خياران أحلاهما مر.. حوار جدة vs إخوان الشرعية (قراءة المشهد العربي)
تعيش حكومة الشرعية، التي يسيطر عليها حزب الإصلاح الإخواني، حالة سياسية مزرية للغاية، حتى وضعت نفسها بين خيارين "أحلاهما مر"، فيما يتعلق بمستقبل الحرب على المليشيات الحوثية من جانب، أو العلاقة مع الجنوب وقيادته السياسية ممثلة في المجلس الانتقالي.
حكومة الشرعية منحت الفرصة، وهي تحت سيطرة الإخوان، على مدار خمس سنوات، لإدارة الأمور، لكنّها أثبتت فشلًا ذريعًا، حتى باتت تتقاسم مسؤولية الوضع المنهار على كافة القطاعات مع الحوثيين.
لم تفشل حكومة "الإصلاح" في المواجهة العسكرية مع الحوثيين وحسب بل هي في الأساس انخرطت أصلًا في تعاون مروّع فيما بينهما، لكنّها فشلت أيضًا في تأمين حياة آدمية للمدنيين في المناطق المحررة، ليخيم فشل حاد على كافة أدوارها، سواء سياسيًّا أو أمنيًّا وبالذات اقتصاديًّا.
في المقابل، فشلت حكومة الشرعية في عدوانها الإخواني على الجنوب، رغم استعانتها بالعديد من التنظيمات الإرهابية وعلى رأسها داعش والقاعدة، لكنّها اصطدمت بأسود جنوبيين رفعوا اسم الجنوب عاليًّا ليتباهى به شعبه.
المملكة العربية السعودية تدخَّلت لاحتواء الموقف سريعًا، ودعت لعقد محادثات في مدينة جدة بين حكومة الشرعية والمجلس الانتقالي الذي وافق بدوره سريعًا على المشاركة في هذا الحراك، بينما في المقابل كانت مشاركة حكومة الشرعية على مضد، حيث حاولت في بداية الأمر عرقلة هذه الجهود مبكرًا وإفشالها خوفًا مما يمكن أن ينتج عنها.
لم تعلن الكثير من التفاصيل عن سير المحادثات أو مخرجاتها، وهو أمرٌ معتاد دبلوماسيًّا في مثل هذه الظروف وتلك الأجواء، لكن معلومات أثيرت عن مبادرة قدّمها التحالف العربي بين المجلس الانتقالي وحكومة الشرعية، تفضِي إلى كثيرٍ من التغيُّرات في المرحلة القليلة المقبلة.
المبادرة، وفق التسريبات، تشير إلى تشكيل حكومة تكنوقراط بعيدة عن حزب الإصلاح الإخواني الإرهابي، تكون مصغرة ومناصفة بين الجنوب والشمال من التكنوقراط الذين لا ينتمون لأي حزب، بعد التوافق على الأسماء بين الرئيس المؤقت عبد ربه منصور هادي، والمجلس الانتقالي، والتحالف العربي.
كما تنص المبادرة، على تعيين قيادات للسلطات المحلية في محافظات الجنوب المحرر بالتوافق، وخروج كل القوات العسكرية من محافظات الجنوب إلى الجبهات بما فيها قوات جيش الشرعية في الوادي والمهرة وشبوة.
استنادًا لما يتم تسريبه عما يدور هناك، فإنّه يمكن القول إنّ حكومة الشرعية المخترقة إخوانيًّا تجد نفسها بين خيارين أحلاهما مر، فهي إمّا تقبل بمقترحات حل الأزمة وبالتالي يجد "الإصلاح" نفسه مهمشًا في المرحلة المقبلة، أو ترفضها وبالتالي تكون "الشرعية" في موقف شديد الحرج أمام المملكة العربية السعودية باعتبارها تستضيف وزراء وقادة الشرعية على أراضيها وتنفق عليهم.
ولا شكّ أنّ التحالف العربي يعمل على إعادة هيكلة الأمر بشكل كامل، والعمل على ضبط بوصلة الحرب التي شوّهها "الإصلاح" بسبب اختراقه لحكومة الشرعية، وتعاونه مع المليشيات الحوثية وتسليمه العديد من المواقع الاستراتيجية لهم أو تجميد جبهات أخرى، ما كبَّد التحالف تأخُّر حسم المواجهة عسكريًّا.
هذه المعادلة، تُفسِّر الحالة الكبيرة من التخبُّط التي تسيطر على أداء حكومة الشرعية، حيث يحاول "الإصلاح" بعثرة الأوراق كثيرًا بغية إطالة الأزمة على وضعها الراهن، والعمل على مضاعفة أرباحه سواء ماليًّا أو سياسيًّا.