتلاء مؤسس شركة أبل المسرح.
نسخ جميع المنافسين النموذج وألصقوه بمنتجاتهم التي أطلقوها في الأسواق.
ما زال حدث هذا العام يحظى بأسابيع من الترقب، وصور أفكار من المعجبين، وعدد لا يحصى من التسريبات، على أن المفقود هو أنه لا يوجد إلا القليل الذي يوحي بأن المنتجات ستكون مذهلة.
يتوقع المراقبون المقربون وجود "أبل ووتش" جديدة، وتحديثات لجهاز "أبل تي في" ومزيد من التفاصيل حول خدمة بث التلفزيون، واشتراكات الألعاب "آركيد" وربما جهاز تتبع بالبلوتوث للعثور على الأجهزة المفقودة.
في الهواتف الذكية، إذ تكسب "أبل" أكثر من نصف إيراداتها السنوية، يكافح آيفون بشكل متزايد لاستيفاء مستوى، ناهيك عن التفوق على، أحدث تشكيلة من أجهزة المنافسين "سامسونج" و"هواوي" و "جوجل"، من ناحية عمر البطارية ووقت إعادة الشحن والكاميرات.
قال واين لام، محلل رئيسي في "آي إتش إس ماركت"، إن الحماس "مكتوم". وأضاف "يجب أن تأتي أبل بشيء أفضل مما كانت تفعله". "المنافسة أقوى".
ومع ذلك، قد لا يهم الأمر. لا تزال "أبل" تعتمد على "آيفون" ولا شك في أنها تريد أن يكون لديها أفضل جهاز في القطاع، لكن الجهاز أصبح في المرتبة الأدنى في اندفاعها للأجهزة القابلة للارتداء - "أبل ووتش" و"إيربودز" ومنتجات "بيتس" - والخدمات، إذ يوجد أكثر من 420 مليون شخص مشترك في مجموعة مما تقدمه من خدمات الموسيقى إلى الأفلام.
يقول جيوفبلابر، محلل تكنولوجي في "سي سي إس انسايت": "إن الأجهزة هي في الأساس كمية معروفة، ولا يوجد فيها بالضرورة السحر الذي اعتاد أن يكون موجودا، لكنني أعتقد أن الاختلاف والابتكار يأتيان من مكان آخر بالنسبة لشركة أبل".
وأضاف أن عرض يوم الثلاثاء -الماضي-، لا يزال "حدث آيفون"، الهواتف قد أحيلت من المنتج المركزي إلى "الركائز الأساسية" ببساطة، في ظل طموحات "أبل" الأوسع.
ماذا بعد جوبز؟
لطالما أعرب النقاد عن أسفهم بعد موت ستيف جوبز في عام 2011، وربطوا ما بين رحيله وانخفاض مستوى الجدارة الابتكارية ضمن شركة أبل.
على أن عدم وجود اكتشاف منتج كبير بمستوى أجهزة آيفون في الأعوام الأخيرة، قد يعكس بالقدر نفسه اللحظة التي تصل فيها سوق الهواتف الذكية إلى مرحلة النضج.
يمكن القول إن منافسي شركة أبل هم الذين ضلوا طريقهم في محاولاتهم لامتلاك الميزة المبتكرة في الهواتف الذكية. مثلا، على الرغم من أن شركة سامسونج يمكنها أن تدعي أنها قد تفوقت على شركة أبل بطرح هاتف قابل للطي، إلا أن المشهد أثبت أن تلك النماذج بما تحويه من مزايا محرجة حقا، فقد انكسرت وحدات الاستعراض خلال العروض التجريبية، في وقت سابق من هذا العام.
من يكسب الحرب؟
ومع أن بيانات المبيعات تشير إلى أن شركة أبل تخسر معركة التفوق في الهواتف الذكية - انخفضت مبيعات أجهزة آيفون في الربع الأخير 14 في المائة إلى 39 مليون وحدة، إلا أنه حتى مع ارتفاع مبيعات شركة سامسونج 4 في المائة إلى 75 مليون وحدة، ومبيعات هواوي 16 في المائة إلى 58 مليون، وفقا لما ذكرته "جارتنر" - تشير مؤشرات أخرى إلى أن شركة أبل، هي التي تربح الحرب لا العكس.
تحول تركيز الشركة ذو الأعوام المتعددة من مبيعات الهواتف الذكية إلى بناء "قاعدتها المثبتة" من المستخدمين – يبلغ الرقم الآن أكثر من مليار شخص – في شكل نظام بيئي لا مثيل له من المنتجات، التي أثبتت أنها مربحة للغاية.

الساعات والسماعات الذكية
باعت شركة أبل في الربع الأخير 5.7 مليون ساعة ذكية، ما جعلها تحصل على 46 في المائة من السوق العالمية، وفقا لـ"ستراتيجي أناليتيكس".
