خمس سنوات على الانقلاب.. جرائم الحوثي تودي به إلى الشتات
تمر اليوم السبت الذكرى الخامسة للانقلاب الحوثي على الشرعية في اليمن، وهو الحدث الذي يظل فارقاً في تاريخ اليمنيين بعد أن تسبب في مقتل الآلاف وتشريد الملايين بفعل الرغبة الإيرانية في احتلال البلدان العربية عبر أذرع إرهابية تابعة لها، غير أن السحر يبدو أنه قد انقلب على الساحر، إذ أن الانشقاقات الداخلية والصراعات على السلطة تسببت في شتاتها.
على مدار الأشهر الماضية لم تتوقف حوادث القتل والإعدام والتنكيل التي تقدم عليها المليشيات الحوثية بحق أتباعها في مناطق متفرقة، مما يشي بأن هناك حالة خواء يعانيها جسد المليشيات المتفكك بالأساس ولكنه كان هناك رابط يحافظ عليه وهو المال الإيراني، غير أن انعكاسات انحصار وصول تلك التمويلات ظهرت جلية في تلك الحوادث التي تكشف عن انفراط عقدها.
وأصبحت رأس القيادة التي توجه الأفراد أضحت غير متفرغة للسيطرة على ما يجري بداخلها، وبدا أن هناك أولويات أخرى ترتبط بالصراع على السلطة والبحث عن الأموال ومحاولة تأمين نفسها في حال تدهورت الأوضاع بشكل أكبر، وبالتالي فإن ذلك انعكس على تصاعد حوادث القتل ترتبكها مجموعة من الأفراد الصغار داخل المليشيات.
وأضحى مستقبل العلاقة داخل المليشيات الحوثية يغلب عليه الشتات، في ظل النزعة الثأرية تحديداً فيما يتعلق بالعلاقة مع شيوخ القبائل التي تعتمد عليهم المليشيات الحوثية، ومن المتوقع أن تسوء العلاقات بشكل كبير معها ما سيجعل الاعتماد الأكبر على المرتزقة الذين يقدمون على ارتكاب جرائم كالتي حدثت مع القيادي مجاهد قشيرة، خلال شهر يوليو الماضي.
بعد خمس سنوات من الانقلاب لم تتمكن المليشيات الحوثية من السيطرة على اليمن، ولكن في الوقت ذاته فإن المحافظات التي تسيطر عليها تحولت صالة عزاء كبيرة، حيث يرى الداخل إلى تلك المحافظات كيف حول الحوثيون شوارعها وكل أماكن الدعاية والإعلان فيها إلى لوحات عشوائية لصور قتلى الميليشيات، حتى الأماكن العامة ومنازل المواطنين لم تسلم من دعاية الموت لقتلى سقطوا في جبهات الميليشيات.
استنسخ الحوثيون النظام الإيراني بمؤسساته الموازية فبعد انقلابهم، وضعوا- كما في مؤسسة قائد الثورة في إيران- ممثلاً أو ما يسمى "مشرف حوثي"، في كل مؤسسة ووزارة وحتى إدارة وقسم شرطه تابعة للحكومة، وكلمته هي الحكم الفصل.
كما دفعوا بالآلاف من أتباعهم في المؤسسات الأمنية والعسكرية ومنحوهم رتبا عليا، وكونوا ما تسمى "اللجان الشعبية"، وهي تنظيم ميليشياوي مسلح يشبه "الحرس الثوري الايراني"، وأنشأت عشرات السجون السرية بجانب سجون الدولة المسيطرة عليها، وزجت بآلاف المعارضين لمشروعها فيها.
وحولت ميليشيات الحوثي، تجارة السلع والمواد الأساسية إلى سوق سوداء تابعة لها، تكسب من ورائها المليارات، وهذه هي النقطة التي تذرعت بها ميليشيات الحوثي خلال اجتياحها صنعاء، إلى جانب نهب الإيرادات العامة ورواتب موظفي الدولة منذ ثلاث سنوات في مناطق سيطرتها، ما عمق من حجم المعاناة الإنسانية لليمنيين.
إنسانيا أيضا، يواجه الشعب اليمني أمراضا وأوبئة وفي مقدمتها وباء الكوليرا الذي يفتك بصحة الآلاف، هذا إلى جانب استمرار الميليشيات الحوثية في ارتكاب الجرائم بحق المدنيين في مناطق سيطرتها.
أوقع الانقلاب الحوثي حوالي 10 آلاف قتيل وأكثر من 56 ألف جريح منذ 2014 بحسب منظمة الصحة العالمية. ويعتبر مسؤولون في المجال الإنساني أن الحصيلة أعلى بكثير.
ولا يزال هناك 3,3 ملايين نازح، فيما يحتاج 24,1 مليون شخص، أي أكثر من ثلثي السكان، للمساعدة، بحسب الأمم المتحدة التي تصف الأزمة الإنسانية في اليمن بأنها الأسوأ في العالم حالياً.
ودمرت المليشيات الحوثية عدد كبير من المستشفيات. وواجهت البلاد وباء الكوليرا مع أكثر من 2500 وفاة بين ابريل وديسمبر 2017، ووصف صندوق الأمم المتحدة لرعاية الطفولة (يونيسف) في نوفمبر 2018، اليمن بأنه "جحيم حي" مع وجود 1,8 مليون طفل تقل أعمارهم عن خمس سنوات يعانون من "سوء التغذية الحاد".