هل برهن هجوم أرامكو على سذاجة الحوثيين؟
في الوقت الذي لم تعلن فيه المملكة العربية السعودية إلى الآن، الجهة التي نفّذت الهجوم الإرهابي على شركة أرامكو، إلا أنّ المليشيات الحوثية الانقلابية تصر على أنّها وراء هذا الهجوم.
وكالة "أسوشيتد برس" الأمريكية استبعدت أي دور للحوثيين في الهجوم الذي طال يوم السبت الماضي أهم منشأة نفطية في المملكة.
تقول الوكالة إنّ المليشيات الحوثية أعلنت مسئوليتها عن بعض هذه الضربات، غير أنّ التطوُّرات المتسارعة في قدراتهم العسكرية زادت من الشكوك بين الخبراء والمحللين بأنَّ إيران ربما تُنسِّق هذه الهجمات مع الحوثيين عبر دعمهم لوجستياً وعسكرياً، أو ربما تنفذ تلك الهجمات بنفسها.
وتظهر صور الأقمار الصناعية للمواقع السعودية التي تعرضت للهجوم التي أصدرتها الولايات المتحدة لاحقاً تعرُّض الأجزاء الشمالية من المواقع للضرر بشكل بالغ.
ويقول مسؤولون أمريكيون إنَّه لو حدث أي هجوم من اليمن، فإنّ الأجزاء الجنوبية كانت ستتعرض لهكذا أضرار.
وإلى الشمال عبر الخليج العربي تقع إيران والعراق، حيث تتواجد الميليشيات الشيعية المدعومة من إيران، وبالرغم من أنّ العراق نفى أن الهجوم جاء من هناك، إلا أنّ الكويت، وهي تتوسط العراق والسعودية وعلى مقربة من غرب إيران، قد أكدت صحة التقارير التي تفيد بأن طائرة مسيرة أو جسم منخفض حلّق فوق سمائها في وقت مبكر من يوم السبت قبيل الهجوم.
ويقول محققون من الأمم المتحدة إنَّ الطائرة المسيرة UAV-X التي يمتلكها الحوثيون يصل مداها إلى 1500 كيلومتر (930 ميلًا)، وهذا من الناحية النظرية، قد يضع المصنع وحقل النفط الذي ضرب يوم السبت في نطاقها.
ومع ذلك، فإنّ طائرات الحوثي بدون طيار تنفجر عادةً في الهواء أو عندما تصطدم بالهدف، وتخرج منها الشظايا مثل الذخيرة، وبالتالي فإنَّ أي هجوم للحوثيين بالطائرات المسيرة سيكون محدود التأثير والخسائر على البنية التحتية لأي هدف يريدون قصفه.
الهجمات الحوثية بالطيران المسير والتي حدثت في أوقات سابقة تؤكد هذا، حيث انفجرت واحدة تم تسجيلها على شريط فيديو في يناير الماضي، على حشد من الناس في عرض عسكري.
إلا أنَّ الصور الصادرة عن هجوم يوم السبت تُظهر ضربات دقيقة ونافذة بعمق في الهياكل بمنشأة معالجة النفط، وهو ما يثير الريبة والاستغراب.
ويقول فابيان هينز، الباحث في مركز جيمس مارتن لدراسات حظر الانتشار النووي، إنّ غارات الحوثي السابقة ضد منشآت النفط كانت تميل إلى التسبب في أضرار محدودة للغاية وهذا قد يكون مؤشراً على أنّ الهجوم الأخير على أرامكو نفذ باستخدام نظام تسلح مختلف.
وبينما تحقق السلطات في الهجوم السعودي، فإنَّها ستعتمد على فحص الاستدلال الجنائي للأسلحة المستخدمة لتحديد ما أصاب الموقع، إلى جانب تفاصيل عن الضرر، قد يسمح للمحققين بتحديد هوية الفاعل الحقيقي في أحدث هجوم غامض في المنطقة.
ويقول مايكل نايتس، وهو محلل بارز في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى: "يمكن لإيران الاعتماد على ضبابية الصورة وبقاء الحادث مثار شك لمنحها القدرة على الإنكار تحت أي ظرف من الظروف، لكن أي هجوم بهذا الحجم والخطورة قد تكون له عواقب دبلوماسية وعسكرية شديدة الخطورة عليها".
ولم تعلن إيران مسئوليتها سوى عن هجوم واحد خلال هذه الفترة، وهو إسقاط طائرة استطلاع عسكرية أمريكية بدون طيار تزعم أنها دخلت مجالها الجوي في 20 يونيو الماضي.
ومنحت طهران ميداليات لأعضاء الحرس الثوري الذين أشرفوا على البطارية المضادة للطائرات التي أسقطت الطائرة المسيرة، كما أنّها قد اعترفت بشكل منفصل بالاستيلاء على عددٍ من ناقلات النفط، وأبرزها ستينا إمبيرو التي ترفع العلم البريطاني، وذلك في 19 يوليو.
ومع ذلك، فإنَّ الهجمات على ناقلات النفط وكذا الاعتداءات الحوثية المزعومة على البنية التحتية للنفط في المملكة تتوافق مع الحوادث الآنفة الذكر، والتي ألقي باللوم فيها على طهران، وفق التقرير.
إيران تعتمد على ما يسمى بالهجمات "غير المنسوبة إليها"، حيث يصعب توجيه اللوم إليها في ظل هذه الظروف.
ويقول محللون إنّ الهجمات المزعومة أو المنسوبة إلى هذه الجماعات قد تكون طهران ضالعة فيها بشكل مباشر أو غير مباشر، ويربط أولئك الذين يوجهون أصابع الاتهام نحو إيران بين القصف الذي تعرضت له أرامكو والتوقيت الحساس الذي وقع فيه، حيث يتزامن مع الأزمة الإيرانية الأمريكية الراهنة بعد انسحاب واشنطن من الصفقة النووية مع طهران.
الأزمة اشتعلت بين الدولتين بعد أن قام الرئيس دونالد ترامب بسحب الولايات المتحدة بشكل أحادي من الصفقة في 8 مايو 2018.