مبادرة الحوثي للسعودية.. بين الترحيب المشروط والرعب المنتظر
وضعت مليشيا الحوثي الانقلابية الأزمة القائمة في اليمن منذ أن أشعلت الحرب في صيف 2014، في مرحلة جديدة بعدما قدَّمت عرضًا للسعودية بوقف الهجمات على المملكة، والانخراط في حوارٍ شامل، في انتظار إعلان سعودي مماثل (بوقف عمليات التحالف العربي).
رئيس ما يُسمى المجلس السياسي مهدي المشاط أعلن عما وصفها بـ"مبادرة سلام"، دعا فيها إلى الانخراط الجاد في مفاوضات تفضي إلى مصالحة شاملة، واستعداد الحوثيين لوقف استهداف الأراضي السعودي بالطيران المسير والصواريخ الباليستية والمجنحة وكافة أشكال الاستهداف مع انتظار إعلان مماثل من التحالف العربي.
المبادرة الحوثية بعيدًا عن صدقها أو كذبها (وفق لما هو معهود عن المليشيات)، لكنّها لاقت الكثير من ردود الأفعال على الصعيدين الإقليمي والدولي، وسط احتمالات بأنّ مرحلةً جديدةً سيقود إليها هذا العرض.
وزير الدولة للشؤون الخارجية السعودي عادل الجبير علَّق على المبادرة الحوثية، يوم السبت الماضي، قائلًا إنّ المملكة تنتظر الأفعال لا الأقوال، وصرّح: "نحكم على الأطراف الأخرى بناء على أفعالها وأعمالها، وليس أقوالها، ولذا فإننا سنرى إن كانوا سيطبقون فعلا (المبادرة) أم لا".
لم يوضح الجبير سببًا لهذا العرض الحوثي في هذا التوقيت، وقال: "بالنسبة للسبب الذي دفعهم لذلك، علينا أن نتفحص المسألة بتعمق".
كنا رحّب المبعوث الأممي لدى اليمن مارتن جريفيث بالمبادرة الحوثية، وقال إنّها تُعبِّر عن المزيد من الانفتاح تجاه تنفيذ اتفاق تبادل الأسرى والمعتقلين والرغبة في حل سياسي لإنهاء الصراع.
وشدَّد على أهمية الاستفادة من هذه الفرصة وإحراز تقدّم في الخطوات اللازمة للحدّ من العنف والتصعيد العسكري والخطاب غير المساعد، وقال: "تنفيذ هذه المبادرة بحسن نية، يمكن أن يكون رسالة قوية حول الإرادة لإنهاء الحرب".
وجدَّد جريفيث دعوته لاحترام القانون الإنساني الدولي، وضبط النفس، وتجنيب اليمن الانجرار إلى توترات إقليمية.
في الوقت نفسه، قال الاتحاد الأوروبي - في بيان - إنّ "الإعلان (الحوثي) بوقف الأعمال العسكرية العدائية ضد المملكة العربية السعودية خطوة هامة"، وأضاف: "لطالما أكّد الاتحاد الأوروبي أنّه لا يوجد حل عسكري للنزاع في اليمن، وبالتالي فإنَّ هناك حاجة مُلحة إلى مبادرات تهدف إلى خفض التصعيد".
وأضاف البيان: "من شأن أي خطوة مماثلة في هذا السياق أن توفر فرصة للمبعوث الخاص للأمم المتحدة للانخراط الفاعل مع كافة الأطراف المعنية بهدف إعادة إطلاق العملية السياسية"، مؤكّدًا أنّ الاتحاد سيواصل دعم عمل المبعوث الخاص للأمم المتحدة مارتن جريفيث بكافة الوسائل المتاحة.
ترحيبٌ آخر صدرت عن بريطانيا، إذ قال سفيرها لدى اليمن مايكل آرون في تغريدة عبر حسابه الرسمي بموقع التواصل الاجتماعي "تويتر": "إذا تم تنفيذ ما ورد في الإعلان بحسن نية، سوف تكون هذه رسالة إيجابية عن إعتزامهم إنهاء الحرب بالفعل".
وبالنظر إلى دلالات العرض الحوثي، فإنّ توقيت إصدار هذه المبادرة لا يبدو أنّه جاء بالصدفة، فالمليشيات الانقلابية يبدو أنّها تترقب رد فعل حازم ضدها بعد التورُّط الإيراني في الهجوم الإرهابي الذي استهدف معملي شركة أرامكو السعودية قبل أيام.
وبينما تسود توقعات بأنّ ترد المملكة بقوة على هذا الهجوم، فإنّ الأذرع الإيرانية يبدو أنّها تتوجّس خيفةً من هذا الرد المرتقب، والذي يُنتظَر أن يُغير من خريطة اللعبة على الساحة اليمنية، على اعتبار أنّ الحوثيين هم آلة القمع الأولى التي يحركها النظام الإيراني.