في الفترة نفسها، باعت 14 مليون "إيربودز"، ما يعد 53 في المائة من سوق السماعات اللاسلكية في جميع أنحاء العالم، حسب تقديرات "كاونتربوينت ريسيرش".
يزداد حجم هذا النظام البيئي مع إصدار بطاقة ائتمانية من شركة أبل، وطرح خدمة البث التلفزيوني واشتراك "أركيد" هذا الخريف.
إضافة إلى ذلك، إن الشركة في مكانة تضمن لها النجاح في مجال نظارات الواقع المعزز الناشئ، وهو قطاع من المتوقع أن يتضاعف أربعة أضعاف في المبيعات بين عامي 2017 و2022، وفقا لـ "جارتنر".
قال لام: "لقد تجاوزنا العصر الذي يعد فيه جهاز آيفون أهم منتج لشركة أبل".
وأضاف: "لا يوجد ضغط من وول ستريت للتفوق على أجهزة آيفون، لأن لديهم عديدا من المجالات الأخرى".
قال بلابر إن عدم وجود اتصال بالجيل الخامس يمكن أن يضر "أبل" في الصين وكوريا الجنوبية واليابان - وهي المناطق التي تحقق فيها الشبكة فائقة السرعة نجاحا كبيرا - خاصة أنه من المتوقع أن يكون لكل صانع هواتف أندرويد، طراز من الجيل الخامس بحلول نهاية هذا العام.
تأخر دخول "أبل" في نطاق شبكة الجيل الخامس، قد يكون في نهاية الأمر ميزة إذا فشلت تلك الإصدارات. وقال: "بالكاد ستكون شركة أبل الأولى، وسيجادلون بلا شك في أنه من الأفضل لهم إطلاق الجيل الخامس عندما تكون التجربة مناسبة، فهناك تغطية واسعة ويمكنهم تقديم هذه التجربة بسهولة".
إطار
صعود كوك .. أكبر علامة استفهام
تعليقا على الصعود المنتظر لتيم كوك الرئيس التنفيذي لشركة أبل على المسرح يوم الثلاثاء –الماضي-، قالت أنيت زيمرمان وهي محللة في شركة جارتنر: إن أكبر علامة استفهام ستكون تسعير أجهزة آيفون الجديدة.
إن القرار مهم أكثر مما يدركه كثيرون. اليوم، أغلى جهاز آيفون معروض هو "إكس إس ماكس"، الذي يبدأ سعره من 1099 دولارا حتى يصل إلى 1449 دولارا، مع مزايا أعلى خيارات التخزين.
ستمثل ترقيات التخزين وحدها 18 مليار دولار من إيرادات شركة أبل هذا العام - أقل بمليار دولار من إجمالي الـ19 مليار دولار التي حصلت عليها الشركة في عام 2006، أي قبل عام من إطلاق جهاز آيفون - وفقا لمحلل "برنشتاين" توني ساكوناجي.
ويقدر أن شركة أبل تحقق هامشا إجماليا نسبته 90 في المائة في ترقيات التخزين، وذلك من خلال محاكاة الطريقة التي تجذب بها شركات الطيران الأشخاص بأسعار تنافسية، ثم تحقق بعد ذلك أرباحا ضخمة من رسوم الأمتعة.
قال ساكوناجي إن الربح من ترقيات التخزين، من المرجح أن يشكل 26 في المائة من الأرباح التشغيلية التي يتوقعها هذا العام، التي تبلغ 63 مليار دولار.
لا يلزم لجهاز آيفون الذي يراوح سعره بين 1800 دولار وألفي دولار أن يكون الأفضل مبيعا ليكون ناجحا، بفضل تأثير الهالة الذي يكونها للعلامة التجارية. عندما قدمت شركة أبل جهاز آيفون أكس في عام 2017، أعاد الجهاز الذي تبلغ قيمته ألف دولار صياغة التوقعات لأسعار مجموعة منتجاتها بصورة مفيدة، مخفيا كيف رفعت شركة أبل متوسط الأسعار لكل الأجهزة، لأنها بدت معقولة مقارنة بالنموذج الراقي مرتفع الثمن.
قال رامانوجام إن الشيء نفسه حدث حتى مع النسخة الذهبية الشهيرة من "أبل ووتش"، التي تبلغ قيمتها 17 ألف دولار.
يعد المنتج ذو الـ18 قيراطا، الذي تم إصداره جنبا إلى جنب مع أول ساعة ذكية من "أبل" في عام 2015، فاشلا على نطاق واسع، إذ تشير التقارير إلى أن مبيعاته لا تصل إلا إلى عشرات الآلاف.
بيد أنه وفقا لرامانوجام، فإن الحكمة المكتسبة من ذلك، تعد خاطئة.
وقال: "لقد كان أمرا عبقريا، لأنه بمجرد أن يتحدث الناس عن السعر البالغ 17 ألف دولار، فإن ساعة أبل ووتش البالغ سعرها 400 دولار، لن تبدو باهظة الثمن".